الأحد 2024-12-15 02:46 ص

هل عراب الخصخصة خط أحمر؟؟

02:06 م

راتب عبابنه

كلنا يتذكر قول جلالة الملك ' لا أحد فوق القانون ' عندما أدلى به في سياق الحديث عن الشروع بالإصلاح ومحاربة الفساد وأركانه. وهذا يعني وبلا أدنى شك أن الحرب على الفساد ومؤسسيه لن تستثني أحدا مهما ارتفع مقامه ومهما كان قربه من العائلة المالكة حتى وإن كان صهرهم وليد الكردي. فقد تم الحجز على ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة. وهذا أثلج صدور الأردنيين الغيورين على أردنهم وباتوا يلمسون ما انتظروه طويلا من تجاوب مع المطالب الشعبية وجدية في العمل على تصحيح المسار العام, ولا استثناء لمقرب من فلان أو فلانة بل يد العدالة ستطال كل من وافق أو ساهم أو تواطأ أو دعم ما من شأنه أن يؤدي للإضرار بالوطن من فساد ونهب أموال واستغفال للمواطن وتلاعب بمقدرات الوطن وقوت الشعب.

كنا نتمنى وننتظر أن يتم الشروع بجلب الفاسدين للتحقيق والمقاضاة منذ بداية الإنفجار العربي إذ يبدو أن المعنيين راهنوا على أن الأمر زوبعة في فنجان لن تطول. فلم يتعظوا من الدول الإنفجارية وما حل بها. وحاولوا كسب الوقت لكن أتت الحراكات بما لا يشتهي المنظرون وما لم يكن يوما بحسبانهم متذرعين بالخصوصية والقدرة على السيطرة ولم يدر بخلدهم أن الشعوب وإن سكتت فلن تبقى ساكتة للأبد , فلكل شيء نهاية. لقد كان من الممكن تجنب الإزعاج والتوتر والتصعيد وتوفير الجهد والقلق لو لم يكن الإصلاح سلحفائيا.

لقد كانت سلحفائية النهج هي المحرك والدافع الذي أعطى المبرر لاستمرارية الحراك الشعبي المطلبي. ناهيك عن أن الشعب وصل لقناعة تامة بأنه يعاقب وهو الضحية والجناة يبرأون. ظلم واضح وغياب عدالة قهرنا ورقابة مغيبة سمحت للفساد أن يستشري وللفاسدين أن يتوالدوا ويتكاثروا في ظل الثقة المطلقة التي غابت عنها عين الرقيب بعد غياب المخافة من الله والتجرد من الضمير. على أية حال, بدأنا نلمس بعض الجدية يتحقق وهو الشيء الذي تاق له الأردنيون الغيارى لما اكتووا به من نار الحائزين على الثقة المطلقة.

كانت البداية مع مدير أهم وأخطر جهاز امني أردنيا وأقليميا. وها هو صهر العائلة المالكة وليد الكردي لم يستثنى من جدية النهج القويم والتوجه السليم نحو إحقاق الحق. ما يتمناه الأردنيون ويصرون عليه هو تقديم كل الفاسدين بلا استثناء للقضاء تفعيلا لقول جلالته ' لا أحد فوق القانون' .

والأردنيون الشرفاء والغيارى على وطنهم ونجاح مسيرته وضمان مستقبله ينتظرون جلب من كان محور الفساد وعراب الخصخصة ومنظر عمليات البيع ومفقر الشعب ومهلك الخزينة وصاحب نظرية التكامل الإقتصادي والإجتماعي الذي تبين أنه خراب اقتصادي وتفكيك اجتماعي. لا أعتقد أن الحراك سيهدأ والتظاهر ينتهي والمطالب تتوقف ما لم يجلب بهلوان التخطيط المدمر والتنظير البرّاق الذي كان دمغة لعدة وزارات تعنى بالشأن الإقتصادي والمالي إذ كان ببهلوانيته يقفز من وزارة لأخرى ليزيد من بذر بذوره الفاسدة أينما حلّ لتنبت له من الفاسدين ما يجعله قرير العين على أن بذور فساده قد أينعت وأخذت مأخذها.

ترى, هل هو خط أحمر محرم الإقتراب منه؟؟ لماذا؟؟ وما سر ذلك الرجل؟؟ هل عدم رده على منتقديه سُمُوّ أخلاق منه أم أن السكوت يخفي وراءه ما يخفي؟؟ هل ما تتناقله الصحافة بشأن دعمه لمرشحين لمجلس النواب لتشكيل لوبي نيابي صحيح؟؟ إن صح ذلك فستكون الطامة الكبرى والسكوت عنه لغاية الآن هو جريمة بعينها!!

لقد جمعتني جلسة مع نائب سابق ومرشح حالي وقد أدلى بدلوه بخصوص البهلوان قائلا أنه خط أحمر لا أحد يمكنه محاسبته. أليس هناك حاجة لمن يفك سر هذا الشخص؟؟ كيف سيستقيم الأمر إذن؟؟ لماذا لم يكن الأردن خطا أحمرا عنده؟؟ لماذا لم يكن المواطن خطا أحمرا كذلك؟؟ لماذا وكيف يتم السكوت عنه وقد تجاوز كل الخطوط وبكل الألوان؟؟ كيف يتم التستر على شخص أفقر شعبا وأهلك وطنا؟؟ هل الوطن بهذا الرخص وهل ذلك البائع المخصخص بهذه الأهمية؟؟ مقدرات سيادية بيعت وشركات مواردية خصخصت وخطط إفقارية نُفذت ومواطنون جوِّعوا وكأن شيئا لم يكن. ألسنا نعيش أحد فصول ملهاة تسخر من عقولنا وتستخف بمشاعرنا وتستهتر بوعينا؟؟ أليس من نهاية لهذه التراجيديا الأردنية التي سيهلك كل أبطالها لا محالة إذا لم تعاد حبكتها؟؟

لم يعد هناك إثنان يختلفان على أن الخطايا القاتلة التي ارتكبها من يوصف بالبهلوان وانعكست سوءا على شعب ووطن ونظام لم تكن ناتجة عن اجتهاد يخطئ صاحبه أو يصيب بل نتجت عن سابق تخطيط مدروس نتائجه معروفة مسبقا وهي الإنحدار بالأردن الوطن لأدنى درجات الحاجة والعوز لتسهيل تمرير مخطط تآمري كان البهلوان أحد أدوات تنفيذه ووكيلا ينوب عن آلهته في أرض الأردن. وكل ذلك نتج عن توافر الثقة المطلقة وانعدام الرقابة وغياب المحاسبة. وحتى وجود هيئة مكافحة الفساد لم يرقى أداءها لتشخيص مسماها بل مسمى ذو جاذبية مفرغ من الدور الذي يفترض أنه أنيط بها. وتشكيل لجنة تعزيز النزاهة مؤشر واضح الدلالة على انعدام جدوى هيئة مكافحة الفساد أو عدم الرضا الملكي عن نجاعة دورها وأدائها.

وتشكيل الهيئات واللجان وتشريع القوانين التي تبدو ظاهريا موجودة لمكافحة الفساد ورافدا للإصلاح, نأمل منها ألا تكون شعارا دون تطبيق أو مسكنا لكسب الوقت, بل نريدها فاعلة مفعلة وذات صلاحيات لا تخشى إلا خالقها. نأمل أن يكون كل عضو بمثابة قاضٍ حكمه يستند على إحقاق الحق لا مجاملة ولا محسوبية ولا رضوخ لضغط.

نخلص إلى أن الخطوط الحمراء تظهر جلية عند العبث بالوطن وليس عند محاسبة من يعبثون بالوطن. كلنا خطوط حمراء عندما تستشعر مجساتنا عبثا بالوطن.

حمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.


راتب عبابنه

ababneh1958@yahoo.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة