الجمعة 2024-12-13 19:29 م

هل يمكن تغيير الثقافات بنفس الاشخاص

03:22 م

احمد محمود سعيد

هل يمكن ان تتحول الثقافات
بنفس الاشخاص والظروف
يشير المؤرخ والفيلسوف السياسي كونتن سكينر إلى أن الأسقف الألماني أوتو فون فرايسينج الذي زار شمال إيطاليا خلال القرن الثاني عشر لاحظ وجود شكل جديد ومنتشر من التنظيم السياسي والاجتماعي، مشيراً إلى أن إيطاليا على ما يبدو تركت الإقطاعية وأصبح مجتمعها مبنياً على التجارة . وارتبط بهذا أفكار معادية للملكية، متمثلة في الرسمة الجصيّة الشهيرة في أوائل عصر النهضة حكاية الحكومة الجيدة والحكومة السيئة في سيينا التي رسمها أمبروجيو لورنزيتي وكانت تحمل رسائل قوية حول فضائل العدل والعدالة والجمهورية والإدارة الجيدة. استطاعت جمهوريات المدن الإيطالية تكريس مفاهيم الحرية في نفس الوقت الذي كانت تكبح فيه جماح الامبراطورية والكنيسة. يروي سكينر أن هناك العديد من حماة الحرية الفردية مثل احتفال ماتيو بالميري بعبقرية فلورنسا ليس فقط في النحت والفن والعمارة، ولكن أيضاً 'بالازدهار الملحوظ في الفلسفة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها فلورنسا في نفس الوقت'.
حتى المدن والدول خارج وسط إيطاليا، مثل جمهورية فلورنسا آنذاك، كانت مشهورة أيضاً بكونها جمهوريات تجار، وخاصة جمهورية البندقية. ولم تكن تشبه الديمقراطية الحديثة إلا بشكل طفيف، إلا أنها كانت ولايات متجاوبة وتحتوي على بعض مزايا الديمقراطية، مع أشكال من المشاركة في الحكم والإيمان بالحرية الفردية. أفضت الحرية السياسية النسبية المتوفرة إلى تقدم أكاديمي وفني. وبالمثل, فإن موقع المدن الإيطالية مثل البندقية والمراكز التجارية الكبرى جعلتها في مفترق طرق ثقافي. جلب التجار معهم الأفكار من أصقاع العالم، و بالتحديد من المشرق العربي. كانت البندقية بوابة أوروبا التجارية، ومنتجة للزجاج الجيد، بينما كانت فلورنسا عاصمة لصناعة النسيج. كانت هذه الثروات المتدفقة إلى إيطاليا بسبب هذه الأعمال التجارية تعني أن بالإمكان تعميد المشاريع الفنية العامة أو الخاصة، وأيضا أن بإمكان الأفراد تخصيص أوقات فراغ أكبر للدراسة.
[ترى أحد النظريات المطروحة أن الدمار الذي تسبب به الموت الأسود (الطاعون) في فلورنسا، والذي أصاب أوروبا بين عامي 1348 و 1350 كان سبباً في تحول نظرة الإيطاليين للعالم من حولهم في القرن الرابع عشر. ضرب الطاعون إيطاليا بالذات بشكل شديد، وقيل أن الألفة مع الموت جعلت المفكرين يتأملون أكثر بحياتهم على هذه الأرض بدلاً من الحياة الآخرة والروحانية. كما قيل أن الطاعون دفع موجة جديدة من التقوى، والتي تجلت في رعاية الأعمال الفنية الدينية. ولكن هذا لايفسر بشكل كامل لماذا حدث عصر النهضة في القرن الرابع عشر في ايطاليا على وجه التحديد. فوباء الموت الأسود قد أصاب جميع أنحاء أوروبا، وليس فقط إيطاليا.
كان للانخفاض السكاني بسبب الطاعون بعض العواقب الاقتصادية: انخفضت أسعار المواد الغذائية، وانخفضت قيمة الأراضي بنسبة 30? إلى 40? في معظم أنحاء أوروبا بين 1350 و 1400. كما واجه ملاك الأراضي خسارة كبيرة، ولكن بالنسبة للرجال والنساء العاديين، فقد كانت تلك مفاجئة سارّة. لم يجد الناجون من الطاعون فقط أسعار الغذاء منخفضة، بل وجدوا أيضا العديد من الأراضي المتاحة، و الغالبية منهم كان قد ورثها من أقاربه الذين ماتوا.
وقد امتدّ عصر النهضة الاوروبيّة ةعلى مدى عدّة قرون من القرن الثاني عشر حتّى القرن السابع عشر قاسى فيه الاروبيون ظروفا صعبة ولكنّهم تعلّموا كثيرا واستفادوا ممّا تعلّموا وكرّسوه لتغيير ثقافاتهم وبالتالي تغيير انماط حياتهم وسارت شعوبهم وحكّامهم على الخط الصحيح الذي كان عامرا باديموقراطيّة ولحريّة والصدق والمصداقيّة والسلميّة في التعبير والمشاركة في صنع القرار وحماية اوطانهم وخلال هذه القرون تغيّرت السلالات الحاكمة والرجال الذين حكموا لسنين طويلة وتبدّلت الاسماء والشخصيّات والوجوه لنرى الان حكّاما لا يقبلون بطول فترة حكمهم لانهم يؤمنون بالتغيير وان الدماء الجديدة غالبا ما يكون لديها الجديد والمناسب للزمن الحالي وهؤلاء الزعماء يذكرهم التاريخ وشعوبهم بالخير فمن ينسى المستشار الالماني السابق هيلموت شميت والالماني وغيرهم هيلموت كول وارادة الشعوب هي الغالبة في اختيار قياداتهم حسب الدساتير والقوانين النافذة في بلدانهم .
اما نحن العرب فاننا بحاجة لقرون عديدة لنفهم بعض اولا وثم نُفهم العالم ماذا نريد وثمّ لنتعلّم كيف ننصت ونستمع لغيرناوهذا يتطلّب تدريب الأجنّة في ارحام امّهاتهم لعدة اجيال من النساء ليلدن جير نبدأ بعده مرحلة النهوض وزالدليل اننا كنّا صامتين مخروسين قبل الربيع واصبحنا اسودا على بعضنا بعد البيع والخاسر هم شهداء الربيع وقتلاه امّا ثقافاتنا فلم تتغيّر ولم تتبدّل وممارسات حكّامنا لم تتبدّل لانهم من اصحاب ثقافات ما قبل الربيع وقد زاد عليه الخوف من سرقة الشعوب دون الانتباه والتحفّظ والسريّة التامّة عند تنفيذ اي سرقات وليس كالحكّام ما قيل الربيع فهل هذا يُعتبر نهضة بالطبع كلاّ مع اننا نتغنّى بالمشروع النهضوي منذ عشرات السنين فقد قلّدنا الاشتراكيّين والشيوعيّين احلامهم ولم تطل اكثر من سبعين سنة فلم ينجحو ونحن كذلك .
وقلّدنا بعض الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في اكلهم ولبسهم وفي صلواتهم ونسيينا ان ن نقتدي بهم بعدلهم وامانتهم وايثارهم وعفاف انفسهم وتواضعهم ورد الحقوق لاصحابها ورفع الظلم وإحقاق الحق ولو كان على ابن الخليفة والسماع للفقير قبل الغني ونشر المساواة والحض على الزكاة والتكافل الاجتماعي واعطاء الفرص للجميع ومضوا القادة المسلمون حقّا رحمهم الله وبقينا نحن نتحزّب من اجل الكراسي وتحقيق المكاسب بانتظار ان نصل للقدوة ولن نصل ان بقينا على هذا الحال .
وكان يجدر ان ندرس التجربة الاوروبيّه وعصر نهضتهم والاستفادة من الخطوات الادارية والاجتماعية والاقتصادية التي اتبعوها ودمجناها مع القيم الاسلاميّة في ديننا الحنيف مع اتباع القران يُغني عن ايتعليمات مدنيّة دنيويّة عندها لن يأخذ التحوّل والتغيير قرونا طويلة ولكنّ الذي يأخذ وقتا هو التصميم وقوّة الارادة والصبر وبعد ذلك تربية اطفالنا على ذلك من بعد تربية انفسنا وتعويدها عليه .
لاننا ونحن بهذه العقليّة المغلقة والمحشوّة بالانانيّة والملبّدة بغبار المؤامرات والخيانة والالتجاء للغريب اضعنا الاندلس والاسكندرون والجزر والجولان وفلسطين وغيرها على الباب وهزمنا في كل معاركنا الحدوديّة والسياسيّة والاجتماعيّة ومقابل ذلك انتصرنا في معارك الفساد وليس ضدذه ومعارك الجنس وليس البعد عنه وجمع المال وليس التكافل به وقد آن لنا ان نتغيّر ونبدأ عقود التغيير في بيوتنا ومدارستا ومجتمعاتنا والله الموفّق ومن غير المعقول ان نغيّر انفسنا وثقافاتنا عن طريق نفس الاشخاص الذين خرّبوا المجتمعات العربيّة على مرّْ السنين .
وندعوا الله ان يحمي بلدنا ارضا وشعبا وقيادة .
رحم الله امامنا فضيلة الإمام محمد عبده الذي قال زرت بلاد الفرنجة فوجدت الإسلام ولم أجد المسلمين وذهبت إلى بلاد الإسلام فوجدت الإسلام ولم أجد المسلمين .
احمد محمود سعيد


ambanr@hotmail.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة