ما حدث في وزارة الاوقاف له وجهان : احدهما محزن والاخر مخجل بامتياز .
قبل ان أستعرض تفاصيل الوجهين , لدي ملاحظة أستئذن بتسجيلها على الهامش وهي انني منذ نحو ثلاثين سنة انشغلت فيها بمتابعة المؤسسات الدينية , ووزارة الاوقاف تحديدا , لم اشهد مثل هذا الذي يحدث في الاوقاف , سواء من جهة التسرع في اتخاذ القرارات الادارية , او حالة الجمود التي عطلت الحركة والاداء فيها , او “ الخفة “ التي يجري التعامل فيها مع الشأن الديني والاهداف التي يفترض ان تنهض الوزارة لانجازها .
حين ندقق في الوجه المحزن لا نجد سوى عنوان واحد يمكن ان نذهب اليه , وهو “ الفشل “ , فقد انتهت تجربة “ المسجد الجامع “ التي روجت الوزارة لها منذ شهور , واعتبرتها في اولوية مشروعاتها ، الى الفشل , بعد ان اكتشفت ان الموضوع كان مجرد “ فزعة “ ولم تسبقه اي دراسة ميدانية جادة , كما ان مقررات الخطبة الموحدة التي ما تزال الوزارة تتبناها وتعاقب الخطباء غير الملتزمين بها , ولدت اصلا ميتة , فعلى امتداد تاريخنا الاسلامي كله لم نشهد اي محاولة لتأميم المساجد وتوحيد خطب الجمعة الا قبل الف عام حين نشبت حروب الحمدانيين ضد الروم في بلاد الشام , آنذاك كتب خطيب حلب ابن نباته مجموعة من الخطب ( جمعت في ديوان باسمه) واسترشد بها الخطباء للحث على الجهاد ضد الروم .
هل لدى الوزارة مشاريع اخرى او انجازات على امتداد الشهور الماضية ؟ لم اسمع للاسف بشيء , اللهم سوى حدثين : احدهما يتعلق باحالة بعض شركات الحج والعمرة للنائب العام بتهمة مخالفة نظام وتعليمات الحج , ثم احالة احد موظفيها للقضاء , بتهمة الاساءة للمال العام بعد احالة مدير الرقابة العامة السابق للتقاعد علما ان وصولات المقبوضات المالية التي تورط بفقدانها تعود للاعوام من 2013- 2015 ، اما الحدث الاخر ( الانجاز ان شئت ) فيتعلق بقرار تحويل عدد من المستثمرين والمستأجرين لعقارات تتبع لدائرة الوقف الى دائرة الاموال العامة لتحصيل جميع المستحقات المالية المرتبة عليهم , وهو ملف سأتجنب الخوض فيه الان , لكي اتساءل فقط : ايهما اولى ان تفتح الوزارة ملف”الوقف” بما يشتمل عليه من اراض وعقارات بالملايين لا تعرف عن معظمها اي شئ , ام ان تتعلق بالتحصيل لعقارات وقفها بعض الموسرين واصبحت مساكن ومتاجر لابنائهم؟ .
اذا دققنا في الوجه “ المخجل “ سنجد امامنا صورتين – على الاقل – صادمتين , خذ مثلا هذه الصورة الخبرية : احبطت وزارة الاوقاف مخططا لتخريب موسم الحج , المخطط كما ذكر الوزير انذاك من فوق جبل عرفات – استهدف قطع الكهرباء وادخال الحجاج الاردنيين الفرادى الى مخيمات بعثة الحج الاردنية , لم ينس – بالطبع – ان يؤكد ان اسماء بعض المتورطين اصبحت لدى الوزارة وانه سيتم محاسبتهم , موسم الحج انتهى بالطبع ولم نعرف بعد فيما اذا كان المخطط حقيقيا ام لا وفيما اذا ما كان المتورطون في المؤامرة تم محاسبتهم ام أخلي سبيلهم ..!.
خذ – ايضا – هذا المسلسل الاخير الذي يتعلق بقضية” التمويل” من قبل الوكالة الامريكية للتنمية لبناء مركز في الزرقاء لتأهيل الائمة والخطباء, بدأت القصة بخبر على لسان مدير اوقاف الزرقاء ذكر فيه ان الوكالة وافقت على دفع مبلغ قدره ( 320 ) الف دينار لتمويل هذا المركز , تدخل الوزير فنفى ذلك , ثم قرر تشكيل لجنة للتحقيق مع مدير اوقاف الزرقاء , وبعد يوم واحد اثبتت اللجنة عدم تلقي المدير لاي تمويل وتم تبرئته , وبعد ساعات فقط سربت وسائل الاعلام كتابا رسميا وقع عليه الوزير، وبموجبه يوافق على “ منحة “ الوكالة ويشكرها على ما تقدمه من مساعدة .
سأترك التعليق على موضوع التمويل لمناسبة اخرى، لكن هذا “ الارتباك “ في التعامل معه وضع الوزارة في موقف مخجل امام الجميع , اذ كيف يمكن ان نتصور ان مديرا للاوقاف يمكن ان ينسق مع وكالة في الخارج من اجل الحصول على تمويل بهذا الحجم دون علم مركز الوزارة , ثم ما الذي دفع الوزارة الى “فبركة” هذا المسلسل الطويل مع انه كان بالامكان التعامل مع الموضوع بنزاهة وشفافية منذ البداية .
لا اجد اي تعليق على ذلك , لكن بقي لدي ملاحظة اخيرة اضعها امام رئيس الوزراء، وهي ان اداء وزارة مثل الاوقاف كان يجب ان يكون نموذجا لاداء كافة الوزارات والمؤسسات في بلدنا, ليس لانها تتحدث باسم الدين وقيمة السامية فقط , وانما لانها تشكل درعا لحماية مجتمعنا من التطرف الذي خرج من قمقمه في المنطقة من حولنا , ترى هل يرضى دولة الرئيس الدكتور هاني الملقي بما حدث ؟ .
سنكمل ان شاء الله .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو