السبت 2024-12-14 19:29 م

يذرِفون «دموع التماسيح» .. على حلب!.

12:13 م








بعد ان تهاوت خطوط دفاع المجموعات الارهابية وانكسرت شوكتهم في شرقي حلب، وخصوصا بعد الانهيارات المُتسارِعة التي اعقبت مواجهات الايام الاخيرة وسيطرة الجيش السوري على اثني عشر حيّاً من الأحياء الشرقية، ارتفعت نبرة جوقة داعمي هؤلاء الارهابيين في المنطقة وعبر المحيطات، وراحوا يُحذِرون من مجزرة تُرتكَب في المدينة بحق «المدنيين», وبرز الصوت الفرنسي أكثر ارتفاعا وضجيجا (وان كان يُخفي عجزا وخيبة امل واضحة, بعد سقوط رهانات عواصم الغرب الامبريالي على امكانية حدوث مُعجزة, تحول دون هزيمة ساحقة باتت تلوح في افق ارهابيي حلب) الى درجة ان رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان مارك ايرولت, طلَبَ عقد اجتماع لمجلس الامن الدولي «فوراً» لبحث الكارثة الانسانية في حلب, ولم يتردد في إضفاء المزيد من «الدراما» ونحت المُصطلحات المُثيرة في اطار دعوته, واصفاً حلب.. بـِ»المدينة الشهيدة».


هنا والآن.. وحتى لا تغيب الحقائق في ضجيج وغبار التصعيد الكلامي والبروباغندا التي يُتقِنها احفاد المُستعْمِرين القدامى ومَنْ حالفهم مِن العرب والسلاجقة، يجدر بنا العودة الى الماضي القريب, مجرد اشهر معدودات ما تزال اصداؤها تتردّد,في آذان مَن تُسعفهم ذاكرتهم ولم يقعوا ضحايا هذه المصطلحات والدعاية المغسولة التي يبثها الاعلام الغربي وبعض العربي، ونقصد.. شهر تموز الماضي عندما نجح الجيش السوري وحلفاؤه في إحكام الحصار على أحياء شرقي حلب التي تتمترس فيها الجماعات المسلحة، فقام عناصرها بهجمة مباغتة استطاعت خلالها إحداث «ثغرة» في هذا الطوق ومن منطقة الكليات العسكرية بالتحديد, ما اثار الفرح في صفوف الحلفاء وراحوا يتحدثون عن سقوط حلب بأكملها في يد الارهابيين, ما لبثت ان تبعتها معركة جديدة اعلنها المسلحون وحملت اسم «ابو عمر سراقب» قبل شهر من الآن (نهاية تشرين الأول الماضي) التي عوّل عليها المسلحون وحلفاؤهم الاقليميون كثيراً, كونها جاءت في اطار «ملحمة حلب الكبرى» لكن كل هذه الاوهام تبدّدت، ليس فقط بعد ان استعاد الجيش السوري النقاط والمواقع التي خسرها بما في ذلك ضاحية الاسد ومشروع ال»1070» شقة، وانما ايضا في الرفض الوقِح والعناد الذي ابدته قيادات هؤلاء (بتشجيع ودعم من رُعاتهم) للهُدَن التي اعلنها الجيش السوري والممرات التي جهّزها الحلفاء والروس للمدنيين والمسلحين للخروج الى اي مكان يختارونه وبأسلحتهم, بل ان دي ميستورا الذي يهب دائما عندما يلوح مأزق المعارضة وامكانية هزيمتها في الافق، ابدى استعداده لمرافقتهم (طبعا كان ذلك قبل ان يطلب من دمشق خلال زيارته الاخيرة لها, الموافقة على «ادارة ذاتية» لشرقي حلب) لكنهم من فرط شعورهم بفائض القوة واستنادهم الى وعود الدعم الخُلبيّة, التي بذلها لهم رعاتهم في انقرة والمنطقة العربية، رفضوا و كابروا.

ما تلا ذلك بات عنوانه على الجدار, والميادين كشفت هشاشة وعقم الرهان على جماعات ارهابية، ليست في واقع الحال سوى عصابات مرتزقة ومأجورة لعواصم في الاقليم وعبر المحيطات، ناهيك عن حال الاعياء والإفلاس التي تعيشها معارضات الفنادق, التي لم تعد قادرة على فعل اي شيء او التأثير في مجريات الاحداث, بعد ان ركلها «اصدقاء سوريا» واداروا لها ظهورهم, كون دورهم انتهى, تماما كما فشلوا في الاختبار «الوطني» لأنهم يفتقدون ابسط مقومات المعارضة «الناضجة» التي تُتقِن قواعد لعبة المفاوضات والخيال السياسي واغتنام الفرص لتجنيب وطنهم وشعبهم الخراب والدمار, وذل اللجوء والجوع وفقدان الأمل.

تشدّدوا ورفعوا «السقوف» عالياً ولم يلتفتوا الى صوت المنطق وحقائق الميادين وموازين القوى وواصلوا الارتهان لدافعي تذاكر سفرهم ومؤتمراتهم وفنادقهم وحساباتهم البنكية وتخلوا عن ابسط شروط الكرامة الوطنية، وظنوا ان استيلاء مجموعة ارهابية على مدينة او بلدة او معسكر كفيل بإسقاط الدولة السورية ووصولهم الى الحكم على الدبابات التركية التي وُعِدوا كثيرا بانها ستكون في خدمتهم, لكن احفاد العثمانيين الجدد خذلوهم وواصلوا العمل بدأب وخبث وثأر وانتقام مُقيم من العروبة و»الجغرافية» التي تكرّست بعد اتفاقية لوزان 1923، الى ان جاءت غزوة «درع الفرات» لكشف المستور العثماني ووضع المعارضات التي يقيم معظمها في اسطنبول, لكنها لا تجد من يُهاتفها او يسألها رأياً او يحفل بها.

ولِأن «درع الفرات» وصلت الى مأزقها «الاستراتيجي» بعد ان توقفت عند «تخوم» مدينة الباب, وبخاصة بعد ان حرّر الجيش السوري القطاع الشمالي من احياء حلب الشرقية، فان اردوغان عاد الى بث اسطوانته المشروخة والمعروفة اصلا, عندما زعم بانه: لا يطمع في حبة تراب من الاراضي السورية، لكنه (وهنا المهم) يزعم انه دخل الاراضي السورية لحماية الاصحاب «الحقيقيين» للارض وإقامة العدل» ولم تكن زلة لسان منه عندما اردف يقول: دخلنا لإنهاء حكم الأسد الوحشي، الذي يمارس سياسة ارهاب الدولة وليس لأي شيء آخر «ختم السلطان خطابه.

أضغاث أحلام ظن حفيد العثمانيين والسلاجقة انه قادر على تحقيقها, برهانه أولاً على رهط من المعارضين والمنشقين وخصوصاً الإرهابيين, ولما خاب امله سريعا دفع بقواته مُوهِماً نفسه انها ستكون نزهة, فإذا به «فخ» لن ينجو منه بالتأكيد.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة