الأحد 2024-12-15 01:56 ص

يعملون عكس رغبات الملك

02:50 ص

في جلسة عصف ذهني مع شخصيتين من أبرز الشخصيات السياسية المطلعة والمشاركة والمؤثرة في صنع القرار، بمرافقة عدد من الزملاء الكتّاب، كان السؤال الأبرز الذي طُرح من الطرفين، لماذا لم تحمل المؤسسات الرسمية الأفكار و الروئ التي تقدم بها رأس الدولة في الأوراق النقاشية الأربعة، التي كان آخرها ورقة التمكين الديمقراطي؟

أوراق الملك النقاشية بدأت في الأولى حول 'مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة' والثانية 'تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين' والثالثة 'أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة' والرابعة' نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة'، هذه الأوراق على أهمية ما فيها بقيت معلقة في الهواء، ولم تفكر جهة ما أن تخلق لها أرجلا تدب على الأرض.
ما حدث على الأرض هو قيام بعض الكتّاب والمعلقين بنشر مقالات ومتابعات حول ما جاء في هذه الأوراق، واتسمت كل هذه المقالات بالإشادة بما جاء فيها، كما قامت وكالة الأنباء والصحف الرسمية بإجراء مقابلات مع شخصيات معروفة أشادت أيضا بهذه الأوراق، وبعد يومين أو ثلاثة انتهت القصة، ولم يعد احد يفتح صفحاتها ويناقش محاورها.
هذا يفتح على قضية أخرى مرتبطة ارتباطا وثيقا بمسيرة الإصلاح التي نتحدث عنها منذ اكثر من عامين، وبسؤال يطرحه المهتمون، ولا يجدون له جوابا، فإذا كان رأس الدولة يدعو إلى الإصلاح والى حماية المسيرة الديمقراطية والى التمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة، فمن هي الجهة التي تعطل هذه التوجهات، وتعمل عكس رغبات الملك؟
قد يقول قائل إنها قوى الشد العكسي المتضررة من هذه التوجهات، وقد يجتهد آخر بأنها بعض المؤسسات التي تتغلغل فيها البيروقراطية، وقد يتشجع آخر ويقول: إن السبب صراع الأجندات داخل بعض المؤسسات المؤثرة، وقد يعلنها رابع بشكل حاسم، إن الأجهزة الأمنية لا ترغب في ذلك؟ ومع كل هذا تبقى الأمور معلقة في الهواء، ولا نصل إلى نتيجة حاسمة.
في الورقة النقاشية الرابعة كان للحدث تجاذبات أخرى ، حتى قيل يومها إن المطبخ السياسي الذي يدير البلاد (إن وجد أصلا) يعمل ضد توجهات الملك، ففي اللحظة التي كان فيها جلالة الملك يرعى حفل إشهار الورقة الرابعة ' نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة'، كانت أجهزة الحكومة تحجب المواقع الإلكترونية ، وفي مساء ذلك اليوم، كان رئيس الوزراء وأمام مجلس النواب يتحدث عن توجيه ملكي بفرض هيبة الدولة في معان، وطبعا بطريقة الأمن الخشن، فهل هذا له علاقة بالتمكين الديمقراطي، أم هو تخريب على هذا التمكين؟
نقطة أخرى لها علاقة بالمؤسسات التي عليها واجب حمل هذه التوجهات وخلق أطر لتجذيرها على الأرض عبر القوانين، فإشهار الورقة الرابعة كان ضمن مسؤوليات صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.
للتذكير فقط، في الحكومة الحالية وزارة اسمها وزارة التنمية السياسية، وهي وزارة موجودة منذ عام 2003 ، وتعاقب عليها عدد من الوزراء المسيسين، فإذا كان 'التمكين الديمقراطي' ليس من المهمات الأساسية لهذه الوزارة، فَبِم سيشتغل العاملون فيها؟
نرفع شعار الإصلاح والمسيرة الديمقراطية منذ عشرات السنين، فهل نحن فعليا جادون في هذا المشروع، أم أن كل هذا للاستهلاك اليومي، ولمتطلبات إبقاء الأبواب مفتوحة؟



gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة