الجمعة 2024-12-13 13:19 م

13 سببا للعنف الجامعي في الاردن

01:03 ص

 د. حسين الخزاعي 


لو حاولت ان تبحث في موضوع العنف الجامعي، وبكبسة زر تصفحت موقع جوجل ستجد ان كاتب هذه السطور منذ عام 2006 وهو يكتب ويحذر ويشدد على موضوع العنف الجامعي،

ويحذر من ان تصبح الجامعة مصدر خطر على الدولة والمجتمع بدلا من مصدر تطوير وتقدم وخدمة المجتمع، فعندما تنتقل المشاجرات من الحرم الجامعي الى خارج اسوار الجامعة، وعندما يستخدم المتشاجرون داخل اسوار الجامعة الادوات التي تستخدم في المشاجرات التي تحدث في الشوارع والحارات خارج الجامعة، وعندما تنتقل المشاجرة من جامعة الى اخرى ومن محافظة الى اخرى ، وعندما يغلب على المشاركة في المشاجرات طابع الفزعة والنخوة - وابشر لعيناك – وتنشغل الوجاهات والمخاتير والذوات والنواب والاعيان في التدخل في شؤون المشاجرات ، وعندما ينشغل رؤساء الجامعات ونواب الرئيس ومجالس العمداء والعمداء ورؤساء الاقسام والمساعدين في الكليات في السيطرة على المشاجرات بدل من الانشغال في تطوير الجامعات والخطط والمناهج وخدمة المجتمع ، عندما ينشغل الاباء والامهات والجدات والخالات والجارات في ابنائهم المتواجدين في الحرم الجامعي عند حودث المشاجرات ويتمنون قدوم اليوم الذي سيتخرج به ابنهم او ابنتهم من الجامعة،

وعندما يعتدي المتشاجرون على ممتلكات الجامعة ويتلفونها ويخربونها ، وعندما تنشغل الفضائيات والمواقع الالكترونية والاعلام بنقل ما يجري في اروقة الجامعات من عنف وايذاء وبث صور قاتمة سوداء عن واقع التعليم الجامعي، ترى هل يجرؤ من يقول ان الجامعة لم تعد مصدرا للخطر على المجتمع والدولة !!!.

اعود الى عنوان المقال، واقدم رؤيتي للعنف الجامعية من الداخل ، سابتعد عن التفلسف والاستعراض النظري الذي لا يخدم مواجهة العنف الجامعي، من خلال خبرتي المتواضعه في العمل الاكاديمي والاداري ورصدي المتواصل لقضية العنف الجامعي، اقدم الاسباب التي تؤدي الى العنف والتي تتمثل فيما يلي :


1 – الفهم الخاطيء من قبل الطلاب – للكرامه – فالطالب بمجرد ان يتعرض الى اي موقف من زميل له في الحرم الجامعي وبدون قصد او تربص مسبق ، يفسر بعض الطلبة هذا الموقف بانه اعتداء يقلل من كرامتهم وهيبتهم امام اصدقائهم ، ومعظم المشاجرات التي حصلت في الجامعات كان سببها – ليش تجحرني – مش عاجبك كلامي – هذا المقعد ملكي – لماذا ترفع صوتك – اعرف مع مين بتحكي، هاي الطالبة قرابتي ليش تحكي معاها ، وهذا سواليف يمكن مواجهتها في قليل من الصبر والحكمة وسعة الصدر وعدم المبالغة في رد الفعل والظهور بموقف البطولة والرجوله .


2 – عدم التوجيه والارشاد من قبل الاهل للابناء قبل التحاقهم في الجامعات ، باعتبار ان الابناء قد كبروا وقبلوا في الجامعات وهذا يعني انهم اصبحوا يعتمدون على انفسهم ولا يتابعون من قبل الاهل ، وهذه مشكلة كبيرة اذ يتحول الاب الى ممول فقط لابنائه في الجامعة فيجب على الاهل الجلوس الدائم ومتابعتهم اولا بأول حتى لا يقع الابناء في الاخطاء .وهذه الملاحظة ايضا تقدم للطالبات فعلى الامهات الجلوس مع بناتهم قبل التحاقهم في الجامعات وتقديم المشورة والنصيحة لهم بان في الجامعات طلبة على خلق كبير وطلبة لا يراعون المشاعر الانسانية والاخلاق النبيلة ، وبمجرد تعرض الفتاه الى اي موقف من طالب عليها اللجوء الى الادارات المعنية في الجامعه وعدم تضخيم وتكبير الامور .


3 – عدم اختيار الصديق الذي يتحلى في السمعة الحسنة والاخلاق النبيلة ، الصديق النقي والتقي الحريص على مصلحة صديقه ومستقبله ، ويكون القدوة الحسنة ينصحه النصيحة الصادقة، والمتثله في الانشغال في طلب العلم وحضور المحاضرات والقيام بالواجبات الدراسية والبعد عن الايذاء او التسبب بالضرر للاخرين . يجب التركيز على الصديق الذي صفاته بشاشة الوجه ، ولطف اللسان ، وسعة القلب ، التنافس الشريف ، التسامح والمحبة وكظم الغيظ ، وعدم التكبر، الصديق الذي يكون وقت الضيق صدوقا في دفع الاذى ورفع الظلم وعدم الجور والاعتداء على الاخرين.


4- عدم انجرار وانجراف الأهل خلف الأبناء في حال ارتكابهم للمشاجرات، واظهار علامات الغضب والتوتر والتحريض للاهل والاقارب وطلب المساندة والمعونه في حال وصولهم اي بلاغ او اتصال بان ابناهم تعرضوا للاعتداء ، وعلى الاهل منح الجامعات فرصة انهاء لجان التحقيق لعملها والتوقف عند مجريات وتفاصيل المشاجرا، ومنح الجامعة الفرصة لتطبيق الانظمة والتعليمات على المخالفين والمتسببين في المشاجرات ؟ وعدم ذهابهم الى الجامعات والاستقواء على العاملين فيها، وعلى الاهل انتظار لجان التحقيق وعدم التسرع في الحكم استنادا الى روايات الابناء وخاصة ان الابناء يتهربون امام ذويهم من المسؤولية، ويتسلحون بتعرظهم للظلم وانهم دافعوا عن انفسهم !!!


5 – ضعف التحصيل الاكاديمي للطلاب المتسببين والمشاركين في المشاجرات والعنف الجامعي ، فالاحصاءات تشير إلى أن(10 % – 20 %) من طلبة الجامعات عليهم انذارات اكاديمية، وأن (5%) عليهم انذار اكاديمي ثاني، وهذا يعني انهم سوف يفصلون من الجامعة بسبب ضعف التحصيل العلمي، والطلبه في مثل هذه الحالات فان الفصل عن طريق المشاركة في العنف يكون بمثابة ( بياض ) وجه لهم بدل من ضعف التحصيل العلمي، وبعد الفصل من الجامعه تبدأ روايات الظلم والبراءه من المشاركة في المشاجرة ، وهذا استر له امام الاهل والاقارب من الفصل الاكاديمي!!!


6 – طول فترة الانسحاب من المواد الدراسية خلال الفصل الدراسي الواحد ، إذ أن تعليمات منح درجة البكالوريوس تمنح الطالب مدة ( 12) اسبوعا من بداية الفصل الدراسي للانسحاب من المادة الدراسيه، علما بان بعض الطلبة يكون بعد مضي شهر واحد فقط قد تجاوز الحد الأعلى للغياب، فلماذا لا يتم حرمان الطالب مباشرة من اكمال الدراسة في المادة العلمية المسجل فيها في حال تجاوزه الحد الأعلى للغياب والمتمثل في غياب(15%) من مجموع المحاضرات . ولماذا ننتظر عليه( 12 ) اسبوعا ، ثم نحرمه من الدخول للامتحان النهائي فقط !! يجب حرمان الطالب الذي يتغيب بدون عذر قاهر او مقبول مباشرة بعد تجاوزه الحد المقرر للغياب حتى لا يبقى مصدر ازعاج داخل المحاضرات او في الجامعة. ويجب البحث عن طريقة جية لابلاغ الاهل بذلك.


7– ثقافة الفزعة والنخوة والقرابة والجهوية، والتعصب الاعمى للقرابة والفهم الخاطيء للعشائرية ، فالعشائر تنبذ العنف ، وتنبذ التعصب وتحارب الاعتداء والابذاء والحاق الضرر بالاخرين . وللاسف في ظل تقوقع العشائر خلف النائب او العين او الوجيه الذي يتصدر حل النزاعات والمشاكل داخل العشيرة ، وفي ظل بعض الحسابات الضيقة ، يلجأ البعض للمماطلة في عدم الحلول السريعه للمشكلات ، والثأر لمواقف سابقة على حساب ابناء العشيرة .
8 – انتشار ثقافة - السداد والدين – في المشاجرات ، فالطلاب الذين يتشاجرون داخل الجامعات ويساندهم بعض ابناء العشائر الاخرى او الاصدقاء الاخرون ، تبقى هذه المساندة بمثابة – دين في رقبة الطلاب – وفي حال اشتراكهم في مشاجرات عليهم اسنادهم والوقوف معهم وسداد الدين، واذا لم يقوموا بسداد هذا الدين يتعرضون للنبذ والايذاء من اصدقائهم !!


9 – انتشار ثقافة الزعامات الطلابية ، وخاصة عند بعض ابناء العشائر والمناطق والتجمعات السكانية ، ويتزعم ابناء هذه العشائر او الفئات والتجمعات السكانية طالب واحد من نفس هذه العشائر والتجمعات السكانية ويرتبط به ابناء هذه العشائر او التجمعات السكانية التي تجكعهم صلات قرابيه ، ويكون هذا الطالب بمستوى السنة الخامسة او السادسة في الدراسة اي انه لم يتخرج بعد من الجامعة ، ويقوم هذا الطالب بادارة وتجميع كافة الطلاب من ابناء عشيرته او منطقته الجغرافية وسرعان ما تبدأ المشاجرة بين طالبين فقط وتتحول الى مشاجرة كبيرة يقودها هذا الزعيم او القائد او العقيد لهم داخل الجامعه.


10 – غياب القدوة الحسنة عند بعض اعضاء الهيئة التدريسية ، وعدم التزام البعض في المحاضرات ، وعدم قيامهم بواجباتهم التعليمية تجاه الطلبة ، فالطالب في الجامعة بحاجة من عضو هيئة التدريس الى ' تعليم جيد، عدم الظلم، عدم امتهان كرامته او الاساءة اليه داخل قاعة المحاضرات ) وخاصة امام زملاه واصدقاءه وربعه. والاستاذ الجامعي يولد شرارة العنف في الجامعات اذا كان دائم التغيب عن المحاضرات ، وغير عادل في توزيع العلامات ، ومتحيز ، وغير متمكن من التدريس .


11 – عدم تعاون بعض اعضاء الهيئة التدريسية عند ارتكاب الطلبة للمشاجرات، البعض يتفرج من الشبابيك ، والبعض يطلب تعليق الدوام ، والبعض الآخر يغادر مكان العمل، وهذا يمنح الطلبة الفرصة للمشاركة في المشاجرات بدلا من ابقائهم داخل المحاضرات واشغالهم بالتعليم.
12 – التنافس غير الشريف على بعض المواقع الادارية داخل الجامعات مثل العمادات ونواب العميد ورؤسا الاقسام ، للاسف نجد ان بعض الاكاديميين يريد ان يكون عميد او نائب عميد أو رئيس قسم ، وهو يعرف ان من يشغل هذه المواقع اقدم واجدر واكفأ منه، لهذا يلجأ وللاسف بعض اعضاء الهيئة التدريسية الى نسج العصابات والشلل الاكاديمية ومحاولات افشال العمادات والادارات عن طريق تحريض الطلاب او نشر الاشاعات بين الطلبة وتحريضهم على الادارات والعملية التعليمية او اللجوء الى توتير الطلاب عن طريق ترسيبهم او عدم تعليمهم بشكل جيد والحاق الظلم والاذى بهم.


13 - عدم قيام بعض العمادات اتباع اسلوب العمل الميداني داخل العمادات ، والانكفاء داخل المكاتب ، وعدم الجلوس مع الطلبة والاستماع الى مشكلاتهم وملاحظاتهم والتقرب منهم ، فالطالب اذا وجد من يسمع له سوف يخفف حدة العنف الموجوده عنده . ولكن اذا ابتعد العميد عن الطلبة ، ولم يجد الطلبة الدعم والحلول عند رؤساء الاقسام او المساعدين فان الحقد والعنف والاذى والانتقام .


وبعد ،،، اعترف ان هناك اسباب كثيرة للعنف لم اتطرق لها ، واعرف ان هناك دراسات وابحاث ومقالات تكتب بشكل يومي عن العنف ، واعرف ان العنف اصبح ظاهرة مقلقة ومربكه للعملية التعليمية . والحل السريع يبدأ من وقف منابع العنف وتجفيفها ، وعلى عمادات الكليات استقطاب الطلاب الذين عليهم انذارات سلوكيه واكاديمية ، واشغال وقت فراغهم ، والالتقاء بهم بشكل دوري ، وتذكيرهم باهمية الاستعداد المتواصل للدراسة ، وامامهم فرص للتخرج والنجاح، واخراجهم من قلق الفصل الدراسي او الانذار الاكاديمي ، ورفع معنوياتهم وتقدير ذاتهم ، وعقد دورات لهم تتعلق بمهارات التركيز والحفظ واشراكهم في نشاطات لامنهجية داخل الجامعه ، ومنحهم شهادات تقدير على انجازاتهم داخل الجامعه بدلا من وصمهم بالعنف والسلبية والفشل الدراسي.


مسك الكلام،،، العنف الجامعي بحاجة إلى حلول سلوكية لمواجهته داخل اسوار الجامعه ، لنعيد قراءة المشهد الذي لخصته في النقاط الواردة اعلاه ، ولنبدأ بالتطبيق ووضع الحلول قبل فوات الاوان!!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة