الوكيل الإخباري - تؤشر الانتخابات النيابية في العاشر من أيلول (سبتمبر) المقبل، إلى مدى القدرة على ترجمة نتائج تحديث المنظومة السياسية، لا سيما ما يتعلق بقانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين، وكذلك التعديلات الدستورية، لتخلق واقعا مواكبا لها، يُبقي قطار الإصلاح على سكته الصحيحة، ليصل بالتالي إلى محطة استقرار، ترسخ نهجا ديمقراطيا يليق بالطموحات والتطلعات على المستويات كافة.
والحقيقة، أن ذلك وغيره لا يمكن لهما الحدوث من دون مشاركة شعبية فاعلة، تؤمن بجدية هذا التحول والبناء عليه لا هدمه، وتشكل في الوقت ذاته، رافعة له على قاعدة وطنية، تدفع باتجاه التغيير والتطوير، لا الاكتفاء بالتمسك بانطباعات أو مواقف سلبية، والدوران في حلقتها المفرغة، بحسب ما نشرته يومية الغد.
الأمر ليس سهلا في ظل أمرين مهمين، الأول: له امتدادات تاريخية تتعلق بموقف مواطنين تجاه الانتساب الى الأحزاب وممارسة النشاط السياسي عموما، والثاني: مرتبط بتراجع نسبة المشاركة في الاقتراع بالانتخابات إلى مستوى متدنٍ.
الأمر الأول، وبرغم البُعد الأمني من الخشية للانتساب الى الأحزاب، لا سيما التي تنتهج خطا معارضا، لكن ذلك لا يعفي الأحزاب نفسها من الإخفاق بتقديم أداء قادر على استقطاب المنتسبين وإقناعهم بأهمية وجدوى ذلك.
ما جاء في قانون الأحزاب الجديد، بشأن منع مساءلة أي شخص بسبب انتمائه الحزبي والضمانات الآمنة لممارسة العمل الحزبي والسياسي، دون أي تضييق أو عوائق، ومنح الحق لهم بالتعويضين المعنوي والمادي حال تعرضهم للمساءلة، خطوة متقدمة في ظل هواجس تضرب في الوعي الجمعي، لجهة المخاوف من أن تدفع ممارسة العمل الحزبي أو السياسي الى مساءلة أمنية، أو تضييق على من ينتمي لحزب، أيا كان اوجهه أو مضمونه.
إلا أن ذلك التشريع، يحتاج وقتا ليس بالقليل ليأخذ مفعوله في الأوساط المجتمعية، لأن الحديث هنا عن عُرف عمره عقود، متغلغل في القناعات التي يعززها عدم اهتمام أو اكتراث بالأساس لفكرة الانتماء للأحزاب، أو حتى ممارسة أي نشاط سياسي لصالح اهتمامات تتعلق بالأوضاع المعيشية، والحرص على عدم الدخول في أي أمر قد يؤثر سلبا بشكل أو بآخر على "الملف الأمني الأبيض" للشخص.
في أجواء كهذه، ثمة وجهة نظر تقفز للواجهة، مفادها بأن تلك الهواجس أو المخاوف تقتصر فقط على من يفكر بالانتساب لأحزاب معارضة أو "ليست على خط الدولة"، بينما يمكن لأي شخص أن ينتسب "آمنا مطمئنا" لأحزاب أخرى، تحظي برضى مراكز صنع قرار، الأمر الذي يحتاج أيضا إلى تفكيكه بدقة، وضمان تطبيق التشريعات على الجميع بدون الوقوع في فخ "خيار وفقوس".
وبالعودة إلى الأمر الثاني آنف الذكر، والمتعلق بالعزوف عن المشاركة في الاقتراع بالانتخابات، فالقرار من قبل ومن بعد للمواطنين أنفسهم، ومنهم من يتخذ موقفا متشنجا تجاه التعاطي مع أي بُعد سياسي، ولا مرونة لديه في مناقشة الأمر على قاعدة "عنزة ولو طارت"، ومنهم من له مبرراته الموضوعية التي تستند إلى فقدان الثقة بجدية طروحات الإصلاح أو إدراكه لأهميتها وجدواها، وكذلك فقدان الثقة بمجلس النواب نفسه، على وقع اهتزاز صورته إلى حد كبير، وهي الفئة الأكبر التي ينبغي التركيز عليها بخطاب جديد، يدفعها إلى إعادة النظر في موقفها، والانخراط في مسؤولية وطنية تتمثل بانتخاب الكفاءات، وعدم إفساح المجال لصعود نواب لا يقدم أداؤهم للمشهد شيئا بل يؤخر.
بهذا الخصوص، ثمة تفاؤل بأن يشكل التنافس الحزبي حافزا للمواطنين للمشاركة في الاقتراع، على اعتبار أن القاعدة السليمة لانتخاب المترشحين، يجب أن تستند على برامجهم ورؤاهم وطروحاتهم، خصوصا في قضايا الشأن العام، وما يمس هموم الناس، وهو ما يمكن إيجاده في الأحزاب التي ستُساءل وتُحاسب شعبيا في حال صعودها للبرلمان وإخفاقها بترجمة ما طرحته ونجحت على أساسه.
في السياق، تجدر الإشارة إلى أن "العتبة الانتخابية" ستنهي ما يمكن تسميته بـ"فوضى الأحزاب" التي بلغ عددها حدا كبيرا يقارب الـ40، وستفرز خلال الانتخابات المقبلة أو التي تليها على أبعد تقدير "الغث من السمين"، وتغربل أحزابا لم تستطع أن تثبت حضورها.
ولا يمكن القفز هنا، عن أن أحزابا قد تواجه تحديات كبيرة تتعلق بعدم قدرتها المالية على مجاراة أحزاب أخرى مقتدرة، في الترويج لبرامجها الانتخابية ولمترشحيها، خصوصا أن الحكومة أوقفت دعمها المالي للأحزاب، بموجب نظام المساهمة المالية، على أن يُستأنف الدعم بقواعد جديدة تستند على نتائج كل حزب في الانتخابات، وذلك في وقت تحول "صراعات" على صدارة القوائم الحزبية دون وصول أحزاب إلى تفاهمات بشأن تشكيل ائتلافات، لخوض الانتخابات قد تخلصها من تحديي "اجتياز العتبة الانتخابية" و"ضعف القدرة المالية".
خلاصة القول، إن الأردن يشهد تحولا إصلاحيا نوعيا، يوجب بشكل أو بآخر، استنهاض "الواجب الوطني" لدى الجميع سواء أفراد أو كيانات، لجهة اغتنام الفرصة وعدم إضاعتها، وفي الوقت نفسه، وضع مراكز صنع القرار أمام اختبار الجدية والشفافية في إدارة الملف، لا سيما أن ما أنجز وما نتج عنه من معطيات، تحفر إلى البناء عليها لمواصلة السير إلى مشهد ديمقراطي أكثر تقدما وتخلصا من "تشوهات الماضي".
ولعل الأهم، هو أن فشل التجربة أو السعي لإفشالها، يعني بشكل أو بآخر إخفاقا عاما لا إخفاق جهة بعينها، وقد يعيدنا للوراء خطوات عديدة، ما يبرز ضرورة المشاركة في المشهد والتحلي بالمسؤولية تجاه التغيير، بدلا من العزوف الذي يجعل صاحبه كمن يريد أن يقطف ثمارا دون أن يزرع شيئا.
-
أخبار متعلقة
-
وزير الثقافة يكرم مدير معرض الكتاب الدولي في الكويت
-
نصف مليون دينار على الأقل قيمة خسائر حريق البالة في إربد
-
اجتماع لمجلس التطوير التربوي بمديرية التربية في لواء الكورة
-
الدكتورة الاردنية الإمام تفوز بجائزة الألكسو للإبداع والابتكار
-
الخطوط القطرية تخفض أسعار رحلاتها بين عمان والدوحة
-
زراعة الوسطية تدعو المزارعين لتقليم أشجار الزيتون
-
بلاغ مرتقب بعطلة رسمية في الاردن
-
الديوان الملكي الهاشمي يعزي عشيرة النعيمات