كيف يستطيع الواحد منا التفكير وسط هذه الحالة غير المسبوقة من التشويش والبلبلة والاختلاط في السمع والبصر ؟ إنها مسألة لا يمكن ضبطها وقد أصبح بإمكان أي فرد أن يقول ما يشاء ، والأخطر من ذلك عندما يكون التشويش مدروسا ومخططا ، تقف وراءه جهات ومراكز وأجندات منظمة ، والأسوأ حين ينجر العقلاء للتيار العارم فيتأثرون بالطاقة السلبية الناجمة عن التشويش ، وينأون بأنفسهم عن المشهد كله ، اعتقادا منهم أن أصواتهم لن تسمع وسط كل هذا الضجيج !
هذا هو وقت التفكير العميق ، والرؤية الواضحة ، والموقف
المعلن ، فليس من المعقول أن نصل إلى هذا الحد من الاستسلام للغموض ، ونجعل منه
أمرا واقعا غير قابل للتبديل أو التغيير ليفرض علينا لاحقا ما كان مجرد بالون
اختبار ، أو مشروعا يمهد له الطريق على إسفلت من الوهن والخضوع لأمر واقع مزعوم !
من منا يعرف أكثر مما يعرف جلالة الملك عبدالله الثاني
بن الحسين حقيقة ما يجري في المنطقة، وحقيقة ما يخطط له في البيت الأبيض الأمريكي
، وفي الكيان الإسرائيلي ، ومع ذلك يتحرك في كل اتجاه ، وهو مدرك أن بإمكانه إحداث
نوع من الاختراق فيما يخص ما تم ترويجه تحت عنوان " صفقة القرن " الذي
لم نسأل أنفسنا كيف تجسد هذا العنوان الفضفاض ليزيد من مساحة الشك والغموض
والتشويش .
لنلاحظ بقدر من التأمل أسماء ومناصب أولئك الذين التقاهم
جلالة الملك في زيارته الأخيرة إلى واشنطن ، جميعهم أقروا له بأنه رجل السلام في
الشرق الأوسط ، وأنهم يحترمون مواقفه وفهمه الإستراتيجي لقضايا المنطقة ، وفي
المقابل ماذا قال لهم عن السلام من وجهة نظر موضوعية غير أنه القائم على منح الشعب
الفلسطيني دولته المستقلة على أرضه بعاصمتها القدس الشرقية ، وأن المسجد الأقصى
والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس خط أحمر ، وأن الأزمات يمكن أن تحل عن
طريق التفاوض السلمي ، وأن وضع حد للمآسي التي تعيشها شعوب هذه المنطقة هو الاختبار
الحقيقي للإنسانية جمعاء .
من الطبيعي أن تتم مراجعة العلاقة الاردنية الأمريكية ،
ومن الضروري أن تظهر الإدارة الأمريكية ومجلسا الشيوخ والنواب التزامهم بأمن
واستقرار الأردن ، ومساعدته على تجاوز أزمته الاقتصادية الناجمة في معظمها عن
الوضع الإقليمي ، وما تحمله الأردن من أعباء في التصدي للإرهاب ، وفي تقديم
الخدمات الإنسانية للاجئين السوريين ، بل وفي رفض إغراءات بعض أطراف النزاع في
المنطقة ، لأن انتهاز الفرص بهذا المعنى لا يستقيم مع إستراتيجيته ، وفهمه لطبيعة
الصراعات ، وموازين القوى الإقليمية والدولية .
أظن أننا مطالبون اليوم على المستوى الوطني بإعادة
حساباتنا لكي نحقق وضعا تفاوضيا أكثر قوة وثباتا وتأثيرا ، أما على الصعيد القومي
، فقد حان الوقت لكي تعيد الدول العربية صياغة موقفها تأسيسا على الموقف الأردني
الواضح ، وذلك ما أعتقد أنه وارد ضمن توجهات جلالة الملك في الأيام القادمة .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو