جدل كبير ومحتدم يشهده الوسط الإعلامي والثقافي والسياسي المصري بدأ منذ الحلقات الأولى لمسلسل الجماعة (الجزء الثاني)، الذي يركّز، بدرجة كبيرة، على التجاذبات داخل الجماعة، وبينهم وبين الضباط الأحرار، وعلى تحولات العلاقة- الصراع بين سيد قطب وجمال عبد الناصر.
بالرغم من أنّ الجزء الثاني مؤدلج ويهدف إلى تشويه الجماعة وضرب صورتها في الشارع المصري، بخاصة في الفترة الراهنة، ويحفر عميقاً في إسقاط شخصيات رمزية لدى الإخوان وأنصارهم، وفي مقدمتهم سيد قطب، الذي يُظهره المسلسل شخصيةً متعجرفة، مسكونا بالعقد النفسية؛ وبالرغم – كذلك- من أن المسلسل يريد خلق قناعة لدى الجمهور بأنّ الإخوان متواطئون وعملاء للإنجليز والأميركيين، وجماعة انتهازية، وقياداتها لا تفكر إلاّ بالمصالح الشخصية؛ مع ذلك تعرّض المسلسل لغارات قاسية وحملات شرسة من قبل إعلاميين وسياسيين ومثقفين، مثل المخرج خالد يوسف، الذي كتب مقالاً يتهم فيه السيناريست وحيد حامد بأنّه نزع الشرعية عن حكام مصر من عبد الناصر للسيسي ومنحها للرئيس المسجون محمد مرسي!
كم أشفقت على مؤلف المسلسل، الدكتور حمادة حسني، رئيس قسم التاريخ بجامعة السويس، ورئيس قسم البحث في المسلسل، وهو يواجه عاصفة من الاتهامات من زملائه الحضور بميوله الإخوانية وبأنّ مسلسله يسيء للعسكر، ويحسّن صورة الإخوان في الشارع، وأنّه خطير على الأمن المصري، في برنامج العاشرة مساءً لوائل الأبراشي.
المفارقة أنّ المسلسل حاول أن يزاوج بين تلك الصورة المشوّهة للإخوان المسلمين وقياداتهم وأدوارهم وبين وجبة معتبرة دسمة من المعرفة التاريخية بالجماعة واللحظة التاريخية التي أعقبت اغتيال البنا وحلّ الجماعة في مصر، وانتقال القيادة إلى الهضيبي، ثم انضمام سيد قطب إليها، فلم يستطع المثقفون والإعلاميون المصريون تحمّل العمل، حتى وإن كان موجّهاً، فكأنّهم يريدون حذف التاريخ بالكامل في حالة يمكن أن نطلق عليها 'هستيريا الإخوان'!
أكثر ما استفزّ المثقفين المصريين أنّ المسلسل أقرّ بأنّ قطب هو المفكر الحقيقي لحركة جمال عبد الناصر وزملائه، وكتاباته كانت الملهمة للضباط الأحرار، بخاصة كتابه 'العدالة الاجتماعية في الإسلام' ومقالاته الثورية، فمثل هذه المعلومة استفزت الحضور وسبّبت هذا الهجوم الشرس على أستاذ التاريخ المسكين، الذي بقي خلال الحلقة في موقف دفاعي، يحلف أغلظ الأيمان أنّه ليس من الإخوان المسلمين!
ذلك لا ينفي أنّ هنالك كمّاً مهماً من المعلومات والبحث التاريخي الجاد، الذي لو كان أكثر موضوعية ومصداقية، وابتعد قليلاً عن الأدلجة السافرة والتوظيف الأمني والسياسي لكان مسلسلاً رائعاً ووثيقة تاريخية تفيد الأجيال الجديدة، وينوّر حتى أبناء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم في الفرق الجوهري بين الشعارات والعاطفة من جهة والسياسات الواقعية من جهةٍ أخرى، ويضعنا في قلب السجالات والمناظرات والصراعات داخل الجماعة، ويجرّدها من 'الهالة الأيديولوجية' فيضعها في السياق النفسي والاجتماعي والواقعي في سلوكها السياسي.
جماعة الإخوان المسلمين ليسوا ملائكة ولا شياطين، في النهاية هم بشر يصيبون ويخطئون، ولهم جوانب إيجابية وأخرى سلبية. لكن محاولات 'شيطنة الجماعة' والمبالغة في الدعاية الإعلامية والسياسية المضادة لها، بما يُشعر المشاهد بأنّ هنالك استغفالاً له وتسخيفاً لعقله بصورة فجّة، سيؤديان إلى نتيجة عكسية.
مسلسل الجماعة، بالرغم من التخمة الأيديولوجية فيه، حافظ على قدر أفضل من الموضوعية في رؤية الأحداث، مقارنةً بمسلسل غرابيب سود، الذي بني من ألفه إلى يائه على نصّ هشّ ركيك وقصص غير صحيحة عما سمي بـ'جهاد النكاح'، بينما كان بإمكان المسلسل إيجاد مليون مدخل آخر لفضح تطرف التنظيم ومهاجمة أعماله الإرهابية!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو