السبت 2024-09-21 08:38 ص
 
 

الخدمات الإلكترونية مقارنة بين الأردن والسعودية

07:21 ص

حدثني صديقي العائد من مدينة جدة بالسعودية، أنه منذ عامين وهو يعمل هناك ولم يراجع وزارة أو مؤسسة حكومية، وكل المعاملات الرسمية أو غيرها من خدمات ينجزها من خلال موبايله أو عبر أي صراف بنكي ATM المنتشرة بالشوارع بكثرة.

اضافة اعلان


لم أصدق أن هذا يحدث بالسعودية، ونحن في الأردن إذا راجعنا دائرة حكومية نقضي ساعات نتنقل من شباك لآخر، والأمثلة على ذلك كثيرة.


صديقي المنبهر بتجربة السعودية، يبلغني أن أهم ما في حياتك هو رقم موبايلك، فكل التعاملات والتواصل معك تستند إلى هذا الرقم، وعليك أن تحافظ عليه، وإذا أردت أن تغيره فالأمر يرتبط بخطوات رسمية من الضروري إنجازها.


ما يحدث في السعودية، جربته بنفسي في دبي، حين بدأت لأول مرة بإجراءات الإقامة هناك، فبعد الفحص الطبي و'التبصيم' وصلتني خلال دقائق رسالة على موبايلي تبلغني برقم معاملتي، ومتى ستنتهي، وفي أي مكان يمكن أن أتسلمها، وبعد ذلك كل الرسائل والتوجيهات تصلني على هذا الرقم حتى الآن.


واليوم وحين أصل إلى دبي، لا أحتاج لأن أقف بطابور الجوازات لأختم 'دخول'، وإنما أذهب إلى البوابات الالكترونية وأضع بطاقة هويتي الإلكترونية لأدخل فوراً من دون عناء.


عودة إلى السعودية، يقول صديقي: لا توجد عيادات صحية متناثرة في كل مكان بجدة، بل مراكز طبية مجمعة حتى لو كانت مملوكة للقطاع الخاص، وهناك لا يستخدمون الورق أو الوصفات الطبية ولا تحتاج إلى كتابة نموذج للمختبر، وآخر للأشعة وثالث لصرف الأدوية، فكل ذلك يحدث على جهاز الكمبيوتر، وحين تذهب للمختبر تجد كل المعلومات عنك قد وصلت والمطلوب تنفيذه واضح، فهي شبكة واحدة، والأمر نفسه يتكرر في الصيدلية.


باختصار ما فوائد ذلك، أولا، لا يقف الصيدلاني ساعة ليفك شيفرة خط الطبيب ويتكهن باسم الدواء ويضطر للاتصال به، والأهم أن هذا يوقف ويمنع التهرب الضريبي، فالتسديد أو الدفع لأي شيء في السعودية لا يتم نقداً بل من خلال البطاقات البنكية.


ويكمل صديقي المغترب، منتقداً الواقع الذي نعيشه في عمّان، والترهل الإداري والتخلف عن ركب التطور، ويعطي أمثلة أخرى، فشرطة السير لا يقفون على الطريق لمخالفة السيارات، بل يمرون بسياراتهم المزودة بكاميرات وتقنيات حديثة، فإن وجدت سيارة في مكان اصطفاف مخالف، صورتها وأبرزت مكان المخالفة ورقم السيارة، وخلال دقائق تكون المخالفة قد أبلغت بها على موبايلك، ولا تستطيع أن تغادر السعودية قبل أن تسددها.


كل إنسان مواطن أو مقيم في السعودية له عنوان وطني، وهو عبارة عن رقم، وهذا الرقم فيه تفاصيل حياتك كافة، فحين تعطيهم رقمك الوطني يعرفون أين تقيم تحديداً، ويعرفون سيرتك الذاتية وأين تعمل!
الخدمات الإلكترونية في السعودية، وأعتقد في دول الخليج، حققت قفزة نوعية، فأنت تشتري وتبيع سيارة بحركات قليلة على الكمبيوتر وفي شركات مرخصة لهذه الغاية في أي وقت من دون أن تصل لدائرة السير والترخيص.


تحسرت على وضعنا في الأردن، فلقد كنا دائماً نتباهى بتفوقنا في قطاع تكنولوجيا المعلومات، وللأسف سبقنا الجميع، فنحن منذ سنوات طويلة نتحدث عن الحكومة الإلكترونية وما زلنا.


منذ أشهر، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن حزمة من الخدمات الإلكترونية، وأعلنت أن (500) خدمة ستكون جاهزة العام 2020.


ما تقدمه الحكومة الإلكترونية، حسب علمي، حتى الآن، شهادة عدم المحكومية، دفع الضمان الاجتماعي، المخالفات، والوزارات والمؤسسات المشاركة هي وزارة العدل، ودائرة الأراضي والمساحة، وأمانة عمان، ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وبعض الخدمات بالجمارك.


وحين تسمع الموظفين في الوزارات والمؤسسات يؤكدون لك أن البنية التحتية ليست جاهزة للخدمات الإلكترونية، والنظام الإلكتروني ضعيف، والأهم أن الموظفين ليسوا مدربين كفاية لإنجاز الخدمات.
لا أقول هذا الكلام لأقلل من الجهود التي بذلت لدخولنا عالم الحكومات الإلكترونية، وحكومات 'السمارت فون'، وإنما أقول إننا نملك العقول البشرية المتميزة، ونملك المبادرات، ولكننا لا نمضي بالتطبيق، فيفوتنا قطار السبق، وتأخذ الدول أفكارنا ومبادراتنا وتطبقها وتتميز عنا، هل تذكرون العام 1999 حيث طرحنا مبادرة مدينة إعلامية حرة، أمضينا أشهرا ونحن نناقش محاذيرها، فتلقفتها دبي وطبقتها فوراً وأصبحت ملاذاً ومحجاً لكل شركات الإعلام الدولية.


أطلقوا العنان للمبادرات وطبقوها حتى لا نبقى بعيدين عن دروب الحضارة والتقدم.


 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة