بعد ساعات على جريمة 'شارلي إيبدو'، وعملية احتجاز الرهائن في متجر يهودي بباريس، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي إلى جانب السفير الفرنسي في تل أبيب، للتعبير عن تضامنه مع فرنسا في محنتها مع الإرهاب.
أظهر نتنياهو تأثره المصطنع، وكال الشتائم للتنظيمات الإرهابية؛ 'داعش' و'القاعدة' و'بوكو حرام'. وبأسلوبه الخبيث، حشر اسم حركة حماس مع تلك الجماعات. كان هذا ما يريده بالضبط من الظهور مع السفير الفرنسي. ولا شك في أننا جميعا ما نزال نتذكر تصريحات آرييل شارون بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة؛ فقد كانت مطابقة تماما لتصريحات نتنياهو.
قبل أيام قليلة من الجرائم الإرهابية في باريس، كانت حكومة نتنياهو قد استبد بها الغضب من موقف فرنسا في مجلس الأمن الدولي، وتصويتها لصالح مشروع قرار عربي يدعو للاعتراف بدولة فلسطين. يومها، استدعت الخارجية الإسرائيلية السفير الفرنسي ذاته، ووبخته على موقف بلاده، ثم شنت وسائل الإعلام الإسرائيلية وقادة أحزاب اليمين هجوما شرسا على فرنسا.
في فرنسا، تتصاعد المخاوف بشكل مطرد من تنامي نفوذ اليمين المتطرف؛ كما تُظهر نتائج انتخابات سابقة، واستطلاعات الرأي. وتستعد أحزاب اليسار والوسط الليبرالية لخوض معركة شرسة مع 'الجبهة الوطنية'، تحسبا من فوز متوقع لمرشحيها في الانتخابات المقبلة، ما يهدد قيم الجمهورية في فرنسا، ومبادئ ثورتها التي ألهمت شعوب العالم الطامحة للحرية والديمقراطية.
تيارات اليمين المتطرف في فرنسا تتغذى على العنصرية، وتتلاعب بعواطف الفرنسيين، وتستغل بشكل مثالي أفعال الإرهابيين، للتحريض ضد المهاجرين العرب والمسلمين. وهي تستعد بالفعل لسن تشريعات ضدهم في حال فازت في الانتخابات المقبلة.
جريمة الإرهابيين بحق صحفيي 'شارلي إيبدو' تمنح خطاب اليمين الفرنسي الزخم المطلوب لفرض مزيد من السياسات المعادية للمهاجرين، وتدعم الحملات الدعائية تجاههم. وفور قوع الجريمة، شهدنا العشرات من الاعتداءات التي طالت المساجد، فيما سادت موجة من الخوف والهلع صفوف العرب والمسلمين، وصلت ببعضهم إلى حد عدم إرسال أطفالهم إلى المدارس.
لن تقف التداعيات الكارثية لأفعال الإرهابيين عند هذا الحد. فرغم محاولات المسؤولين الفرنسيين الفصل بين سلوك هذه المجموعات الشاذة وبين ملايين العرب والمسلمين في فرنسا، إلا أن المزاج الشعبي العام في فرنسا سيلاحقهم بالاتهامات، ويكرس الانطباعات السائدة التي يغذيها اليمين هناك.
والأمر لن يقتصر على فرنسا وحدها، بل سيطال معظم المجتمعات الأوروبية التي يتصاعد فيها خطاب اليمين المتطرف. وقد شهدنا في الأسابيع الأخيرة مظاهرات في مدن ألمانية، شارك فيها الآلاف، تناصب العداء علنا للمسلمين والعرب، وتطالب بالتخلص منهم.
تأملوا المشهد بعد عمل إرهابي كهذا، من يكون المستفيد؟
إسرائيل تتقدم على اللائحة؛ فتستغل غباء هؤلاء الأشخاص لكسب تعاطف العالم، وتشويه صورة المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ووضع الحركات الفلسطينية على قدم المساواة مع تنظيمات إرهابية مثل 'القاعدة' التي أعلنت بالفعل مسؤولياتها عن جريمة 'شارلي إيبدو'، و'داعش' و'بوكو حرام'.
المستفيد الثاني هي الأحزاب اليمينية في فرنسا والغرب عموما، التي تجد في هذه الجرائم فرصة لبث سمومها العنصرية.
بعد هذا كله، هل هناك من ما يزال يناقش ويتفلسف؟ انظروا إلى لائحة الرابحين من هذه الجرائم، لتدركوا خطر التطرف وحركاته على قضايانا وشعوبنا.
ما حصل بحق صحفيي 'شارلي إيبدو' كان عملا خسيسا، استهدفنا جميعا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو