الجمعة 2024-11-22 03:06 ص
 

المطلوب رأس الأردن

10:49 ص

في الأشھر القلیلة الماضیة عانت الجبھة الأردنیة الداخلیة من ضغوط غیر مسبوقة، رافقتھا حملة ممنھجة لشحن القوى الاجتماعیة ضد النظام السیاسي، وتأزیم الأزمات الاقتصادیة والمعیشیة، والطعن بمصداقیة الموقف الرسمي من الخطة الأمیركیة الموعودة للسلام. اضافة اعلان


للوھلة الأولى بدا أن ما یحصل مجرد ردود فعل ساخطة على سیاسات حكومیة واختلالات في أداء المؤسسات، لكن لیس ھذا فحسب؛ عند التدقیق في السیاق العام لھذه الحملات، تشعر بوجود أید خفیة تحرك ممثلین على المسرح، واكثر من ضابط إیقاع یشرف على إدارة الحفل، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. سلسلة من المواقف والسیاسات والتدخلات الرسمیة والوطنیة ساھمت في فرملة الحملات وإبطال مفعولھا، أھمھا تصدي الملك شخصیا لمحاولات تشویھ الموقف الأردني حیال القضیة الفلسطینیة، واللاءات الثلاث التي أطلقھا بشأن ثوابت الموقف الأردني، وما صاحب ذلك من تفاعل شعبي كبیر وإسناد وطني لموقف الملك والدولة الأردنیة.

البرلمان والأحزاب وحتى قوى المعارضة، وقفت في خندق الملك بلا تردد، وبفعل ذلك تم إسقاط أھم أوراق الحملة ضد الأردن، فالمطلوب كان وما یزال رأس الأردن لتركیعھ. الحكومة من جانبھا أظھرت تحسنا ملموسا في الأداء، بعد تصویب جوھري لسیاساتھا وأولویاتھا، ونجحت بعد سلسلة من القرارات والإجراءات في محاكاة أولویات الناس وھمومھم، وتھدئة المخاوف من موجات غلاء جدیدة، وإنصاف فئات اجتماعیة متضررة من سیاسات التصحیح الاقتصادي.

قد تبدو ھذه الخطوات في نظر البعض محدودة وأولیة، وھذا صحیح لكنھا فتحت طاقة الأمل، بحیث تمكنا من دخول شھر رمضان المبارك بأجواء مریحة نسبیة، عكستھا حالة الإقبال الشعبي على الأسواق بعد تخفیض أسعار السلع بشكل ملموس.

جملة التغییرات الأخیرة في مواقع سیادیة متقدمة، بعثت برسالة إیجابیة للرأي العام، وعززت الانطباع بجدیة القیادة في تصویب الاختلالات، وضبط الإیقاع العام وتجوید أداء المؤسسات، كما أن الإقدام على التصدي بشجاعة لحملات التشكیك الخارجیة وبعض الأصوات في الداخل، ساھمت في استعادة الوعي العام بخطورة المرحلة والحاجة لتكاتف وطني لعبور واحدة من محطات التاریخ الأردني الدقیقة والحساسة.

لم تزل طاولة الحوار الوطني مثقلة بالملفات الملحة والأسئلة الكثیرة، والمطالب الإصلاحیة، لكن ثمة تفھم عام أكبر من السابق بحاجتنا لبرمجة أولویاتنا، وتركیز الجھود لتجاوز مرحلة الخطر السیاسي والاقتصادي ومن ثم التفرغ لمھمات أخرى. النقطة الجوھریة التي ینبغي تذكرھا كل یوم، ھى أن وضع الأردن ھو العنصر الحاسم في تقریر مصیر خطط ومبادرات التسویة المطروحة للقضیة الأردنیة.

جمیع قضایا الحل النھائي تمر عبر البوابة الأردنیة، ولا حل ولا سلام دون موافقة الأردن على تسویات نھائیة تضمن الحقوق العادلة للشعب الفلسطیني. الأردن الضعیف بوابة التصفیة لھذه الحقوق، والأردن القوي ھو الطریق للحل العادل والمنصف.

ومن ھذا المنطلق لكم أن تقرأوا الضغوط الاقتصادیة التي نعاني منھا والمضایقات التي نتعرض لھا. یتعین علینا إذا الإمساك بالحلقة المركزیة، وكل ما تبقى مجرد تفاصیل، للمحافظة على الأردن قویا متماسكا، بخلاف ذلك یصبح الشعور بالخطر أمرا مشروعا.
 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة