التزم وزير الخارجية أيمن الصفدي بما وعد به سابقاً، فأصدر أمس تعليمات مزودة برسومات بيانية، لتسهيل معاملات المغتربين الأردنيين، المرتبطة بتصديق الأوراق الرسمية وجوازات السفر وغيرها، من خلال وضع مدد محددة واضحة، وإجراءات إدارية معروفة، وتفعيل خطوط الاتصال والتغذية العكسية لمدى التزام البعثات الديبلوماسية بهذه المهمات القنصلية.
علّق بعض الأصدقاء بالقول: ليس هذا أمراً يدعو إلى الاحتفاء أو الإشادة، ففي النهاية هذا واجب البعثات الدبلوماسية، وإذا كان هنالك تقصير فما حدث من تجاوب الوزير هو الأمر الطبيعي، وليس الاستثنائي العظيم.
وهو مصيب في تعليقه، نظرياً، أمّا عملياً، فمن المعروف أنّ هنالك فجوة كانت في عمل البعثات الدبلوماسية، من دون تعميم، فهنالك في المقابل جهود جبارة لكنّها كانت تعتمد على معايير شخصية على الدبلوماسيين أنفسهم، أمّا الآن فأصبحت هنالك معايير مؤسسية، وعلينا مراقبة الوزير والوزارة في مدى الالتزام بها وتطبيقها.
لكن دعونا نربط هذا الموضوع بالسلسلة السابقة من المقالات التي كتبتها وكانت تدور حول موضوع واحد، من زوايا متعددة، أي علاقة الدولة بالمجتمع والمواطنين، في مفهوم هذه العلاقة وبنيتها وعقدها الاجتماعي، والعقد المجتمعي؛ فمثل هذه الإجراءات التي أعلن عنها وزير الخارجية هي بمثابة تفاصيل عادية يومية، لكنّها مهمة جداً ومؤثرة وتنعكس بصورة عميقة على علاقة المواطن بالدولة، وعلى إعادة صوغ مفهوم هذه العلاقة!
إذا لاحظتم أنّ الوزير الصفدي ركّز في تعليقه على شكوى المغترب على تكريس مفهوم 'الخدمة العامة'، أي أنّ الموظف هو خادم للمواطنين وليس العكس، وعليه أن يفهم أن ما يقوم به هو واجب ومهمة وأنّه يأخذ راتبه على هذا الأساس، وأنّ الوظيفة العامة هي خدمة قبل أن تكون امتيازاً أو سلطة، وهكذا على المواطن، في المقابل، أن يفهم جوهر علاقته بالموظف الحكومي.
من زاوية ثانية، لكنّها مرتبطة بما سبق، علّق صديق آخر على مقالتي أمس (نقاط تحوّل أردنية) بالقول إنّ إعادة صوغ العقد الاجتماعي مرتبطة بقدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية المطلوبة منها، وتوفير البيئة المناسبة لانتقال العلاقة من الإطار الرعوي إلى الإطار الجديد. وهو أيضاً تعليق مهم وأساسي، لكنّ ذلك من المفترض أن يتزاوج ويتوازى مع صوغ رسالة سياسية وإعلامية من الدولة للمواطنين تفسّر لهم ما يحدث من تطورات وتحولات وتضع مداميك لمفهوم هذه العلاقة الجديدة، لأنّ المعادلة الاقتصادية السابقة تغيّرت، ولا يمكن أن تبقى المعادلة السياسية والإدارية على حالتها الراهنة.
أحد أهم عناوين هذه التحولات والمهمات الرئيسة اليوم هو مفهوم الإدارة العامة نفسه، كيف يمكن تطويره وتحديثه وترشيقه، بعد أن أصبحت هنالك قناعة راسخة بضرورة ذلك، ورأينا كيف أنّ مراكز القرار الرئيسة رفعت شعار 'الإصلاح الإداري' ومكافحة الفساد الإداري، الذي انتشر خلال الأعوام الأخيرة للأسف، مع تزايد الحديث عن البيروقراطية وتأثيرها على جذب الاستثمارات وعملية الإصلاح في داخل الدولة.
الأمر نفسه يقال عن الدوائر الخدماتية كافّة، ومن بينها مثلاً ضريبة الدخل، بعد استحداث دائرة جديدة لملاحقة عمليات التهرب الضريبي، إذ ما زالت هنالك شريحة واسعة من المواطنين تتعامل بصورة غير جدية مع ضريبة الدخل، أو تتذرّع بسوء الخدمات الرئيسة المقدمة من الدولة، لتتهرب من واجبها الوطني.
لاحظوا كيف أنّ الأمور مرتبطة ببعضها، ما يعني أنّنا بالفعل بحاجة إلى خط بداية لمشروع إصلاحي متكامل، وهو ما لم يحدث بـ'كبسة زر'، لكنّه يتطلب مؤشرات ودفعة كبيرة لتدشين مسار جديد مختلف!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو