الخميس 2024-12-05 06:29 ص
 

طفلتان !

01:26 م

تسمَّرت عيناه على وجه الطّبيب وهو يقول: «أعتقدُ أنّكما بانتظار طفلة، بالسّلامة إن شاء الله» وبدهشة حاول أن يخفيها تمتمَ باضطراب: «طفلة... بنت؟ شكراً يا دكتور، شكراً !»اضافة اعلان


وخرج وزوجتُه من العيادة وهو يشعر بخطواته تكادُ ترفعه عن الأرض بخفّة في شروع ما بالتّحليق... ركبا المصعد، وبدأ يفكّر: « مهلاً، الولادة ستكون في نهايات الشّتاء... يعني بدايات الرّبيع، يا سلام، فصل مشبع بالرّهافة... هذا جميل ! «

نظر إلى عينيْ زوجته وهو يخرج وإياها من المصعد، فتمنّى لو ترث عينيها وضحكتها... وتمنّى بزهو؛ لو ورثت حاجبيه وجبهته هو!

وفي طريقهما نحو إحدى الصيدليّات، تذكّر ضرورة أن يبحثا عن اسم مناسب، اسمٍ عربي موسيقي الوقع برنّة رشيقة... وسرحَ وهو يستذكرُ بعض الأسماء الجميلة المعنى الرّقيقة، متمعناً في وقع كلّ حرف فيها...

مرّ من قربهما شابّان ممشوقان كادا يرتطما بزوجته في الزّحام، رمقهما بغضب وهو يتساءل: « تُرى، هل ستكبر ويُعجب بها مخلوق مثلُ واحدٍ من هؤلاء؟ قد أدقّ عنقه لو اقترب منها! يجب أن أصادقها حتى أعرف كلّ شيء عنها، وعن الأوغاد جميعِهم الذين يمكن أن يحلموا بها ! سأنتقي أنا لها من يناسبها؛ رجلاً حقيقياً يحبّها ويكرمها، وإلا... « ولفتت نظره فجأة واجهة إحدى المكتبات، شدّ زوجته من يدها، دلف إليها دون تفكير، اقترب من صاحبها ليسألَ عن أحدث الكتب في التربية، والطّفولة والمراهقة... وعن كتابٍ في معاني الأسماء ودلالاتها... وخرج متأبّطاً رزمة ثقيلة من الكتب !

وبعد أن ابتاعا بعض الأغراض من الصّيدلية، مرّت في ذهنه فجأة أزمة المياه التي تعصفُ بالكوكب... طبقة الأوزون، قضايا التلوث، الحروب، الخطر النووي... تطلَّع نحو السّماء في حيْرة متمنّياً لو كان بمقدروه إنجاب ابنته إلى عالمٍ أكثر سلاماً، وأمناً، وعدالة !

وقضى ليلته وهو يفكّر في قطعة الأرض التي ورثها عن أبيه، مقرّراً أن يبيعها ليفتحَ باسم الصّغيرة حساباً بنكياً يزيده شهرياً بمبلغٍ محدّد يقتطعه من راتبه بانتظام... وتقلَّب في فراشه وهو يقول لنفسه: « يجب أن أؤمّن حياتها تماماً في هذا الزّمن الصّعب، يجب أن أحميها من أيّ طارىء... « أحكمَ الغطاء على زوجته ونام أخيراً، بعد أن قرّر أن يتقصَّى في اليوم التّالي عن أحوال أغذية الأطفال وأدويتهم في صيدليّات المدينة!

الثاني:

انتفضَ أمام الطبيب واقفاً ليقول: « بنت؟ لا حولَ ولا قوّة إلا بالله... « ورمق زوجته بغضب... وخرج أمامها مطرقاً وهو يغمغم بكلامٍ غير مفهوم !

سارا في الطّريق وهو يقول: « بنت أخرى؟ ماذا أفعل؟ « والتفتَ نحوها ليضيف بحنق: «قلتِ لكِ ألف مرّة، أريد أخاً للولد... نحن عائلة ذكور؛ عائلة رجال... هل تفهمين ؟ «

تأمّلها بحنق وهو يقول لنفسه: « إنها عائلتها هي... هم أَمْيَل لإنجابِ الإناث... ليتني حسبتها جيداً قبل الزّواج ! «

سرحَ وهو يذرعُ الغرفة جيئة وذهاباً، متمنّياً لو تمضي الشّهور بسرعة حتى يعمل وبجدٍ، هذه المرّة، على إنجابِ ذكر!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة