عرباية خُضرة

يا امرأة ؛ لا تثرثري فوق رأسي..فقد تعبتُ من الثرثرة..أعلم أنك تحاولين لفتَ أنظاري إليك..وأعلم كل مجهوداتك في تسويق نفسك أمامي..وأعلم مشروعك في إغاظتي..ولكنّ ذلك كلّه لا يفيد..فما أنا إلاّ رجلٌ (هاوي) وهاوي هنا تحتمل معنيين فاختاري ما يليق بتاريخي منهما وانسبيه إليّ..!

كلّ أحلامي منذ مدّة انحصرت في مشهدٍ يتيم..عرباية خُضرة لا تطاردني فيها (أمانة عمان) ولا بلديات المحافظات ..نعم عرباية..مشنشلة ومدندشة..على واجهتها الأمامية جملة (يارب) وعلى جانبها الأيمن عبارة ( الحسود لا يسود) وعلى جانبها الأيسر عبارة ( عندما أتممتُ صنع السفينة جفّ البحر)....وأما أنا فسأجرّها بخضارها وأطوف بها شوارع عمان شارعاً شارعاً وأنا أنادي على بضاعتي : رزق حلال ولا همّ جبال..!

أتوق لذاك وأكثر..بأن تكوني معي..بثوبك الريفي الجميل..تساعدينني في مناولة أكياس الخضرة..وتساعدين الفقراء في (التنقاية) ..وحين التعب نضع ظهرينا على جهةٍ من جهات العرباية ونحن نجلس على الأرض بلا وسيط بيننا..فتقومين و بلحظة فارقة وقبل النعاس في الشارع من أثر الإرهاق؛ وتعدين لي ولك كأسين من الشاي الثقيل..وأنا أنظر لحبّات العرق على وجهك وهي في بداية النشوء؛ أمسحها قبل رشفة الشاي الأولى وأنت تلهجين بالدعاء لي مبتسمة: «الله يخليك تاج فوق راسي»..!

وعند المغيب ..بعد أن نشتري خبزنا وفلافلنا و نحن في طريق العودة للمنزل ..نتهاوش..نعم نتهاوش على بكرة..! أنت تريدين أن نسرح بالعرباية في الزرقاء وأنا أريد السلط..يعلو صوتانا ..نتذكر أننا في الشارع وأن الناس تلتفت إلينا..نضحك ونتفق كحلّ محايد أن نسرح في مادبا..!

ها أنا أستفيق من حُلمي الأخير يا امرأة..عودي الآن للثرثرة..عودي للفتِ أنظاري إليك..عودي لمجهوداتك في تسويق نفسك أمامي ولإغاظتي..ولكني استحلفك بالله أن تعطيني فرصة خمس دقائق فقط للعودة لحلمي بالعرباية..خمس دقائق فقط....وأنت بعدها مارسي الثرثرة كيفما تشائين..!