يعود إلينا سريعاً كطيف هذا الرمضان، فيردنا إلى مرابع طفولتنا الطازجة، إذ نهب إلى المسجد كالحمائم مع أول خشخشة سماعة المئذنة المتحفزة للتكبير، فنصلي جانب الكبار مفتعلين الوقار، بعد أن يفسحوا لنا ويمسدوا على رؤوسنا، وهم الذين كانوا يطردوننا شر طرد في الأيام الخوالي. وها نحن بعد الصلاة نتحلق حول شيخ يبدأ بالكلام ويطيل؛ فيأخذنا التناعس والتناوم ولي الرقاب، لتبدأ موجات الانسحابات الخفيفة حتى تفرغ الحلقة. اضافة اعلان
في عرف طفولتنا العظيم أن تشرب قليلاً من الماء سهواً في نهار رمضان كان لا يضير الصيام بشيء!، ولهذا كنا نحبها جيداً لعبة التناسي. فبعد أن كان العطش يحزز حلوقنا، كنا نهب نتوضأ مرة إثر مرة للصلاة مع إمعان في المضمضة!، علّ قطرة تنزلق باردة في حلاقيمنا، حتى أن أحد الأشقياء أسرَّ لي، أنه لولا الوضوء لمات عطشاً من أول يوم صيام!.
(مش حتئدر تغمض عينيك!)، هذا شعارهم لرمضان في هذه الأيام. فكثيرون هم الذين يتآمرون عليه، ليفرغوه من فحواه، فالطعام واللهو صارا لا يقرنان إلا به، وكل المسلسلات والأفلام لا تنبجس ولا تتناسل إلا على عتباته، حتى صرنا لا نملك وقتاً لنعود فيه إلى أنفسنا، نخلو ونتصومع معها، فنتطهر من أدران زمن موغل في التردي!.
والصحون الفضائية الرابضة على ظهور البيوت، حلت مكان صحون الطعام التي كان يتبادلها الجيران والأهل فيما بينهم، كنوع من المحبة، ولحلول البركة في شهرهم الجليل، بل جعلتنا هذه الصحون اللقطة جزراً معزولة لا نعرف بعضنا أو نتزاور أو نتراحم، فمن قزم رمضان في نفوسنا؟!، ومن جعله مرتعاً للشركات تتنافس فيه على إبعادنا عن لذاذاته ومعناه!.
فلو أغمضنا عيوننا؛ لعدنا إلى مدارج طفولتنا الرخية نتوسل أمهاتنا بكثير من المسكنة والدموع أن يوقظننا للسحور، ونقسم أيماناً أننا سنصوم ولو لحد الظهر!، ولو أغمضنا عيوننا، سنتذكر صوت المسحراتي يجوب الحارات مترنماً بالتهاليل والتوحيدات، فيطرق الأبواب والشبابيك، وينادي على كل بيت باسم صاحبه.
وإن أغمضنا عيوننا، سنعود للوراء بمرح شفيف، وسننعم بلقاء أصدقائنا الأشقياء، فتعن على بالنا لحظة كنا نتهامس مخططين للهرب بعد الركعة الرابعة من صلاة التراويح؛ لنلهو ونراكض ظلالنا الخافتة بين الأزقة المبتلة بالأضواء الخافتة.
إن أغمضنا عيوننا المغناطيسية سنتذكر رائحة الغروب، والشمس تصير بطيئة زاحفة كسلحفاة، فنصعد إلى أسطح البيوت، نرصد وداعها الأحمر، وننتظر بفارغ الجوع صوت المؤذن طويل الروح، وسنذكر شقيقنا النزق كيف يهمهم بشتائم لا تليق بالصائمين الجدد.
جميل هذا الرمضان يعيدني طفلاً يستذكر أحلامه التي تبقيه على قيد الفرح. فكل عام وأنتم بالف خير.
في عرف طفولتنا العظيم أن تشرب قليلاً من الماء سهواً في نهار رمضان كان لا يضير الصيام بشيء!، ولهذا كنا نحبها جيداً لعبة التناسي. فبعد أن كان العطش يحزز حلوقنا، كنا نهب نتوضأ مرة إثر مرة للصلاة مع إمعان في المضمضة!، علّ قطرة تنزلق باردة في حلاقيمنا، حتى أن أحد الأشقياء أسرَّ لي، أنه لولا الوضوء لمات عطشاً من أول يوم صيام!.
(مش حتئدر تغمض عينيك!)، هذا شعارهم لرمضان في هذه الأيام. فكثيرون هم الذين يتآمرون عليه، ليفرغوه من فحواه، فالطعام واللهو صارا لا يقرنان إلا به، وكل المسلسلات والأفلام لا تنبجس ولا تتناسل إلا على عتباته، حتى صرنا لا نملك وقتاً لنعود فيه إلى أنفسنا، نخلو ونتصومع معها، فنتطهر من أدران زمن موغل في التردي!.
والصحون الفضائية الرابضة على ظهور البيوت، حلت مكان صحون الطعام التي كان يتبادلها الجيران والأهل فيما بينهم، كنوع من المحبة، ولحلول البركة في شهرهم الجليل، بل جعلتنا هذه الصحون اللقطة جزراً معزولة لا نعرف بعضنا أو نتزاور أو نتراحم، فمن قزم رمضان في نفوسنا؟!، ومن جعله مرتعاً للشركات تتنافس فيه على إبعادنا عن لذاذاته ومعناه!.
فلو أغمضنا عيوننا؛ لعدنا إلى مدارج طفولتنا الرخية نتوسل أمهاتنا بكثير من المسكنة والدموع أن يوقظننا للسحور، ونقسم أيماناً أننا سنصوم ولو لحد الظهر!، ولو أغمضنا عيوننا، سنتذكر صوت المسحراتي يجوب الحارات مترنماً بالتهاليل والتوحيدات، فيطرق الأبواب والشبابيك، وينادي على كل بيت باسم صاحبه.
وإن أغمضنا عيوننا، سنعود للوراء بمرح شفيف، وسننعم بلقاء أصدقائنا الأشقياء، فتعن على بالنا لحظة كنا نتهامس مخططين للهرب بعد الركعة الرابعة من صلاة التراويح؛ لنلهو ونراكض ظلالنا الخافتة بين الأزقة المبتلة بالأضواء الخافتة.
إن أغمضنا عيوننا المغناطيسية سنتذكر رائحة الغروب، والشمس تصير بطيئة زاحفة كسلحفاة، فنصعد إلى أسطح البيوت، نرصد وداعها الأحمر، وننتظر بفارغ الجوع صوت المؤذن طويل الروح، وسنذكر شقيقنا النزق كيف يهمهم بشتائم لا تليق بالصائمين الجدد.
جميل هذا الرمضان يعيدني طفلاً يستذكر أحلامه التي تبقيه على قيد الفرح. فكل عام وأنتم بالف خير.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو