الأحد 2024-11-10 11:08 م
 

قــوة الـدولــة ووحــدة المجتمــع

01:13 م

ثمة مفارقات عجيبة تحكم المجال الحيوي لحركة نشطاء المجتمع العربي والاردني , فمطلبهم الاساس والواضح هو قوة الدولة واستمراريتها ووحدة المجتمع من خلال اعلاء قيمة المواطنة والتعبير عنها بحرية وديمقراطية ووقف الفساد والدفع بعجلة التنمية الى الامام لمحاربة الفقر والمرض وتوفير لقمة العيش الكريمة تلك الشعارات التي اختصرها نشطاء مصر بثلاثية نقلها كل المجتمع العربي “ خبز , حرية , عدالة اجتماعية “ .

اضافة اعلان


سلوك الوصول الى الاهداف النبيلة السابقة سلوك يهدم هيبة الدولة ويكسر وحدة المجتمعات العربية من خلال استمراء كسر القوانين بدل تعديلها وتطويرها وكسر وحدة المجتمع بالعبث في المكونات الشعبية تارة على اساس مذهبي وتارة اثني وكثيرا اقليمي وطائفي , فما من مظاهرة الا وفيها الكثير من العبث السياسي والتناحر المذهبي من خلال المظاهرة المضادة لكل مظاهرة قائمة , والاغرب القبول بتسطيح الحالة الصدامية بين ثائر وبلطجي او حراكي ومخبر او شبيح الى باقي المواصفات التي تم انتاجها في مختبرات اعلامية مسكونة بهاجس تحطيم المجتمعات العربية وتنفيذ الاتفاق بينها وبين بقايا اليمين المحافظ في الغرب الامريكي لاتمام المهمة بأياد عربية .


المشهد العربي بعد ربيعه الدامي في مصر وليبيا وسوريا واليمن , كشف عن قُبح فائض عن حاجة البشرية جمعاء وليس حاجة العرب وحدهم , وهو يعود بالمواطن العربي الى عصر ما قبل الدولة , ليس من اجل اعادة انتاج الدولة على اسس سليمة بل هدم الدولة لاجل الهدم فقط او تحقيق نبوءة “ اندرو مارك “ التي نشرها عام 1975 والقائلة بضرورة انتاج جيل جديد من الحروب يقوم فيه خصوم امريكا بتدمير نفسهم بنفسهم دون الحاجة الى تدخل خارجي بل يكفي فقط دس السم في الاعلام واطلاق الغرائزية لتدمير الجميع , وقد قامت دول وفضائيات بتمويل هذا الهدف في مرحلة الربيع العربي .


فهناك طوائف في كل دولة يزداد نفوذها يوما بعد يوم على حساب الدولة الوطنية ونحن امام حالة تعميم واستنساخ لتجربة لبنان قبيل العام 1989 وما تلاها , فثمة امراء للطوائف وجنرالات للحروب يبنون كل يوم مجدا وثروة , وتعلو قيمة الفرقة وتزداد النزعات الطائفية والمناطقية والمذهبية وغاب شعار الدولة الوطنية الجامعة , فمصر بين اقصاء الاخوان وشيطنة السيسي , واليمن على شفير انقسام ليس بين الشمال والجنوب بل بين الجنوب وشرقه وغربه , وشمال الغرب وجنوبه , وفلسطين بين غزة والضفة والعراق بين السنة والشيعة ولبنان بين كل المكونات .


الاردن ناج نسبيا من هذه الانقسامات رغم اطلالة رؤوس الفتنة بين الفينة والاخرى ومحاولات بعض الداخل والخارج احياء النزعات العصبية لتتساوى الرؤوس جميعها , وهناك من يسير بوهم او بوعي الى احداث الفتنة وكسر هيبة الدولة وتغذية الانشطارات المجتمعية التي تؤخذ شكل العنف الجامعي او المجتمعي وعدم احترام القانون ومحاولة كسره في كل فرصة سانحة .


الان يجري التحضير لتوحيد الحراكات وسنقول ان التجميع يجري بحسن نية ولكن لا بد من التأشير ان الطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة وهناك اكثر من سبب لاحياء الحراك وتجميعه ولكن علينا جميعا ان نحرص اكثر على هيبة الدولة واحترام القانون والسير نحو تعديله وتطويره دون كسره لتنفيذ النوايا الخبيثة المستعرة في كل الاقليم .


حق الفرد في التعبير حق مقدس وضرورة استجابة الدولة لمطالب الناس واجب الدولة وليس هبة او منّة , والخلاف فقط على شكل التعبير وضوابط ادواته وعدم الانسياق خلف محاولات خبيثة لنقل تجربة او استنساخ اخرى رأينا كيف انها اجهضت دولا بدل ضمان قوتها واستمراريتها .

 

* من الأرشيف


 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة