السبت 2024-09-21 08:12 م
 
 

كرنفال البرازيل جاء من "شر" كان يرعب العراق القديم

11:56 ص

الوكيل - لماذا يتنكر الناس بأقنعة على وجوههم، ويبتهجون راقصين بثياب مزركشة وملونة في كل كرنفال، وأشهره الذي بدأ أمس السبت في البرازيل ويستمر حتى فجر الأربعاء المقبل ؟ من أين جاء الكرنفال، الشبيهة احتفالاته إلى حد ما بما عندنا من مهرجانات 'النوروز' في تركيا وإيران وشمال العراق؟اضافة اعلان

باحثون ومؤرخون من البرازيليين بشكل خاص، يجدون أصله في بابل القديمة قبل أكثر من 3 آلاف عام، ويكتبون مجمعين تقريبا عن احتفال سنوي يسمونه Saceias باللاتينية، وكان يستمر فيها 4 أيام، تبدأ في 21 مارس كل عام بإطلاق سراح سجين وتنصيبه ملكا بديلا عن الحقيقي، طبقا لما قرأت 'العربية.نت' في مجلة Hist?ria Viva البرازيلية، وهي شهرية متخصصة بشرح أحداث تاريخية.
كان الملك المزيف يلبس ويأكل ويتصرف كما الحقيقي تماما، ومثله كان يقيم في القصر مع زوجات وخليلات مزيفات أيضا، وفي اليوم الأخير من الاحتفالات يأتون به الى باب 'معبد مردوخ' في بابل، ويبدأون بإذلاله، كما يفعل 'الدواعش' حاليا برهائنهم، فيجلدونه ويهتكون ثيابه، ثم يضعونه على خازوق ويرفعونه ممزقا لتنهش بجسده الغربان، وبعدها يعود الحقيقي الى عرشه وحياته الطبيعية كما كان.

الثياب التي كانت مزعجة بأشكالها وألوانها في بابل أصبحت في الكرنفالات الحديثة جميلة وزاهية الألوان
قصة مسرحية 'الزعيم' من بابل أيضا
هذه المعلومات واردة أيضا في موقع toda matéria البرازيلي، وهو علمي ينشر دراسات تاريخية، لكنه يضيف جديدا، بأنهم كانوا يطلقون اسم Zoganês على البديل عن الملك، وان الحقيقي كان يختلط أيام الاحتفالات بالشعب ليبدو كأحد رعاياه، فيأكل مثلهم وينام في بيوتهم ويرتدي المهلهل من الثياب، كما كان يضع قناعا على وجهه، كي لا يعرفه أحد، ويقلده أفراد الشعب، هاربين مثله من 'روح شريرة' زارت البلاد متأبطة بهم كل سوء، ويجهلون طبيعتها وشكلها، لكنهم 'يشعرون بحضورها' فقط.
ذلك 'الشر' سماه البابليون 'تيامات' الذي تبرعم في رحم وحشي، بعد تزاوج بين الملح والماء، ومنه تتوالد الثعابين والتنانين، وكان يستهدف الملك بشكل خاص ليتخلص منه، لأنه ممثل عدوه الأكبر، الإله 'مردوخ' على الأرض، لذلك كان يأتيها مع قدوم الربيع في 21 مارس من كل عام، بحثا عنه ليفنيه، ولا يجد الملك طريقة للخلاص إلا بخداع جماعي يذهب بعقل 'الشر' ويمنعه من تنفيذ نواياه.
والخديعة سهلة: يختلط الملك بالشعب ويخفي وجهه بقناع ويتنكر بثياب غير ثيابه كي لا يعرفه أحد، ويضع في القصر 'بديلا' يتقمص شخصيته، كالذي نراه في فيلم 'صاحب الجلالة' للراحل فريد شوقي، وهو عن 'شيال' حقائب في فندق'مينا هاوس' بالقاهرة، طلبوا منه أن يحل مكان السلطان 'مارينغوس' لشبهه به، بعد أن علموا بمؤامرة لاغتياله، وهي قصة تكررت في مسرحية 'الزعيم' لعادل أمام أيضا.

جدارية بابلية للاله الوثني مردوخ وهو يصرع التنين الخارج من أحشاء روح الشر تيامات
بهجة الكرنفال إلا المنطقة التي ولد فيها
أما الشعب فكان يدافع عن الملك، بأن يضع أفراده أقنعة تشويهية ويرتدون ملابس يأنف من أشكالها وألوانها النظر، ويفتعلون ضجيجا صاخبا وعشوائيا كيفما كان لإزعاج الضيف الشرير، تماما كما يفعل أبناء بعض القرى العربية في القرن 21 ويخرجون حين يخسف القمر، حاملين الطناجر والقدور، ويطرقونها ببعضها لينزعج بضجيجها حوت يظنون أنه ابتلع الجرم الأقرب من الأرض، فيلفظه من فمه ويعيده الى جوف السماء.
وفي البرازيل هذه الأيام، يحدث الشيء نفسه، مع تعديل طرأ عبر الزمن على الكرنفال الذي انتقلت احتفالاته من بابل القديمة الى اليونان وتغيرت فيها، ومنها الى روما وبقية الامبراطوريات، وعبرت الحدود إلى قارات وشعوب بعيدة، وعمت بأهازيجها وموسيقاها العالم كله تقريبا، إلا أن المنطقة التي أعطت أساسها وفكرتها للعالم، ما زالت محرومة من مباهجها وأفراحها.
في البرازيل يختارون كل عام شخصا، بدينا دائما وسمينا، ليبدو مهيبا كالملوك حين يطل الكرنفال، يسمونه الملك MoMo ويسلمه حاكم الولاية مفتاح المدينة، ليكون فيها بديلا عنه شخصيا طوال 4 أيام، تماما كالبديل قبل أكثر من 3 آلاف عام عن الملك البابلي، إلا أنهم يقومون بتكريمه ويمطرونه بالهدايا، وهو يرد ببث الفرح في نفوس 200 مليون برازيلي، معظمهم يرقص ويبتهج في النوادي والشوارع والساحات والشواطئ، في احتفالات تدر أكثر من 6 مليارات دولار على منظميها، وعددهم بالآلاف.
 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة