على رغم ما يحفل به المشهد الاقليمي الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط والاحتمالات المفتوحة التي يمكن ان تأخذ المنطقة الى حرب ضروس، قد تأتي على ما تبقى من هياكل سياسية أخرى، واخرى كيانية (بمعنى تقسيمات سايكس بيكو) وثالثة في بروز قوى اقليمية كبرى وذات نفوذ مُتعاظم, تعترف بها عواصم القرار الدولي وتمنحها الضوء الاخضر لكتابة جدول اعمال المنطقة, بالتنسيق او باقتسام «الكعكة» مع قوة استعمارية كولنيالية احلالية تُسمّى.. اسرائيل.
نقول: رغم كل ذلك وفي مقاربة لـِ»لغز» العلاقة السلبية, التي تَحكُم العلاقات العربية العاجزة والفاقدة القدرة مع الامم المتحدة او بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الامن وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية, التي لم تقف ذات يوم الى جانب اي قضية عادلة تهم الشعوب العربية وتُسهم في فك إسارها مع انظمة ظالمة ,فاسدة ومستبدة وعلى وجه التحديد في ما خصّ الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة..
يبدو المثال الكوري الشمالي في علاقته مع الخمسة «الكبار» في مجلس الامن نموذجاً «ثابتا» في مقاربة «كورِيّة» تنزع الى التحدي وانتهاج سياسة الحافة، غير عابئة بأي عقوبات او اهتمام بالتهديدات التي تتوعدها بمزيد من العقوبات والتي رغم قساوتها – حتى الآن- لم تنجح في ارغام بيونغ يانغ على التراجع عن خطتها المرسومة في شأن برنامجها النووي وذلك الصاروخي الباليستي, الذي وصل ذروته مع اطلاق الصاروخ الباليستي بعيد المدى الذي يصل مداه عشرة آلاف كيلو متر (اي يصل الى السواحل الاميركية) في تجربة قالت كوريا الشمالية انها «نجحت» في وضع قمر المرصد المُسمّى (ميون سون 4) في مداره فوق الارض.
ماذا قبل التجربة الأخيرة؟
ثمّة مشهد واحد يفصل بين تجربتين كوريتين شماليتين, اثارتا غضبا او قل فزعا لدى دوائر عديدة غربية وشرقية على حد سواء، الاولى أُعلن عنها في السادس من كانون الثاني الماضي وتم الكشف خلالها عن تفجير القنبلة الهيدروجينية «الأولى» لبيونغ يانغ، اعادت فيه تذكير العالم بأنها قد «اتعظت» من المصير الذي آل إليه صدام حسين والقذافي» لعدم امتلاكهما أسلحة نووية والثانية ايقظت اصداؤها عواصم دول الجوار الكوري الشمالي، وتجاوزتهما الى واشنطن, وكانت موسكو وبيجين في وسط الأزمة، ما أضاء على المزيد من طبيعة الدور «المُقلِق» الذي تلعبه بيونغ يانغ وما تُسبِبه لِمَنْ «كانا» ذات يوم حليفاها، من إحراج وما تمنحه من رياح إسناد لخطط الولايات المتحدة الاميركية, في ايجاد المبرر لِعسكَرة العلاقات في تلك المنطقة, وبما يُساعِدها على جذب المزيد من الدول التي تسعى لادراجها في فلكها, باعتبار منطقة المحيط الهادئ هي المنطقة المُؤهلة لتحديد النظام الدولي الجديد وخصوصاً هدف الولايات المتحدة في تحجيم (اقرأ تطويق) الصين وإعاقة صعودها السلمي, وتأجيل منافستها لها على قيادة هذا النظام الآخذ في البروز والتَشَكُل, رغم الحروب والأزمات والحرائق التي تعصف بمناطق عديدة في العالم وعلى رأسها الشرق الاوسط وأزمة الاتحاد الاوروبي الاقتصادية والهيكلية أيضاً، بمعنى إمكانية تفكك الاتحاد الاوروبي وخروج بريطانيا منه في الاستفتاء المتوقع قبل نهاية العام 2017، فضلاً عن تداعيات أزمة اللاجئين ورفض بعض الدول الالتزام بالحصص التي قررها الاتحاد على اعضائه.
هنا أيضاً يجدر بالمُتابع, ان يُدقِق في طبيعة ومعاني «لغة»البيان, التي استخدمها مجلس الأمن بعد اجتماعه العاجل الذي طالبت به الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، والتي بدت لغة مرتبكة ومكررة وصولاً الى عبارة غاية في «العجز», تدعو الى الاسراع في تبني قرار «جديد» يفرض عقوبات (ذات دلالة) على بيونغ يانغ, رداً على الانتهاكات الخطيرة لقانون الامم المتحدة الذي يحظر عليها القيام بأي نشاط نووي وباليستي.
ماذا بعد؟
ليس ثمة شيء آخر لدى الخمسة الكبار سوى التصريحات,لكن يمكن التوقف عند ما ذهبت اليه موسكو وخصوصاً بيجيين، حيث لم تترددا في ادانة واستنكار ما اقدمت عليه كوريا الشمالية وتحميلها مسؤولية تدهور الاوضاع جراء تجاهلها قواعد القانون الدولي, بل إن الصين قالت إن ذلك يُعَقِد الوضع في شبه الجزيرة الكورية ويرفع بـ»حِدّة» وتيرة الصراعات وقد تنفجر الحروب حتى.
هذا ليس كل شيء، بل الاخطر ان واشنطن استغلت «الحادث» كعادتها, وراحت تتحدث على لسان مسؤولين في كوريا الجنوبية عن نشر منظومة صواريخ اميركية مضادة للصواريخ من طراز THAAD ما اثار احتجاج وتنديد وتحذير بيجين وموسكو من خطوة كهذه تهدد أمنهما، الأمر الذي يفسر سرّ مسارعة الصين وروسيا الى الاحتجاج الغاضب على تجربة الصاروخ الفضائي الكوري الشمالي, لأنهما تُدرِكان ان واشنطن ستجد فيه الذريعة للمُضي قُدماً في عسكرة العلاقات في تلك المنطقة.
هل يمكن ايجاد حل لهذه المعضلة التي تبدو بلا أفق؟
ربما يكون اقتراح رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي, افضل ما يمكن تقديمه لاخراج بيونغ يانغ من عُزلتها وتداعيات توريطها دول الجوار, في مواجهة مع واشنطن الباحثة عن اي مبرر للإبقاء على التوتر في المنطقة «لِنقْبَل كوريا الشمالية في نادي الدول النووية, ولنَفْرض الرقابة عليها وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية»
.. هل ينجح اقتراح كهذا؟
.. الأيام ستروي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو