الخميس 2024-11-28 03:45 م
 

محاربة "داعش" فكريا

07:43 ص




الخطر الذي تشكله عصابة 'داعش' الإرهابية ليس خطرا مسلحا فحسب، فهي تشكل، كعصابة تكفيرية متشددة، خطرا فكريا، يهدد أجيالا ناشئة، يتطلب التنبه له، والتوعية منه، ومحاربته بكل الوسائل الفكرية المتاحة، ووضع حد لكل من يؤيده تلميحا أو تصريحا.اضافة اعلان



فكر الدواعش ليس جدلا بين تيارين متناحرين، أو مدرستين فلسفيتين، يمكن تركهما يتناطحان فكريا وفلسفيا، فأولئك الدواعش يعطلون الفكر أصلا، ويؤجرون أدمغتهم لغيرهم. وهم ومن والاهم، ومن هم على شاكلتهم، ممن يتسترون بالدين، وهم في الأصل دواعش، هم في حقيقتهم يرفضون الآخر، ويكفرون من يختلف معهم، ويعيثون في الأرض فسادا، ويزرعون الفتنة والضلالة والجهالة أينما نزلوا، لذا، علينا التنبه لجميع هؤلاء الدواعش ومواليهم، ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة فكرهم، تقوم على تنقية الأجواء والمناهج من كل أفكار دخيلة، استطاعوا أن يدخلوها إليها.


مثل أولئك، الموالين للدواعش قيض لبعضهم تسيد المشهد، وتم منحهم منابر مختلفة، يعبرون عبرها عن فكرهم الإقصائي، من دون أن نلاحظ أو نهتم أنهم الخطر الأكبر على عقول الجيل الناشئ، لأنهم تحت ستار الدين يعيثون فسادا، وتحت ستاره يلوثون أجواءنا بأفكار داعشية إقصائية نتنة.


بكل وضوح، نحن بحاجة لتكريس مفهوم الدولة المدنية، وأن تكون سياستنا في هذا الجانب واضحة غير مواربة، فبغير ذلك سنمنح لمثل أولئك الطفيليين الدواعش، قدرة التغذي على عقول الجيل الناشئ، بطرق مختلفة، وبث أفكار سوداوية يؤمنون بها ويدافعون عنها، تقوم على الإقصاء في المقام الأول، وإنكار الآخر وتعزيز الفكر الطائفي.


طريقة محاربة أولئك ليست 'ساعة غضب' وكفى الله المؤمنين شر القتال، علينا أن نتنبه جيدا، فأولئك الخوارج الشاذون أخطر مما نتوقع، والمشكلة أنه استوطن في أحشائنا، كوطن، الكثير من المؤيدين لهم فكرا وقولا وعملا، فعلينا أن نستفيق لهم، وأن نقاوم وجودهم بيننا، وقطع دابر أفكارهم، قبل أن يأتي زمن، لا نستطيع فيه إصلاح ما أفسد الدهر.


فهل يعقل مثلا، أن نواصل السماح لبعض تجار الدين بالاستمرار بالاعتداء على مكونات المجتمع، والعبث بالسلم الأهلي من دون أن نقوم بأي حركة؟ وهل يمكن أن تبقى المناهج المدرسية عندنا تحمل أفكارا داعشية، من دون أن نعلن عن ثورة إصلاحية، نؤسس عبرها لفكر الدولة المدنية، وعدم المواربة في هذا المجال.


لا أرى مبررا بعد اليوم للسكوت تجاه كل من يثير بيننا أفكارا طائفية أو إقليمية أو عنصرية أو جهوية، فمثل أولئك ينطلقون من فكر داعشي، يسكن في قعر عقولهم، لا نعرف متى سيظهر للعلن، ومتى سينطلق علينا.


لا يمكن إخفاء الشمس بغربال، ولا يمكن مواصلة إنكار أن هناك من يحمل هذا الفكر، ويظهره في مفاصل حرجة أحيانا، كما لا يمكن أن ننكر أن في المنهاج المدرسي، الذي نغذي به عقول أطفالنا وجيلنا المقبل، رفض للآخر، وتعزيز لفكر الإقصاء، فهل يعقل أن يتم تجاهل مناهجنا لوجود مكون مسيحي في المجتمع الأردني؟! هل يعقل ان نتجاهل تعزيز فكرة التسامح بين فسيفساء المجتمع الواحد.


محاربة فكر 'داعش' لا تتم عبر بيانات الشجب والاستنكار والمنابر الإعلامية فقط، فمحاربته تتم عبر تبني أفكار إصلاحية وسطية، نزرعها في عقول طلبتنا وجيلنا الناشئ، ويتم عبر تغيير القوانين والمناهج، بحيث نعزز فكر الدولة المدنية، لا أن تبقى شعارا وفكرة نقولها في الخطابات فقط، من دون أن يكون لها أدنى تطبيق على أرض الواقع. من دون الذهاب للدولة المدنية سنبقى طوال الوقت نعاني من وجود دواعش بيننا.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة