الأحد 2024-11-24 06:58 ص
 

مشاهد من العاصفة

01:05 م

كتب : رمزي الغزوي

نحتاج إلى شاعر أو فنان كي يتولى تسمية الجبهات الهوائية القادمة.

نحتاج إلى أن نضفي على مسميات الخير شيئاً من الشاعرية والجمال والعمق. لا أن نطلق الأسماء على عواهنها، ثم نبدأ بالبحث عن تبريرات تلائم حالتنا.

نحتاج إلى دلالات دافئة تدهشنا لا أن (تكرفشنا) وإلا كيف جاز لنا أن نسمي الموجة الأخيرة فلاديمير بوتين؟؟؟.

اشترينا عشرات الملايين من أرغفة الخبز خلال أيام قليلة، وهذا ما يفوق استهلاكنا الحقيقي بثلاثة أضعاف على الأقل. فلماذا تحتلنا هذه الثقافة، فنحاول أن نملأ ما لا يُملأ: (عين الفجعة) لا مستقر لها.

اضافة اعلان

في الوضع الطبيعي نرى عشرات أكياس الخبز تُعلق بأيادي حاويات القمامة، بانتظار من يمر ويستفيد من هذه النعمة الرخيصة التي دلقها الناس. سنحتاج إلى عشرات الأيادي الإضافية لكل حاوية؛ كي تتسع لحقائب خبز تهافتنا على شرائه بمنتهى الغباء.

فالسيارة التي أعاقت رتلاً من السيارات أمام مخبز خرج سائقها فرحاً من الزحمة بربطتين من الخبز، ورمقنا بابتسامة نصر، ثم فتح الصندوق، فبانت أكياس خبز ملأت نصف المكان. أي جشع كان وسيكون!.

تذكرت فيلماً سينمائياً قديماً نجا فيه ثلاثة أشخاص من عاصفة ثلجية في العراء بعد أن تحاضنوا، وناموا على دفء قليل. الشعوب التي تتحاضن وتتعاضد تنجو دائما، ويمر ليلها من غير سوء!.

لا معنى لتكرار مشاهد نقل المرضى وإسعافهم، ولا معنى لنقل صور فتح الطرق والشوارع بالجرافات، إنه حشو اعلامي لا يجدي نفعاً.

نحتاج أن يكون تعاملنا طبيعياً مع العواصف والموجات الثلجية، لا أن (نكركب) حياتنا كلما دق الكوز بالجرة.

صديق قال برسالة هاتفية ساخراً حينما سألته عما فعل في حبسة البيت، إنه يفكر بطريقة علمية ليتخزين (سقعة) الشتاء؛ ليستخدمها برداً منعشاً في حنانية شوب تموز وآب تماماً كما نخزن اللبن على شكل جميد. فقلت له. لا تقلل من قيمة الفكرة فالأشياء العظيمة في حياة البشر بدأت بمثل هذا الجنون، أو الهبل.

صديق اشتكى بأنه لم يبق في ثلاجتهم إلا التحاميل!. فقلت: من الجميل أنكم لم تشعروا بحمى الاستهلاك، وإلا لنفذت هذه بسلام!.

أتوق ليوم تصبح فيه هذه الموجات والعواصف شيئاً عادياً لا يأخذ كل مساحة فكرنا واعلامنا ويشاغل حياتنا وينسينا قضايانا وأنفسنا وأعمالنا.

الأسرة التي لا تستطيع أن تسلي نفسها، وتقضي وقتها بمرح وسعادة؛ لا يعول عليها!.
بالغنا في تعاطينا مع العاصفة ومشاكلها، ونسينا أن نحمد الله على نعمة تحتاجها مواسمنا: الحمد لله.


 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة