السبت 2024-11-23 08:26 م
 

من يقرع جرس المراهقين؟

07:58 ص

حین سألت طلابا في كلیة الإعلام عن الھدف الذي یجب أن توجھ لھ أدوات الإعلام المختلفة، بعد قضیة الطفلة نیبال، وظھور أن الذي تعرض لھا وقام بقتلھا بطریقة بشعة ھو من فئة الشباب، كان جوابھم على الفور: المراھقون!

اضافة اعلان


ھؤلاء طلبة ما یزالون على مقاعد الدراسة، ولكنھم وبحكم سنین عمرھم الصغیرة، على اطلاع ودرایة واسعة لما یدور في فلك المراھقین، خلال السنوات القلیلة الماضیة، وما ھي المؤثرات التي یتعرضون لھا بشكل مكثف من خلال تكنولوجیا التواصل والألعاب الالكترونیة، تلك التي لم تلق بالا من قبل التربویین والأخصائیین الاجتماعیین والنفسیین، بشكل یتلاءم وحجم كارثة یبدو وأنھا في طریقھا إلى التفاقم أكثر وأكثر. ولیس أدل على ذلك إلا جرائم التحرش ومحاولات الاغتصاب والانتحار والتنمر والقتل كما یظھر مؤخرا.


تقول الدراسات والمشاھدات الأولیة إن تعرض الشخص الغاضب لمشاھدة إثارة جنسیة یجعلھ أكثر عدوانیة في سلوكھ تجاه الآخرین الذین قد یختلفون معھ.
كما أن المشاھد المثیرة جنسیا تقود الشخص المتعرض لھا إلى سلوك عدواني لأن الإثارة في حد ذاتھا حالة ھیاج عاطفي. بالإضافة إلى أن التعرض المستمر لمشاھد بھا إیحاءات جنسیة یشجع على الاغتصاب لشعور المراھق بأن ما یفعلھ متعة ولیس جریمة.


أطفالنا ومراھقوننا یتعرضون یومیا لسیل عارم من المواد المحفزة على العنف اللفظي والجسدي، حتى لو كان ذلك من خلال لعبة نراھا نحن الآباء والأمھات، بأنھا أسلم من الخروج إلى الشارع والتعرض لمخاطر الاعتداء أو الضرب والدھس مثلا.
نحن لا نعي بأن القنابل الموقوتة في عقول وأجساد أبنائنا ھي عرضة للانفجار في أي وقت، في غیاب الرقابة الأبویة والخطاب الأخلاقي والدیني، الذي تقع مسؤولیتھ أیضا بل وكثیرا على المدرسة، بعد البیت طبعا.


الدفع الھائل من التطور التكنولوجي، والذي وصل بجزء كبیر منھ إلى حیاة الأسرة، أدى إلى غیاب الوالدین الذھني عن متابعة الأبناء والتواصل معھم، وأوجد تغییرا جذریا في ھوایات الأطفال واھتماماتھم، فأصبحوا یقضون أوقاتا طویلة في عالم وھمي، معرضین للاختراق النفسي والذھني عبر الألعاب الالكترونیة لعقلھم الباطن، لتكسبھم شخصیات مضطربة وھویة مشوھة، خلقت حاجزا بین الطفل وأسرتھ وأقرانھ في العالم الحقیقي. ”


الألعاب الالكترونیة، خاصة العنیفة التي تقوم على الحرب والقتل وھي الأكثر رواجا لدى الصغار، أكسبتھم السلوك العدواني، والذي نجد مؤشراتھ في سرعة الغضب وتسارع ضربات القلب، ومشكلات النوم، والعزلة عن الأصدقاء، إضافة إلى الفوبیا والوسواس وضعف الثقة في النفس والقلق وصعوبات التكیف، والمزج بین الواقع والخیال“ منقول عن دراسة بریطانیة.


 أما الألعاب ذات الإیحاءات الجنسیة فھي تجعل الطفل أكثر عزلة وتسھل وقوعھ فریسة للاستغلال الجنسي والانحراف ثم البرود الجنسي في الكبر.


یواجھ الواقع الافتراضي مشاكل أخلاقیة عدة، ولا یقف ذلك عند الترویج للاعتداء الجنسي فحسب، فھناك مخاوف متزایدة حول المحتوى الجنسي المتوقع إدخالھ إلى ھذا العالم الخیالي، كأن یمارس اللاعب الجنس مع شخصیات افتراضیة أو حتى مع أطفال، وھذا بالضبط ما حصل مع حادثة الطفلة نیبال، وحدث تبین فیما بعد، أنھ مسجل في قضایا تسول وسرقة وضرب.


المسؤولیة الإعلامیة والتربویة الیوم ھي في أحلك امتحاناتھا. والرسائل المقبلة علیھا أن تقرع جرس الخطر، وتوجھ الخطاب مباشرة لفئة الأطفال المعرضین لمثل تلك الجرائم، وللمراھقین بالمثل، ممن یحلو لھم اختراق القوانین والأعراف والممنوعات، من أجل أن یكونوا أبطالا حقیقیین، لا وھمیین كما تزرع في نفوسھم تكنولوجیا الخراب والدمار.

 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة