كان الرئيس العراقي السابق مام (العم) جلال الطالباني على صلة مبكرة بالأردن قبل أن ينشق عن الملا مصطفى البارزاني ويشكل حزبه الخاص حزب الإتحاد الوطني الكردستاني ولعل ما لم يذكر إطلاقاً أنه كان تزود في عام 1963 برسالة أردنية من خلال سفارتنا في بيروت وكان سفيرنا هناك الرجل الطيب عبدالله زريقات رحمه الله ويبدو أن تلك الرسالة كانت فاتحة العلاقات بين الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر والحركة الوطنية الكردية الناشئة التي كانت قد أصيبت بإنتكاسة كبرى بعد القضاء على جمهورية مهاباد الكردستانية التي أقامها أكراد إيران في عام 1946 ولم تعش أو تعمر إلا لشهور قليلة.
ولعل ما يجب أن يقال في هذا المجال أن الخلاف بين الطالباني وبين الملا مصطفى البارزاني الذي أدى إلى الإنفصال وتشكيل حزب الإتحاد الوطني الكردستاني كانت جذوره جهوية «مناطقية» وعشائرية فالأول من منطقة السليمانية التي أصبحت المركز الرئيسي لمنطقة سوران والثاني من «بارزان» التي تقع في إقليم أو منطقة بهدنان وهكذا فإن التمايز أو التنافس بين هاتين المنطقتين لا يزال مستمراً حتى الآن وربما أنه غير معروف للبعض أنَّ لكل من هاتين المنطقتين لهجتها المحكية الدارجة الخاصة التي كانت في حقيقة الأمر بمثابة لغة مستقلة قبل أن يحصل إقليم كردستان العراق على الحكم الذاتي وتصبح هناك لغة كردية واحدة للمدارس والجامعات والدوائر الرسمية وللصحافة وكل الوسائل الإعلامية .. وكل شيء.
لقد عُرف عن جلال الطالباني الذي يتميز بدماثته وتذوقه لـ «النكتة» اللاذعة الرشيقة أنه مناور من الدرجة الأولى وأنه بالنسبة لقضيته الكردية لا يحلل ولا يحرم وأنَّ لديه القدرة على الإنتقال من دمشق إلى بغداد في اليوم ذاته رغم أن بينهما ما صنع الحداد وأن الصراع بين حافظ الأسد وصدام حسين كان في ذروته وأن جيْشي البلدين مستنفران في مواجهة بعضمها بعضاً على الحدود العراقية – السورية .
كان (مام) جلال حاذق في التملص من أيِّ إتفاقات عندما يشعر بأن فيها إجحافاً له ولقضيته وللكرد عموماً والمعروف عنه أنه كان إتفق مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في ساعات الصباح على تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها حزبه حزب الإتحاد الوطني الكردستاني إلى جانب حزب البعث العربي الإشتراكي لكن عندما حان في ساعات المساء وقت أداء هذه الحكومة اليمين الدستورية بحثوا عنه ولم يجدوه وحيث ثبت أنه كان غادر الأراضي العراقية وأصبح على الجانب السوري من الحدود المشتركة.
كنت قد عرفت هذا الرجل، الذي كانت لديه قدرة عجيبة على إقناع محدثه بوجهة نظره، في وقت مبكر ويقيناً أنني بقيت أكن له كل تقدير وإحترام رغم إختلافي مع معظم وجهات نظره وهنا فلعل ما يجب أن أشير إليه أن آخر مرة التقيته فيها كانت عندما ذهبت لزيارته في مدينة الحسين الطبية ... لم يكن وضعه الصحي مريحاً ولكن ما أن رآني ألج باب غرفته حتى تحامل على نفسه وأستند في سرير الشفاء ورفع يديه عالياًّ وأحتضنني وهو يقول لمن حوله، ومن بينهم الصديق العزيز برهم صالح إنَّ هذا الإنسان هو أعز أصدقائي .. يجب أن تزورني عندما أعود إلى بغداد.. عليك أن تكون مطمئناً أن لدي منطقة حمراء أكثر أماناً من المنطقة الخضراء.. رحمك الله أيها المغادر الكبير وإنني أعتذر لروحك الطاهرة عن كل ما يمكن أن أسأت به إليك في المماحكات السياسية غير الموضوعية رحمك الله يا «مام» جلال لقد كنت من أكثر المخلصين لقضية شعبك الشعب الكردي الشقيق.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو