الإثنين 2024-11-25 07:30 ص

الواح شوكولاتة مخلوطة بعقاقير مخفية تغزو الاسواق والغذاء والدواء تحذر

11:02 ص

الوكيل الإخباري - على رفوف متاجر محلية غير مصرح لها بيع العقاقير يوضع مستحضر من خلاصة أعشاب، في مقدمتها عشبة الماعز الهائج أو ما يدعى الإبيميديوم، وهو منتج يروج له بائعوه على أنه منشط طبيعي مصنوع من العسل والأعشاب التي تعزز الصحة الجنسية، رغم تحذيرات عالمية من احتوائه على مواد دوائية لم يفصح عنها المصنعون.



وتزدهر التجارة بأنواع مختلفة من المعاجين العشبية في متاجر محلية، وصيدليات محدودة، وفي حوزة باعة ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، والأسواق الإلكترونية، ويمولون إعلانات مضللة عن منتجات يزعمون أنها طبيعية بالكامل وتعزز الصحة الجنسية، وفق رصد أجرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) لآلية تسويقها.


وفي موازاة المعاجين العشبية، تأخذ صفحات إلكترونية على عاتقها بمزاعم مضللة، بيع أصناف متنوعة من ألواح الشوكولاته المخلوطة بعقاقير مخفية، في وقت تحذر فيه الهيئات المختصة دوليا من تناولها لاحتوائها على عنصري السيلدينافيل والتادالافيل اللذين لا يستخدمان إلا بإشراف طبي لعلاج حالات مرضية، أبرزها الضعف الجنسي.


الأرقام الرسمية تقول إن المؤسسة العامة للغذاء والدواء أجازت 6 أصناف فقط العام الماضي تحت مسمى المنشطات الجنسية الطبيعية ضمن محددات، أبرزها خلوها من السيلدينافيل أو التادالافيل، واقتصار بيعها على الصيدلية العامة ومباشرة للجمهور، رغم أن ما يروج له ويباع في الأسوق يفوق ذلك الرقم بكثير.


وطالت يد مروجي مستحضرات الأعشاب وألواح الشوكولاته بعض فضائيات "السلايد تي في" المحلية والأسواق الإلكترونية، كمنصات دعائية يبيعون عبرها الأوهام لأكبر قدر من المستهلكين الذين يحيدون عن جادة الصواب نحو علاج آمن وسليم وتحت الإشراف الطبي.


ورغم تحذيرات دولية من تداولها واستخدامها، يصر مروجوها على جلبها إلى السوق المحلية جوا عبر تجار الشنطة أو تحميلها في حقائب المسافرين الفرادى؛ بعبوات ذات تصميم جذاب وتحت مسميات مختلفة، وتركيبة تكاد تكون واحدة، وفق ما يكشف العشريني علاء أحد باعتها.


ولم يتوقع علاء حجم الإقبال المتزايد عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أحد معاجين "العسل بالأعشاب" المنشطة التي يبيعها، وتعد بديلا مقلدا عن منتج أجنبي مماثل حظر استيراده، إذ يؤكد أن المنتج المقلد الذي يستورد من دولة مجاورة، يشهد إقبالا من فئة الشباب والمتزوجين حديثا، حتى أنه بات يتلقى طلبات من مختلف محافظات المملكة، ويقوم بإيصالها عبر إحدى شركات التوصيل.


وتناهى اسم المستحضر إلى مسامع علاء للمرة الأولى عندما لاحظ الاستفسار المتكرر عن وجوده من قبل عملاء صيدلية عمل سابقا على تنظيم رفوفها، غير أن الصيدلاني كان يؤكد دائما سحبه من السوق لثبوت احتوائه على عقاقير مخفية، فراودته فكرة التجارة بالبديل المقلد عن المنتج الأصلي، مطوعا صفحة له على مواقع التواصل الاجتماعي لتكون نافذة بيع إلكترونية بعيدا عن أعين الرقيب.


وفي متجر تمتلكه إحدى محطات الوقود، ينصح عامل، شابا مقبلا على الزواج باستخدام معجون منشط يباع لديهم، وهو خليط من العسل والجينسنغ وعشبة الماعز ومواد أخرى، مدعيا أن تناوله بشكل يومي وخلطه مع كأس عصير سيحقق له نتائج فضلى في حياته الجديدة، وسيعزز من مناعته، ويجعله دائم النشاط والحيوية، دون أن يدرك الطرفان حظر المستحضر رسميا لاحتوائه على عقاقير مخفية.


هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أكدت احتواء "المعجون المنشط" ذاته على مادة السيلدينافيل، وهي العنصر النشط في عقار الفياغرا، داعية إلى عدم شراء المنتج أو استخدامه، فالمكونات غير المعلنة فيه تتفاعل مع النترات الموجودة في بعض الأدوية، ما يخفض ضغط الدم إلى مستويات خطيرة.


ويبين الملصق التعريفي للمنتج الذي يأتي في عبوات أو شرائح، احتواءه على مزيج يضم أكثر من 20 مستحضرا في مقدمتها العسل والجنسنج الأميركي، وعبارة تؤكد "عدم احتواء المنتج على أي مادة دوائية أو كيميائية" في تضليل متعمد للناس، وإخفاء لمادة السيلدينافيل التي تستخدم لعلاج الضعف الجنسي وارتفاع ضغط الدم الرئوي.

 

محليا، حذرت المؤسسة العامة للغذاء والدواء قبل أعوام من تداول المنتج نفسه لاحتوائه على مواد دوائية اعتبرتها "مضرة بصحة المواطنين"، وقررت في ذلك الحين سحبه من الأسواق.


وفي ردها على (بترا) قالت إنها أجازت استيراد المنتج وتداوله عام 2017، لكنها ألغت إجازته ومنتجات مماثلة لاحقا، بعدما تبين لفريق برنامج رصد المواد الدوائية في المنشطات الجنسية الطبيعية، احتواؤها على مواد دوائية غير معلنة.


وتقدمت عام 2019 شركات عدة بطلبات إجازة منتجات مماثلة وفق المؤسسة، والتي وافقت على استيراد وتداول منتجات عدة، شريطة فحص كل شحنة واردة إلى المملكة وتأكيد خلوها من جميع المواد الدوائية بناء على نتائج برنامج الرصد.


وأوضحت المؤسسة أنها تطلب عند إجازة مثل تلك المنتجات من الراغبين بالاستيراد، تقديم طلب إجازة يتضمن شهادة حرية البيع الصادرة من جهة رقابية في بلد المنشأ، وشهادة مكونات وتحليل تثبت أن جميع مكونات المنتج طبيعية، ولا تحتوي على مواد دوائية ممنوعة، لتعرض بعدها على اللجان الفنية المختصة، وتفحص لاحقا للبت في إجازتها.


المؤسسة تقول إنها تتابع من خلال قسم "أغذية الاستعمال الخاص" ما يعلن ويروج عن تلك المستحضرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت تشدد فيه على أنها ستتخذ المقتضى القانوني بحق من يخالف التعليمات الصادرة عنها سواء بالإعلان أو الترويج حتى للمنتجات المجازة دون موافقتها.


وتشترط المؤسسة تثبيت تحذيرات إلزامية على بطاقة بيان المنتجات المجازة بضرورة عدم استهلاكها المنتجات من قبل الحوامل والمرضعات والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية إلا بعد استشارة الطبيب المختص.


استشاري أمراض القلب والشرايين في مستشفى البشير الدكتور فخري العكور حذر من تداول أو تناول الخلطات العشبية التي يروج لها على أنها تعزز الصحة الجنسية، وتباع دون ترخيص مؤسسة الغذاء والدواء، لكونها تحتوي على مادة السيلدينافيل الذي يعد المادة الأساسية في الأدوية التي يصفها الأطباء لبعض حالات العجز الجنسي تحت الرقابة الطبية.


وأوضح أن إقدام مريض القلب الذي يستخدم الأدوية الموسعة للشرايين وعلى رأسها دواء "ايزوسوربيد" على شراء تلك الخلطات وهو لا يعلم عن وجود السيلدينافيل، فإنه يعرض نفسه لمضاعفات خطيرة على القلب قد تؤدي إلى الوفاة، وهو ما أكده الاطباء في المنتديات الطبية والدراسات، وتؤكده سجلات المستشفيات لمرضى القلب الذين استخدموا السيلدينافيل خفية بالرغم من نصائح أطبائهم بعدم استخدامه.


ودعا العكور مرضى القلب إلى الابتعاد كليا عن تلك المنتجات ومراجعة أطباء المسالك وأطباء الجهاز التناسلي لعرض مشاكلهم الصحية، وتلقي الأدوية الآمنة لتحسين قدراتهم في ظل إشراف طبي متكامل.


أستاذ علم العاقير والنباتات الطبية وعضو هيئة الخبراء الاستشاريين في منظمة الصحة العالمية الدكتور أحمد الكوفحي أكد أن تناول المنتجات التي تحتوي على عقار السيلدينافيل بدون توصية طبية بجرعة ملائمة للإنسان سيؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة خاصة لدى مرضى القلب، موضحا أن السيلدينافيل هو مادة كيميائية تستخدم لعلاج الضعف الجنسي عند الرجال عن طريق زيادة تدفق الدم في أعضاء الجسم.


وأضاف أن تناول ذلك النوع من المنتجات مجهولة المكونات سيؤدي إلى تفاعلات دوائية وكيميائية قوية تصل في نهاية المطاف إلى حدوث تداخل أو تضارب دوائي، مشيرا إلى أن اختبار عشرات المنتجات من ذلك النوع دائما ما يكشف عن مواد كيميائية مخفية في داخلها.


وحذر الكوفحي من تناول الخلطات، وخاصة النباتية، دون البحث في مأمونيتها وخضوعها لاختبارات كل على حدة، مؤكدا أن معظم النباتات غير مثبتة المأمونية.


وتنمو على سطح الكرة الأرضية حوالي 250 ألفا من النباتات المزهرة -بحسب الكوفحي- الذي أكد أن ما درس منها دراسة سطحية لا يتجاوز في المتوسط 10 بالمئة، مشيرا إلى أن النباتات تقسم إلى ثلاثة أقسام؛ آمنة الاستخدام، وغير مثبتة المأمونية، وسامة.


وقال الكوفحي إن إيجاز تداول المنتجات محليا خاصة المنتجات الدوائية والعشبية محصور بالمؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تمتلك القول الفصل في استخدامها أو تناولها.


أمين سر نقابة الصيادلة الدكتور صلاح قنديل أوضح أن الرقابة على الغذاء والدواء محليا يقع ضمن مسؤولية المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تصدر لائحة بالأغذية والعقاقير المحظورة محليا، مبينا أن النقابة تعمم على الصيدليات المحلية كافة بالمستحضرات الممنوعة.


وأكد أن إيجاز العقاقير من عدمه هو خط أحمر لا تهاون فيه من قبل نقابة الصيادلة التي تقوم بتحويل أي صيدلية مخالفة إلى مجلس تأديبي يقر عقوبات تبدأ بالتوبيخ والإنذار والغرامة، وتصل إلى سحب رخصة المزاولة بشكل مؤقت أو دائم.


وقال قنديل إن القانون نظم العلاقة مع الصيدليات، مشيرا إلى أن الصيدليات ملتزمة بالقانون وحريصة على عدم مخالفته.


ولفت إلى وجود منتجات دوائية غير مرخصة تباع في الأسواق وغير معروفة التأثير على الإنسان، ولم يجر عليها اختبارات لمعرفة الآثار الجانبية لها على صحة الإنسان وسلامته.




gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة