الوكيل الاخباري - وسط استمرار الانهيار الاقتصادي، شهد القطاع الصيدلي في لبنان الجمعة إضرابا مفتوحا، وسط نقص كبير في الأدوية وتقنين الكهرباء والمياه وتدهور قيمة العملة المحلية. ويمر لبنان منذ صيف 2019 بأزمة غير مسبوقة، فاقمها انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من آب/أغسطس وإجراءات مواجهة فيروس كورونا.
شهد القطاع الصيدلي في لبنان الجمعة إضرابا مفتوحا مع نضوب الأدوية، في فصل جديد من فصول تداعيات الانهيار الاقتصادي المتسارع في البلاد. ويهدد توقف محطتي توليد رئيسيتين عن إنتاج الكهرباء قدرة مرافق عامة على الاستمرار بتقديم خدماتها على رأسها المياه.
ووسط عجز سياسي تام يحول منذ 11 شهرا دون تشكيل حكومة تباشر خطة إنقاذية وتضع حدا للانهيار المالي الذي رجّح البنك الدولي أن يكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، يستمر تدهور قيمة العملة المحلية، ليلامس سعر الصرف الجمعة عتبة 19500 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء.
وعلى وقع شح احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية. وأدى ذلك إلى تأخر فتح اعتمادات للاستيراد، ما تسبب بانقطاع عدد كبير في الأدوية، من مسكنات الألم العادية وحليب الأطفال الرضع، حتى أدوية الأمراض المزمنة. كما أدى إلى شح المحروقات وانتظار الناس ساعات أمام محطات الوقود، على الرغم من رفع الأسعار الأسبوع الماضي.
وبدأ تجمع أصحاب الصيدليات صباح الجمعة إضرابا عاما مفتوحا. وقال عضو التجمع علي صفا لوكالة الأنباء الفرنسية "قرابة 80 في المئة من الصيدليات التزمت بالإضراب في بيروت والمدن الكبرى، مقابل خمسين إلى ستين في المئة في المناطق الأطراف". وربط عدم الالتزام الكلي بعدم تأييد نقابة الصيادلة للإضراب، وطلبها مهلة للتفاوض مع وزارة الصحة.
وذكر مصوروكالة الأنباء الفرنسية أن غالبية الصيدليات وبينها صيدليات كبرى، أقفلت أبوابها على طول الخط الساحلي بين مدينتي جبيل وجونية شمال بيروت. وأفاد مصور آخر عن التزام عدد كبير من الصيدليات في الضاحية الجنوبية لبيروت بالإضراب. وتفاوتت نسبة الإقفال بين منطقة وأخرى في أحياء العاصمة.
ومنذ مطلع العام، يبحث اللبنانيون عبثا عن أدويتهم في صيدليات نضبت محتوياتها تدريجيا. وينشر مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي يوميا أسماء أدوية يحتاجونها. وبات كثر يعتمدون على أصدقائهم وأفراد عائلاتهم في الخارج لتأمين أدويتهم، بأسعار مرتفعة جدا مقارنة مع السعر المحلي المدعوم.
وبحث إيلي (48 عاما) لأربع ساعات الاثنين عن دواء لعلاج ارتفاع حمض اليوريك، من دون أن يوفق. ويقول "تكرر الجواب ذاته ’الدواء مقطوع‘ أو ’الشركات لا تسلمنا‘ الأدوية"، ما دفع طبيبه إلى وصف دواء بديل، عثر عليه بعد جولة على خمس صيدليات.
نفاد المخزون
ومن جهتها، حذرت نقابة مستوردي الأدوية الأحد من "نفاد" مخزونها من "مئات الأدوية الأساسية التي تعالج أمراضا مزمنة ومستعصية". وقالت إن مستحقاتها المتراكمة لدى مصرف لبنان تجاوزت 600 مليون دولار.
واعتادت الشركات تقديم فواتير الاستيراد إلى مصرف لبنان لتسديدها، في إطار سياسة الدعم. لكن مع شح الدولار وازدهار عمليات التهريب إلى الخارج، باتت تُطلب موافقة مسبقة من وزارة الصحة على الأدوية التي يراد استيرادها وتُسدَّد الفواتير لاحقا، وهو ما أدى إلى تراكم مستحقات الشركات. وتوقفت الأخيرة منذ قرابة شهرين عن توزيع ما يوجد في مخازنها ثم عن الاستيراد.
ويطالب مصرف لبنان منذ أشهر وزارة الصحة بوضع جدول أولويات بالأدوية التي تجب مواصلة دعمها.
ويقول صفا "المطلوب اليوم هو أن توقع وزارة الصحة على لوائح الأدوية وفق الأولويات، فتبدأ الشركات تسليم الأدوية غير المدعومة إلى الصيدليات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، وتلك المدعومة وفق السعر" الذي تحدّده الوزارة.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد أعلن الاثنين أنه سيسدد "الاعتمادات والفواتير التي ستقدم .. والتي تتعلق بالأدوية، لا سيما أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، وفقا للأولويات التي تحددها وزارة الصحة (..) ضمن مبلغ لا يتعدى 400 مليون دولار" يغطي "مستوردات أخرى بما فيها الطحين".
ووفق نقابة مستوردي الأدوية، لن يتخطى الجزء المخصص للأدوية 50 مليون دولار شهريا، وهو ما يعادل نصف الفاتورة الاعتيادية.
توقف معامل ومضخات
ولم يبق قطاع أو طبقة بمنأى عن تداعيات الانهيار. وترفع قطاعات إنتاجية أصواتها تدريجيا مطالبة بدعمها للاستمرار في تقديم خدماتها.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان الجمعة أنه مع تعذّر تفريغ حمولة باخرتين، بانتظار استكمال إجراءات مصرفية ولوجستية، توقفت كل من محطتي الزهراني ودير عمار لتوليد الكهرباء تباعا نتيجة نفاد مخزونهما من مادة الغاز أويل، ما سيدفعها إلى اتخاذ إجراءات احترازية للحفاظ على الحد الأدنى من التغذية.
ويأتي ذلك فيما تصل ساعات التقنين يوميا إلى 22 ساعة، ويجد كثر أنفسهم عاجزين عن دفع فاتورة الاشتراك بمولدات خاصة، مع رفع أسعار الوقود مؤخرا وشح توفرها.
وجراء التقنين القاسي في الكهرباء، أعلنت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي أنها "ستبدأ بتقنين توزيع المياه إلى الحدود الدنيا" موضحة أن "الكميات المتوافرة لا تكفي إلا لفترة قصيرة جدا ستتوقف بعدها كل منشآتها ومحطاتها عن ضخ وتوزيع المياه".
وبدورها، أعلنت مؤسسة مياه لبنان الشمالي بدورها "حالة الطوارئ القصوى وبرامج تقنين تطال عملية ضخ وتوزيع المياه".
ومنذ صيف 2019، يشهد لبنان انهيارا اقتصادياً متسارعا، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من آب/أغسطس 2020 وإجراءات مواجهة فيروس كورونا.
ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، فيما يشترط المجتمع الدولي تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان.
وتعتزم فرنسا تنظيم مؤتمر دعم هو الثالث منذ الانفجار لتقديم المساعدات مباشرة إلى الشعب اللبناني.
وزارت السفيرتان الفرنسية آن غريو والأمريكية دوروثي شيا الخميس السعودية للقاء عددٍ من المسؤولين فيها، في محاولة لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية "للضغط على المسؤولين عن التعطيل".
فرانس24/ أ ف ب
-
أخبار متعلقة
-
وزير الدفاع اللبناني يعلق على "حرية التحرك الإسرائيلي"
-
الهند تخطط لإرسال مركبة علمية إلى المريخ
-
بيان من وزير الدفاع الإسرائيلي بعد وقف إطلاق النار في لبنان
-
إعلام إسرائيلي: إطلاق نار تحذيري في كفركلا
-
الجيش اللبناني يستعد للانتشار في جنوب البلاد
-
اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يدخل حيز التنفيذ
-
إعلام إسرائيلي: تل أبيب طلبت من أنقرة التوسط لدى حماس
-
سانا: جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف بلدتين وسط سوريا