بعیدا عن انتشار الأخبار المزیفة والمفبركة
وخطابات الكراھیة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وھي مشكلة باتت تؤرق المجتمعات
والدول، فإن الأسوأ في تغلغل ھذا العالم الافتراضي بتفاصیل حیاتنا المعاصرة قد
یكون الثقافة، ونقول ثقافة تجاوزا، التي یصنعھا الانشغال حد الغرق بھذا العالم من
قبل الكبار والصغار ومن مختلف الطبقات والمستویات الاجتماعیة، مخلفا آثارا
وتداعیات نفسیة واجتماعیة وثقافیة سلبیة یجھد الباحثون الیوم برصدھا وتحلیلھا !
باتت الیوم أعداد واسعة من المجتمع، كما
باقي المجتمعات حول العالم، غارقة حتى أذنیھا بالعیش داخل العالم الافتراضي الذي
توفره وسائل التواصل الاجتماعي وثورة الاتصالات والمعلومات الكاسحة، ویكاد یكون
الإدمان على ھذه التطبیقات المبھرة وبرامجھا المشغولة وفق افضل برامج التسویق
والترویج التجاري، عاما طاما في المجتمعات في ظل انتشار خدمات الانترنت والھواتف
الذكیة، في وقت یبدو الخطر أكبر وأكثر تأثیرا على الأطفال والصغار الذین ولدوا
ووجدوا بھذا الكون وھو یعج بھذا التقدم التقني الكاسح.
التمعن فیما یحدث في ھذا العالم الافتراضي
وعبره یثیر الأسى، حیث یتقدم الانشغال والغرق بھذا العالم لدى الناس على حساب
تراجع وسائل التواصل المباشر والوجاھي بین البشر، وایضا على حساب تراجع مصادر
الثقافة والتنشئة التربویة التقلیدیة من كتاب وصحیفة ومجلة وسینما وندوات وحوارات
وابداعات فنیة وریاضیة، إذ یسود التسطیح و“الوجبات الخفیفة“ في المعرفة والثقافة،
ویتعمق الاستعراض والنفاق عبر مواقع التواصل، وتتعمق الفروقات الطبقیة والوعي بھا
في ظل سیطرة العارضات و“ناشطات وناشطي“ الماكیاج والأزیاء والسیارات والمطاعم والفنادق
والاعلانات الترویجیة.
رغم كل ما توفره الشبكة العنكبوتیة وانتشار الانترنت وسھولة الوصول
إلیھ من قبل اعداد ّ متزایدة من البشر، فلا یمكن القول أن ذلك وسع من باب
الاستفادة مما توفره من علم ومعلومات وثقافة لغالبیة من یدخلون الى ھذه الشبكة، بعد ان سیطرت ”ثقافة“
التواصل الاجتماعي وإدمان متابعة الفیدیوھات الخفیفة والغریبة او تلك المبھرة
باستعراض القصور والمطاعم والفلل والسیارات والھدایا والاطعمة وغیرھا.
لم یعد الكتاب، قصة او روایة او مبحثا
علمیا او ثقافیا، مصدرا للتثقف والاستمتاع والبحث عن الذات وتوسیع الافاق، كما لم
یعد الفیلم والسینما والفن والریاضة أساسیا بالحیاة أمام تقدم وسائل التواصل
الاجتماعي وتطبیقاتھا، التي تنقلك للعالم الواسع وانت بغرفة نومك او على اریكتك تتناول
الدسم وتترھل على مھل وتغرق بإدمانك وتعلقك المرضي بتطبیقات الھاتف الذكي والعابھ
الغبیة لكن المثیرة والقادرة على جرك الى مرحلة الإدمان.
دع عنك ما باتت تخلقھ وسائل التواصل
الاجتماعي بتوفیرھا منصة لكل من ھب ودب، من نشر لخطابات الكراھیة والاقصاء
والتحشید الغرائزي أحیانا كثیرة، وما تبثھ من أخبار مفبركة وملفقة، كل ذلك قصة
أخرى.
نعم؛ لا یمكن ان یكون كل ما سبق مبررا لنسف
وإنكار الایجابیات الضخمة التي یوفرھا ھذا التقدم التقني والاتصالي الكبیر، وما
وفرتھ وسائل التواصل الاجتماعي من امكانات ومساحات لجمع الرأي العام وتنظیمھ وراء
قضایا سیاسیة ومعیشیة وحیاتیة ملحة، وما وفرتھ من قدرات كبیرة في التأثیر على
السیاسات العامة ومصالح الناس، الا أن ذلك لا یخفي ولم یحد من الآثار السلبیة التي
باتت المجتمعات تجد نفسھا فیھا وتدفع ضریبتھا، خاصة مع الأجیال الصغیرة والأطفال
والمراھقین.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو