الأحد 2024-12-15 03:36 ص

أكلاف الوظائف «الوَهمِية» .. و«التسَكُّع» مع رجال الأعمال!!

07:03 ص

في معظم بلاد العالم.. يضعون مبدأ سيادة القانون موضع التنفيذ، بعيداً عن رطانة التصريحات المُنمَّقَة ونفاق الكلام الذي لا رصيد له ولا يُقنِع الناس، التي يطلقها كثير من المسؤولين العرب, لكنهم لا يَكسبون ثقة احد من شعوبهم, لِأن «العناوين» تفضح المكتوب او المُصّرِّح.وخصوصاً في تهافت خطابِهم وحِرصِهم المَزعوم على «سمعة» الأوطان او عزوف المُستثمِرين, وكأن الأخيرين.. لا يقرأون ولا يسمعون ولا يَرون.


ولعل ما يحدث في فرنسا واسرائيل – بما هما نموذجان «ساخنان» ليس إلاّ – يدفع الناس في بلاد العرب للتساؤل عن سِرّ القوة التي تتمتع به هذه الدول، رغم ان غسيل زعمائها – الوَسِخ – يُنشر على الملأ ويُترك لوسائل الاعلام ان تخوض فيه وتضيء عليه, كما يُمنح هؤلاء الزعماء الفرصة للدفاع عن انفسهم, بالنفي – غير المسنود غالباً – , وبِحشْد المناصِرين وقوى الضغط وغيرهما من الوسائل التي تتيحها آليات الحياة الديمقراطية, إلا أن القانون يبقى – وحده – في النهاية هو الحَكَمْ، لا يخشى سلطة الحاكِم او يخاف ابتزاز أنصارِه.

مرشح اليمين الفرنسي فرانسوا فِيون, ( الذي كادت وسائل الاعلام الفرنسية والدوائر السياسية بمختلف تشكيلاتها ومرجعياتها, تجزم انه سيرتقي الى الجولة الثانية مع مُرشَّحة اليمين المتطرف ماريان لوبن زعيمة الجبهة الوطنية, وأنه – فِيون – سيفوز برئاسة الجمهورية الفرنسية في الإنتخابات التي ستجري في ايار القريب)... بات مستقبله السياسي في مهب الريح, بعد الفضيحة المدوية التي ما تزال تتردد اصداؤها في المشهد السياسي والحزبي الفرنسي والتي كشفتها المجلة الساخرة المعروفة باسم «لو كانار انشِانِيه» حول تلقي زوجته مبالغ مالية تصل قيمتها الى (600 الف يورو) طوال ثماني سنوات, بذريعة انها كانت تعمل مُلحَقة او مساعِدة برلمانية لزوجها، لكنها لم تكن تعمل في واقع الحال ولم يُصرِّح زوجها عن ذلك.. ابداً.

بدأت اسهم «الرئيس المُرتقَب» تهوي في استطلاعات الرأي, ما اضطر الرجل الذي «خَدَمَ» بوظيفة رئيس الوزراء في عهد نيكولا ساركوزي للقول: انه سينسحب من السباق الرئاسي في حال ثبت صحة ادعاءات ان زوجته لم تكن تعمل بالفعل. وإن كان استمر في حملته الانتخابية محاولاً إظهار نفسه (وزوجته) بأنه ضحية كيد سياسي، قائلاً: ارفض كل الاتهامات الموجهة لي ولزوجتي, واستغرب هذا «الازدراء» الذي تتعرض له بينيلوب (اسم زوجته) فقط لأنها إمرأة وتعمل في الشأن العام (...). كلام يكاد الشّك بأن الرجل استقاه من «إرث» الثقافة السياسية العربية, التي تحفل بالكلام والبلاغة الفارِغة. والتي لا تتوقف عن محاولات الطمس على الحقائق والالتفاف عليها, بهدف شراء الوقت وتضليل الجمهور, علّه ينسى او «يَغفِر» على اساس القاعدة الذهبية العربية المعروفة التي تدعو الى عدم المسارعة الى اتهام الناس والإساءة اليهم, إلاّ بوجود «دلائل» ملموسة، وكأن هذه وظيفة «الناس», وليست مسؤولية سلطات إنفاذ القانون, التي لا تتحرك في بلاد العرب, وإن تحركت فإنها سلحفائية على الدوام, الى ان يطويها النسيان ويدركها التقادُم, ويعود الفاسِدون والمُفسِدون الى الصدارة بافتراض انهم ابتعدوا عنها.

السلطات القضائية في فرنسا تبحث موضوع «الوظيفة الوهمية» لزوجة رئيس الوزراء الاسبق, واحتمالات الإدانة تبدو قائمة, فيما يحاول باقي المرشحين الذين تصدّروا الانتخابات التمهيدية عن الحزب الاشتراكي(بونوا هامون) او «المتمردين» عليه والمُرشَحين خارج اطاره الرسمي, ملء الفراغ الذي قد ينجم عن انسحاب فِيون لان «خليفته» من حزب «الجمهورِيّون» سيتأثر بالفضيحة, وخصوصاً ان مُنافِسه السابق... آلآن جوبيه, أعلن انه لن يعود الى ماراثون الانتخابات.. إطلاقاً.

ماذا عن نتنياهو؟

لم يُسدَل الستار بعد عن الملفّين اللذين يحملان الرقم (1000) و(2000) حيث يُتّهَم رئيس الوزراء الاسرائيلي, بانه استفاد من هدايا رجال مال واعمال اصحاب مصلحة في التقرّب من نتنياهو, عبر تقديم «هدايا» من السيجار الكوبي الفاخر الذي يُغرَم به نتنياهو, وايضا «صناديق» من الشمبانيا الفاخرة, التي تعشقها بشغف كبير زوجته سارة، ناهيك عن فضيحة «المُحادَثة» التي تم تسجيلها بين نتنياهو ونوني موزِس ناشر صحيفة يديعوت احرونوت, الصحيفة اليومية الاكبر توزيعاً ونفوذاً في اسرائيل ,والتي كَشَفَت, ضمن امور اخرى, عن محاولة نتنياهو عقد «صفقة» مع ناشر الصحيفة لاستمالته بـِ»تغيير» نهجها التحريري وبما يضمن دعم»سياسات» رئيس الحكومة, مقابل قيام الأخير بإجبار صحيفة «اسرائيل اليوم» التي يدعم ناشِرها صاحب نوادي القمار في لاس فيجاس اليهودي الأميركي شيلدون ادلسون, على تحديد سعر بيع للنسخة اليومية من الصحيفة, كونها تُوزَّع مجاناً, ما آثّرَ على مبيعات و»أرباح» يديعوت احرونوت.

ثمة مَن سارع الى «نعي» نتنياهو, مُعتبِراً مستقبله السياسي والشخصي قد اقترب من نهايته, رغم انه ما يزال يُكابر ويقول: «لن يكون هناك شيء, لأنه ليس هناك شيء» إلاّ ان ذلك كله, لن يسمح لنتنياهو بالهرب من احتمال توجيه لائحة اتهام له، بعد اربعة جولات من التحقيقات الطويلة والمرهِقة التي اجراها محقِّقو الشرطة معه,في مكتبه الرسمي وفي منزِلِه.. تحت التحذير (وهي اشارة له, بأن لا يَنقل اي اخبار او تسريبات حول التحقيقات والاسئلة التي تُطرَح عليه).

هذا يحدث في فرنسا واسرائيل ودول عديدة في العالم, لأن سيادة القانون راسِخة ويَقِظَة, ممنوع على احد أياً كان, تجاوزها دون ان يدفع ثمناً «باهِظاً»..أكلاف هذا التجاوز.

ماذا عن بلاد العرب؟

.. عظّم الله أجرَكم.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة