خرجت الولايات المتحدة الأميركية من الحرب العالمية الثانية صاحبة أفضلية عسكرية واقتصادية عن قريناتها من الدول الأوروبية؛ متخطيةً كلاً من بريطانيا وفرنسا ومشتركة بزعامة العالم مع الاتحاد السوفيتي الشيوعي المناهض للرأس مالية والفردية.... وازداد انفتاحها على العالم أكثر... وتفرد الولايات المتحدة على الساحة الدولية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينات من القرن المنصرم، حتى وصل تعاظم الهيمنة الأميركية إلى حد الذروة بعد أحداث سبتمبر 2001 مطلع القرن الحالي، تعاظم تفردها بالعالم بلا منازع وقد أعادت هيكلة بعض المفاهيم المتعارف عليها والسنن الدولية أحدها الخروج عن اجماع المجتمع الدولي باتخاذ القرارات خارج مؤسساته وفي مقدمتها مجلس الأمن والشاهد الناطق هو دخولها في حرب شاملة على العراق بدون إيجازات مسبقة من مجلس الأمن...
وفي عالم السياسة تمارس هيمنتها على الدول؛ للتقدم على الصعيد الدولي، من خلال الأسس التالية:
أولاً: تعزيز الجهود خارج النطاق المعتاد لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، الذي بدوره ينتج عنه تقدم في مجالات حيوية مثل الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ومن خلال هذه الأدوات تحقق السيطرة وتعزز قبضتها على دول العالم؛ لتصبح مثالاً يحتذى به وقبلة لهم لكل من يطمح للتقدم والإزهار.
ثانياً: إذا فشلت في خيار التقدم الاقتصادي والاجتماعي في تحقيق الهيمنة على العالم أو جزءاً منه، تطرح الخطة البديلة وهي إشغال الدول في أزمات اقتصادية من خلال سياسات الحصار الاقتصادي وإثارة القلاقل والوفوضى الداخلية وإشعال فتيل الأزمات فيما بين تلك الدول وصولاً–إذا تطلب الأمر–بالتدخل العسكري المباشر منها، كما حدث في العراق والهدف من كل ذلك تباطُؤ في التنمية وهدم ما حقق من مكتسبات.
الولايات المتحدة–اليوم–استحضرت مبادئ جديدة كعادتها، وهي التراجع والانعزال إلى ما خلف الأطلسي؛ قائماً على أساس الانفتاح على الخارج تحقيقاً لمكاسب داخلية مطلقة، وتعزيز الاهتمام بشؤونه الداخلية التي لطالما طالب بها الجمهور الأميركي، وهذا المبدأ ينادي بالاهتمام بالشؤون الخارجية -ليست بلا مقابل كما كان في السابق- من خلال أساس التوسع بالهيمنة وتحقيقاً -ليس مكاسب لحلفاء أميركا بشكل مطلق- لغايات المصالح القومية الداخلية، وأن تأتي كتأثير جانبي من هذا التدخل مكاسب للحلفاء.
جاء اليوم الذي تتنكَّر فيه الولايات المتحدة لحلفائها، والشاهد بذلك التحلل من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية وتعرف اختصاراً بـ (نافتا)، والموقعة -كما هو معروف-مع جارتها الوحيدة في الشمال والمؤتمنة على حدودها الشمالية كندا، وقبلها اتفاقية باريس التي ضربت بها حلفاءها التقليديين (الأوروبيين)، ولحقها صفعةً أخرى بالخروج من اتفاقية الشراكة والاستثمار عبر الأطلسي لذات الحلفاء، ولم يكن مفاجئاً خروجها من الاتفاق النووي الإيراني، وهو أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس ترمب...
السياسة الأميركية الخارجية تسير على مبدأ تعظيم مستوى الحضور بالعالم، إلى جانب السيطرة المستمرة بأقل التكاليف؛ بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك الانفتاح المحسوب بصوره، سواءً بالتدخل السياسي أو الاقتصادي أو العسكري أو فتح قنوات الحوار ورفع الحصار والمقاطعة مع دول الخصوم والأصدقاء على حدٍ سواءْ، ولكن مدفوع الثمن... وبهذا المبدأ اختلطت فيه المفاهيم ما بين العدو والحليف بشكل لم يسبق لها مثيل على صعيد السياسات الدولية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو