السبت 2024-12-14 06:28 ص

أنجلينا جولـي .. " وين الملايين "

02:41 م

هاني البدري


منذ أن غنت جوليا بطرس أغنيتها الشهيرة (وين الملايين) حين سألت عن غياب ملايين العرب عما يجري من عدوان إسرائيلي ضد أطفال الانتفاضة الفلسطينية، في أوج المشاهد الدامية التي كان أحدها استشهاد الطفل محمد الدرة في حضن والده، والسؤال يلح على مسامعنا في كل لحظة تتجاذبنا فيها قوى أجنبية لفرض سطوتها وقواعدها على ركن من أركان أمتنا..

سأَلَتْ جوليا (وين الملايين) فانبعثت مخيلة الجماهير العربية لتنحت من أسم الأغنية معاني أخرى أكثر التصاقا وعمقاً لواقعنا الصعب، سألَتْ العقلية العربية وقتها، وما زالت، (وين الملايين) بطريقتها، أي أين الملايين من أموال الشعوب العربية التي نُهبتْ على أيدي من قادوها بالحديد والنار ومن جاؤوا على أسنة الحراب وتحت شعارات الثورة والاستنهاض بالأمة وإنقاذ مقدراتها..

سألَ العرب وقتها.. أين الملايين التي أُغدَقَت على مشاريع من الوهم ,وعلى بُنىً تحتية ظلت أسيرة الأدراج والمخططات التي لم ينظرها أحد، وعن ملايين صُرِفََتْ على مشاريع من ترف الناس الزائف التي سوقتها مانشيات الصحافة الرسمية العربية تحت عنوان الإرتقاء بمستويات التنمية والنهوض بمستوى معيشة المواطن.

سيلٌ من التساؤلات التي تحمل ذات العنوان (وين الملايين) تداعت في مخيلتي وأنا أُتابعُ أخبار الممثلة الأمريكية أنجيلينا جولي وهي تحضر إلى عمان على متن طائرة خاصة (على حسابها الشخصي) لتطمئن بنفسها على أحوال اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري ولتتبرع بثمنمئة ألف دولار (من حسابها الشخصي) أيضاً لصالح هؤلاء المكلومين بوطنهم وكراماتهم.

قالوا أنها فعلت ذلك لأنها سفيرةٌ للنوايا الحسنة فحسب, واكتشفت عبر متابعتي الحثيثة لمشاريعها، أنها فعلت ما فعلت طوعاً في أفريقيا وفيتنام وليبيا وجنوب لبنان ونقاط ساخنة أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية ,وكنت قد تابعت زياراتها السنوية إلى قرى الأطفال في الأردن وسألت نفسي مراراً لمَ تفعل السيدة ما تفعل..؟!.

لم يتسنى لي معرفة الإجابة، لكن جهود النجمة العالمية التي تتربع على عرش سينما تدرُ عليها الملايين، دفعني للتساؤل الذي لن أعرف له سبباً ما حييت..

أين نجومنا العرب، الذين يجنون بدورهم الملايين، مقابل سينما بلهاء ودراما مترهلة وكوميديا مصطنعة ,وإنتاج فقير لا يرقى لأن يخاطب العقلية العربية في ظل هذا الانفتاح الذي نحياه .
أين عادل امام الذي هو ايضا سفيرا للنوايا الحسنة والذي جنى من وراء مسلسله الضحل ناجي عطالله عشرات الملايين,اسمعتم أنه تبرع من جيبه ب(فرنك) لاجل اسرة شهيد قي مصر او فلسطين او لبنلن او غيرها..؟!
ماذا عن سفراء أخرين اختارتهم الامم المتحدة على ذمة النوايا الحسنة..اليسا وحسين فهمي ونانسي عجرم وعملرو دياب ودريد لحام وهند صبري وخالد ابو النجا ومحمود قابيل وكاظم الساهر ومنة شلبي..؟!

بالنسبة لهؤلاء ..اكتفى نجوم العرب بوجاهة اللقب ولون الجواز الدولي على شاكلة بعض من نوابنا الذين الهتم مداولات الجواز الابدي ,لم تخطر ببال هؤلاء اقتطاع لحظة من برامجهم الزاخرة لخدمة مخيم او مشرد او ملهوف.

شعرتُ بخجلٍ شديد وأنا أسمع أنجلينيا جولي تطلب منع التصوير لجولتها في الزعتري ما زادني حيرة من هؤلاء البشر، كيف يفكرون وإلى ما يرمون بهذا العناء..
صدقوني لا أرمي هنا لإطلاق دعاية للنجمة فهي ليست بحاجتها حتماً، لكني أتسائل أين نحن من كل هذا .. ولمَ لا نسمع عن نجم أو رياضي أو سياسي عربي أدرك أن مهام النوايا الحسنة في خدمة منكوبي العالم.. تتعدى الجوازات ولقاءات نيويورك السنوية وصور الذكرى و(أبهة) المناصب الفخرية.

ولأن الشيء بالشيء يُذكر.. فأي نوايا حسنة تلك التي تدفع بكل سفراءنا لتجاهل ما يجري في منطقتهم العربية وهو الأسوأ في العالم، دون أن يهتز لهم جفن.. ثم ماذا عن كبار مسؤولينا الذين أكلوا مقدرات البلاد والعباد فساداً وظلماً .. أسمعتم عن تبرع أحدهم لأي شيء.

بالمناسبة.. تجاوزت أجور النجوم العرب في رمضان المليار ونصف المليار جنيه.. وتجاوز حجم الفساد الرسمي العربي ثلاثمئة بليون دولار.. ثم نعود ونسأل مع جوليا (وين الملايين)؟!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة