السبت 2024-12-14 06:38 ص

أين هم العُقّال ؟

11:12 ص

الهتاف بأسلوب الردح مدان كما هو الاعتداء على المتظاهرين


ما وقع في اربد يوم الجمعة الماضية لم يكن مفاجئا من ناحية الهتافات واسلوب الرد القاسي عليها، فقد كانت عملية التحشيد واضحة وكانت هناك نية للصدام حيث لم يعمل احد من اجل تفاديه، فجماعة الاخوان المسلمين التي خرجت منذ عدة اشهر من الشارع تحاول العودة وكذلك الاجهزة الامنية عملت من اجل ادامة الهدوء والاستقرار وتوجيه رسالة بعدم السماح للعودة الى فوضى الشوارع وهتافاتها.

لكن كان واضحا ان جماعة الاخوان المسلمين التي خسرت كثيرا في الشارع نتيجة الظروف المحلية والاقليمية قررت وقف تدهور شعبيتها وذلك بضغط من الحراكات الشبابية الاخوانية المندفعة نحو التصعيد والاشتباك مع الدولة وليس سرا اذا قلنا ان 'شباب الاخوان' باتوا ينتقدون إدارة الجماعة و'مهادنتها' خاصة بعد بيانات التنصل من بعض الهتافات الساخنة التي يطلقها شبابهم، وكان اخر الانتقادات بعد حادث اربد الذي سعى الشباب الى جعله منصة للانطلاق نحو اللاعودة من النظام.
فما جرى في اربد من هتافات ومصطلحات تشابه تلك المستعملة في الحالة السورية والعودة صراحة الى اطلاق شعار 'اسقاط النظام' واستعمال عبارات مسيئة بحق بعض الرموز وهي تصرفات رعناء ومغامرة لا تليق بطرف سياسي ولا علاقة لها بالاصلاح والمطالب الديمقراطية الحقة، بل هي مواقف مدانة ولا يمكن ان يلجأ إليها حزب سياسي الا في حالة انسداد كل حلقات الاتصال مع الدولة والمجتمع.
ولحق اعتصام اربد، وقفة هزيلة امام رئاسة الوزراء (السبت) قادها شباب حراك 'الاخوان' ولم يحضرها سوى العشرات بما فيهم الصحفيون ورجال الامن، لكن شباب الاخوان المتحمسين كرروا اطلاق العبارات المسيئة والمدانة ( اسقاط ...رحيل...طز...) وهي كلمات مدانة ومعيبة ولا تقبلها اغلبية الاردنيين، ولا تهدف الا لنشر الفوضى في البلد تحت وقع الزلزال في الاقليم الملتهب.
ان الاعتداء على المتظاهرين وسياراتهم امام عدسات وسائل الاعلام في اربد تصرف غير مقبول بل هو ايضا موقف مدان ولم يفد النظام السياسي بل فاد المتشددين في 'الجماعة' وهذا ما يفسر اصرار بعضهم على الصدام مع قوات الدرك، وبالتالي فإن المناظر التي شاهدناها لا تعبر عن حقيقة موقف الدولة الاردنية التي تعاملت بكل مرونة مع الحراكات الشعبية خلال العامين الماضيين.
والان ما الحل ؟ هل ما يجري له علاقة بالاردن والمطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد؟ ولماذا غابت تلك المطالبات أشهرا؟ هل هناك محاولات لخلط الاوراق والتأثير على الدولة لجهة الاصطفافات الاقليمية؟ هل نعود للطرق على مجلس النواب من اجل حله ؟ هل نبقي الباب مفتوحا لصناعة الازمات والفتن؟ هل نبقى نراوح بين شباب متحمس مغامر وبيانات متمسكة بالاصلاح؟
لنعترف بأن الاردن وأمنه واستقراره فوق كل شيء والديمقراطية وطبيعة النظام السياسي يقررها الشعب ولا تقررها جماعة او حزب او افراد، ولحسن الحظ فإن الاردنيين تعلموا واتّعظوا من'كيس غيرهم' في ظل ما يسمى بالربيع العربي الذي رأينا مخرجاته في سورية ومصر وتونس وليبيا، فقد اسقط الغضب العربي انظمة استبدادية وفاسدة ، لكنه لم يؤسس للنموذج العصري المقنع للناس.
فالديمقراطية والاصلاح ليست هدفا ووسيلة تعبير وآلية تغيير فقط، تقوم على الاجبار والفرض او الاقصاء، بل هي ثقافة مجتمعية لها قيم تقوم على دور الاغلبية في تداول السلطة وحق الاختلاف وعدم ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة والتفوق الاخلاقي في المرجعيات العقائدية والسياسية.
إذن تعالوا نفكر بهدوء وننقل الحوار الصاخب من الشارع الى الطاولة المستديرة الهادئة، ونتحاور حول برنامج وطني اردني على ثوابت الحد الادنى التي لاتعرف الا مصلحة الاردن ارضا وشعبا، فهل هناك من 'عُقّال'؟

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة