السبت 2024-12-14 09:28 ص

إنهم يتقنون صناعة الأزمات!

07:43 ص

رغم كل التصريحات والتشخيصات الرسمية لمسببات أزمة السير الخانقة في العاصمة عمان، وتأكيدات الرسميين بالالتزام بتوصيات الخبراء والفنيين، للحد من هذه الأزمة المتفاقمة، تُفاجأ بأن الأجهزة الرسمية، في تطبيقاتها على الأرض، في واد، وتلك التوصيات والحلول المقترحة في واد آخر!

في جانب رئيس من تشخيص أسباب أزمات السير الخانقة في شوارع ومناطق العاصمة، بحسب دراسات إدارة السير وأمانة عمان والخبراء، يقف على رأس هذه الأسباب الترخيص غير المنضبط للمطاعم و'المولات' الكبيرة، في الشوارع الرئيسة، ومن دون أن تتوفر لها أو حولها مواقف كافية للسيارات، ما يتسبب بأزمات سير خانقة، وتكدس لطوابير طويلة من المركبات في الشوارع. والشواهد على ذلك ماثلة للعيان على مدار اليوم، في أغلب المناطق.
وقد أتحفنا المسؤولون، سواء في 'الأمانة' أو في إدارة السير وغيرهما، بورشاتهم وندواتهم وتصريحاتهم خلال السنوات القليلة الماضية، بأنهم سيضبطون تنظيميا ترخيص المطاعم و'المولات' والأسواق التجارية، على الأقل الجديد منها؛ بعدم ترخيصها في مناطق وشوارع مزدحمة، وبضرورة إلزامها بتوفير مواقف سيارات كافية لزبائنها. لكن كل هذه الوعود تتبخر يوميا على أرض الواقع، عندما تكتشف أن الترخيص العشوائي، ومن دون مراعاة لأزمات السير الخانقة، أمر يجري على قدم وساق.
في هذا السياق، وفي مثال قريب لا تستطيع تفسيره، تُفاجأ بالتخبط التنظيمي والتخطيطي لمنطقة إشارة طارق في طبربور، التي تعد منذ سنوات بؤرة اختناق مروري، ونقطة تقاطع مروري صعبة ومزدحمة، تحتاج عادة من شرطة السير يوميا ما بين 4-6 رجال شرطة سير، تحديدا في ساعات الذروة الصباحية والمسائية، لإدارة الأزمة عند هذه الإشارة.
هذه المنطقة والإشارة مقبلة على تأزيم مروري جديد، بعد اكتمال بناء مجمع تجاري ضخم، يضم محال تجارية كبيرة، من دون أن تتوفر له مواقف سيارات كافية من جهة، ومن جهة أخرى يغلق الباب أمام أي تفكير بحلول مرورية أو توسعات لهذا التقاطع الذي يشهد يوميا مرور آلاف السيارات.
قد يكون هذا التقاطع المروري (إشارة طارق) النموذج المثالي لسوء التخطيط والتنظيم للشوارع والتقاطعات، بل وحتى عدم الإقدام على اتخاذ بعض الحلول الممكنة في الموقع لأسباب غير مفهومة، والاضطرار إلى الاستعانة بجهود ستة رجال سير يوميا، لا يعملون إلا على الحد من الأزمة قليلا، لا حلها.
اختلالات 'إشارة طارق' يمكن تعميمها على تقاطعات وشوارع رئيسة عديدة في عمان. وتعجب في أحيان كثيرة من تفاقم الأزمات المرورية وبؤر الاختناقات، رغم كل الدراسات والحلول الفنية والتنظيمية المقترحة والموعودة، عبر تصريحات 'مجانية' عديدة سابقة! وربما كان شارع المدينة المنورة، الذي تتضخم أزماته المرورية شهرا بعد آخر، نموذجا آخر أيضا لمثل هذا التخبط.
وأنصح، قبل أن ينبري مسؤولو 'الأمانة' أو إدارة السير إلى الرد والنفي والتوضيح، وربما اتهامي بالتقليل من الجهود الرسمية في ظل التضخم السرطاني لأعداد السيارات في العاصمة، أن ينظموا لأنفسهم زيارة لإشارة طارق في طبربور، ليتبينوا على الواقع كيف تُخلق الأزمات المرورية بقرارات رسمية!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة