الوكيل - مُنذ مائة عام تقريباً وتحديداً في عام 1914 تم اغتيال أرشيدوق النمساFranz Ferdinand في مدينة ساراييفو عاصمة البوسنه وتسببت هذه الحادثة في إعلان دول أوروبا العُظمى الحرب على بعضها البعض مُشعلة بذلك فتيلة الحرب العالمية الأولى والتي راح ضحيتها 37 مليون انسان.
كما يُقال في أحد الأمثال المشهورة “الحاجة أُم الاختراع” ولعلّ أشدُ أوقات الحاجة هي أوقات الحروب. خلال الحرب العالمية الأُولى كانت الدول المنخرطة في الحرب تمر بأوقات صعبة وتحديات فرضت على شعوبها أن تعمل بلا راحة لخدمة وطنها وكانت النتيجة في النهاية ما نستمتع به اليوم من تقنيات متقدمة وتكنولوجيا.
في الواقع الجيوش ووزارات الدفاع في أي دولة تحظى دائماً بأفضل مراكز الأبحاث والتطوير والتمويل، لذا نلاحظ أن الكثير من التقنيات الحديثة منبعها في الأصل من مراكز أبحاث الجيوش والتي ما إن تطمئن أنها لم تعد بحاجة لهذه التقنيات أو أنها توصلت لما هو أفضل منها تتركها للمدنيين.
من ابتكارات ساهمت في إنقاذ الأرواح إلى أخرى كانت سبباً في سلبها نستعرض سوياً الابتكارات والاختراعات التي خرجت للنور من ظُلمة الحرب العالمية الأولى.
أنظمة التحكم في الملاحة الجوية
قُبيل الحرب العالمية الأولى كانت موجات الراديو قد وجدت طريقها للاستخدام المدني بالفعل ولكنها خَطَت خُطوات كبيرة أثناء الحرب لمِا تُمثله مِن قيمة كبيرة للاتصالات العسكرية وخاصة في مجال الطيران، في ذلك الوقت بمجرد إقلاع الطيّار بطائرته لم يكن باستطاعته التواصل مع أي أحد وكان المسؤلون عن حركة الطيران يعتمدون على الإشارة و الصراخ أو الأعلام والمصابيح الضوئية للتواصل مع الطيّاريين لتسهيل عملية الإقلاع والهبوط.
قبل انخراطه في الحرب طوّر الجيش الأمريكي أول نظام اتصال للطائرات باستخدام موجات الراديو وبحلول عام 1916 كان باستطاعة القيادات على الأرض ان يتواصلوا مع الطائرات على بعد 140 ميلا باستخدام موجات الراديو وكان بمقدرة الطيارين أيضاً التواصل مع بعضهم البعض وفي نفس العام تم تطوير خُوذة مُزودة بمايكروفون وسماعة يرتديها الطيّار لعزله عن صوت محركات الطائرة وأصبح هذا النظام حجر الأساس للتقنيات المستخدمه إلى يومنا هذا في أنظمة التحكم في الملاحة الجويّة
أكياس الشاي
من الابتكارات التي رأت النور مصادفة أثناء الحرب أيضاً أكياس الشاي، وتبدأ القصة في عام 1908 عندما كان أحد تُجّار الشاي الأمريكيين يبيعُ الشاي في أكياس صغيرة وبشكل مُباشر أو غير مُباشر تم وضع أحد هذه الأكياس في الماء وأصبحت منذ ذلك الوقت أكثر من مجرد وسيلة لتوصيل الشاي. فيما بعد شركة ألمانية قامت باستغلال الفكرة وقامت ببيع الشاي في أكياس صغيرة وأطلقت عليها “قنابل الشاي”.
المعدن المقاوم للصدأ – ستانليس ستيل
معدن ستانليس ستيل يُعد أحد أهم المعادن المستخدمة في العصر الحديث ويتميّز بمقاومته للصدأ والتآكل والقوة، وتبدأ قصة هذا المعدن في مدينة شيفيلد البريطانية الشهيرة بصناعة المعادن حيث نشأ Harry Brearley مهندس المعادن البارع. في عام 1913 واجه الجيش البريطاني مشكلة مع بنادقه حيث كانت الأجزاء المعدنية للبندقية تتعرض للتشوّه والإنحناءات بعد إطلاق النار بسبب الاحتكاك والحرارة الناتجة عن الرصاص لذلك طلب من هاري أن يجد حلاً لهذه المشكلة. وبدأ هاري تجاربه لإيجاد خليط معدني أفضل بإضافة الكروم إلى الفولاذ ولكن سرعان ما تخلى عن هذه الفكرة وألقى ما توصل إليه في فناء معملة وبدأ في البحث عن فكرة أخرى، ولكن بعد فتره اكتشف هاري أن تلك المعادن التي تركها في فناءه لم تتعرض للصدأ وهذه كانت نشأة ذلك المعدن.
أُستُخدِمَ هذا المعدن بعد ذلك في صناعة محركات الطائرات ولكن لم تظهر أهميته حتّى بدأ استخدامة في صناعة الأدوات المنزلية وأدوات الجراحه.
السحّاب
يُعد السحّاب أحد أهم وأشهر الإختراعات التي لا يمكننا الإستغناء عنها وتكاد ملابسنا لا تخلو منه، منذ منتصف القرن التاسع عشر والناس تستخدم الخطاطيف أو المشابك لغلق ملابسهم عليهم إلى أن توّصل المهاجر الأمريكي من أصل سويدي Gideon Sundback إلى اختراع السحّاب “السوسته”ليستخدمه الجيش الأمريكي في ملابس الجنود وأحذيتهم في الحرب العالمية الأولى ثم أصبح متاحاً للاستخدام المدني بعد ذلك.
ساعة اليد
قبل الحرب العالمية الأولى كان من الشائع للرجال وضع الساعات في جيوبهم وكانت النساء تعمد إلى ربطها بسلسة حول أيديهم، مع دخول وقت الحرب أصبح للوقت قيمة وأصبحت الدقائق والثواني ذات تأثير لا يمكن إهماله خاصة لدى جنود المدفعية والمشاة حيث تبدأ هجماتهم بالتزامن فيما بينهم لكي لا يُصيب أحدهم الآخر ولتحقيق هذا التزامن لم يكن أماهم سِوى الإشارة ولكن عندما تُصبح المسافات بينهم كبيرة يصعب تحقيق التواصل عبر الاشارة كما أن الاعداء يُمكنهم رصد إشاراتهم بسهولة، لذا دعت الحاجة لاستخدام الساعات من أجل تحقيق التزامن وفي نفس الوقت الحفاظ على حرية اليدين ومن هنا ظهر ابتكار ساعات اليد واستمر استخدامها بعد الحرب وكانت ارتداؤها يدل على الرفاهية والانضباط.
السجق النباتي
سجق الصويا المصنوع من فول الصويا يعود الفضل في اختراعه الى Konrad Adenauer وهو جنرال ألماني كان مسؤلاً عن مدينة Cologne أثناء فرض بريطانيا الحصار على ألمانيا حيث بدأت المجاعات وكانت المؤن الغذائية شحيحة وعندها فكّر كونراد في حل وبدأ في استبدال المواد النادرة والغير موجودة بمواد أخرى متوفرة لصناعة الطعام، وكانت أُولى تجاربه أن استبدل القمح بدقيق الأُرز والشعير ودقيق الذره الروماني لصناعة الخبز ولاقى الخبز الجديد استحساناً لدى الناس ولكنه لم يلبث حتّى انضمت رومانيا للحرب ونفد مخزن دقيق الذرة القادم من هناك عندها بدأ كونراد في التفكير في شئ أخر ونجح فعلا في استبدال اللحم بالسجق الذي استخدم فول الصويا لصناعته بدلاً من اللحم وأطلقو عليه “سجق السلام” وهي مفارقه عجيبة إذ تم إختراعه وقت الحرب وليس السلام.
سعى كونراد بعد الحرب لتسجيل وصفتة التي أنقذت الناس في مكتب براءات الاختراع في ألمانيا ولكنها رفضت ذلك وفي مفارقة عجيبة أخرى قبلت بريطانيا التي فرضت الحصار على ألمانيا طلبه وسجلت السجق النباتي كبراءة اختراع باسمه في عام 1918.
ابتكر كونراد أشياءاً أخرى بعد ذلك مثل صاعق الحشرات الكهربائي ولكن لم يدم شيئاً من ابتكاراته كما فعل سجق الصويا الذي ما زال مستخدم الى يومنا هذا.
التوقيت الصيفي
بالرغم من أن Benjamin Franklin إقترح فكرة تقديم الوقت في الربيع وتأخيره مرة أخرى في الخريف إلا أن أحداً لم يلتفت للإقتراح حتى بدأت الحرب العالمية الأولى. عندما واجهت ألمانيا نقصاً في مخزون الفحم لديها فقررت السلطات أنه بدءاً من 30 أبريل في عام 1916 سيتم تقديم الوقت بمقدار ساعة بحيث يصبح النهار أطول بمقدار ساعة وبالتالي تقليل اعتماد المواطنين على الفحم في التدفئة والإنارة . بعد ذلك انتشرت الفكرة وطبقتها بعض الدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وبالرغم من هجر أغلب الدول لهذه الفكرة بعد الحرب إلا أن بعض الدول قررت استخدامها مرة أخرى لخدمة أغراض مختلفة.
المصباح الشمسي
بسبب قِلّة التغذية الناتجة عن نقص المؤن الغذائية بسبب الحرب في ألمانيا أُصيب نصف أطفال برلين تقريباً بحلول شتاء عام 1918 بمرض كُساح الأطفال الناتج عن نقص فيتامين د والكالسيوم والفوسفات و يتسبب هذا المرض في تكّلس وتليّن العظام فتظهر مشوهة ومقوسة، لاحظ الدكتور الألماني Kurt Huldschinskyوالذي قرر البحث عن علاج لهذا المرض أن معظم المصابين كانت ألوانهم شاحبة وبدأ تجاربه بوضع أربع مرضى أمام مصابيح الزئبق والكوارتز “أكسيد السيليكون”والتي تُطلق أشعة فوق بنفسجية واكتشف أن العظام تُصبح أقوى بعد التعرض لذلك الضوء. اكتشف الباحثون بعد ذلك أن الأشعة فوق البنفسجية تُساهم في إطلاق التفاعل الذي يسمح لفيتامين دال ببناء العظام باستخدام الكالسيوم.
خلال العام 1920 قامت الشركة المنتجة للمناشف الصحية التي سبق ذكرها بعدة تجارب بهدف انتاج مناديل رقيقة وناعمة عن طريق تسخين وضغط المناشف المصنوعة من السليولوز والقطن. ومع بعض التطوير تم ابتكار المناديل الورقية التي نعرفها اليوم تحت اسم Kleenex.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو