الإقصاء بما هو الحرمان أو العجز عن الاستفادة من الإنفاق العام والمشروعات وبرامج التنمية (التعليم والصحة والدخل والمساواة والتأثير أو المشاركة) ليس قرارا يمكن التخلي عنه أو سياسة يمكن تطبيقها مباشرة، لكنه منظومة من السياسات المتراكمة التي تحتاج إلى مراجعة شاملة متأنية، فمعظم المهمشين والمحرومين اليوم ينتمون إلى أجيال متتابعة من المهمشين ويعيشون في حالة من الحرمان والإقصاء تمتد إلى عقود وربما قرون طويلة! وبعض المهمشين صار يصعب شمولهم بالتنمية لأسباب جغرافية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو بسبب غياب المعلومات والمعرفة الكافية.
تقدم هذه المساحة مجموعة من العوائق والحواجز معظمها مستمد من تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية 2016 والتي تؤدي إلى الإقصاء، مثل القوانين المتحيزة التي تعكس مصالح فئة من المتنفذين، والثقافة والأعراف الاجتماعية التي تقصي فئة اجتماعية من المواطنين مثل مجموعات وأقليات مختلفة أو النساء والأطفال وكبار السن والمعوقين، والتحيز الضريبي في الإعفاء والتحصيل، والخلل في المشاركة السياسية والاقتصادية، ويمكن استخدام المؤسسات القانونية والسياسية أو إساءة استخدامها لإدامة الانقسامات بين المجموعات. ويمكن أن تساعد بعض الثقافة في التعايش السلمي والعدالة، لكن بعضها يتسم بالتمييز والتحيز والإقصاء. مثل الاعتقادات الدينية أو الاجتماعية أو الايديولوجية التي تمجد أيديولوجيا أو قومية وتحتقر غيرها، ومن الدوافع تشديد النفوذ السياسي، وحماية رفاه النخب، والتحكم في توزيع الموارد، والاستيلاء على الأراضي والموارد، والتحيّز للأيديولوجيات التي ترجح تفوّق هوية واحدة ومجموعة واحدة من القيم.
وتؤدي الفوارق في الدخول والفرص إلى عجز فئات واسعة من المواطنين عن إسماع صوتها أو التأثير في السياسات والتشريعات والقرارات باتجاه حقوقها، وتكون المشاركة السياسية والاقتصادية والانتخابات حالة مشوهة تكرس الفجوة بين الفئات والأفراد وتزيد الأقوياء قوة ونفوذا وتزيد الفقراء ضعفا وتهميشا، كما يؤدي الشعور بالخطر والتهميش إلى الانكفاء على الذات اجتماعيا وثقافيا؛ ما ينشئ مشاعر الكراهية واتجاهات متطرفة جديدة سواء كانت دينية أو اثنية وقومية أو اجتماعية طبقية، أو ثقافية ترفض الآخر ومشاركته.
وسواء كان الإقصاء متعمداً أم غير متعمد، فنتائجه واحدة. ولذلك فإن مواجهة الحرمان ليست فقط قرارات ومراجعات لحالات محددة، لكنها مجموعة من السياسات التي تؤسس للمشاركة والعدالة وحماية الحقوق والملكيات، مثل تشريعات حقوق الإنسان، ومواجهة المخاطر التي تهدد المواطنين وتقلل فرصهم في حياة أفضل، مثل التأمين الصحي الشامل، والرعاية الاجتماعية والصحية لفئات خاصة محددة مثل كبار السن والمعوقين والمصابين بأمراض تحتاج إلى معايشة طويلة وعلاج متواصل مدى الحياة أو لفترة طويلة من الزمن، والتصدي، وتشجيع المشاركة العامة في الجدل وإبداء الرأي، وإقامة مؤسسات إعلامية مجتمعية مستقلة على مستوى المدن والمحافظات تعزز المشاركة وإسماع الصوت وتقديم المعلومات ومراقبة المؤسسات والأسواق.
لكننا في الأردن نواجه تمييزا وإقصاء غريبا وفريدا وهو التمييز في التعليم، حيث يعجز التعليم الرسمي عن استيعاب جميع التلاميذ وعن تقديم المهارات والمعارف الكافية لتأهيل الأجيال على قدم المساواة للدخول إلى أسواق العمل والاستفادة من الفرص، لذلك فإننا في حاجة فورية لتطوير التعليم العام ليقدم لجميع التلاميذ وعلى قدم المساواة مهارات الإبداع والتعلم الذاتي والفكر الحر والمستقل والنقدي والمعارف العلمية والتكنولوجية واللغوية المتقدمة والملائمة، ومهارات العمل والمهن والحياة والمشاركة مثل الاعتماد على الذات والسلوك السليم والمشاركة والحوار والتقبل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو