الأحد 2024-12-15 09:07 ص

.. الاحتفال والمعنى!

07:18 ص

.. هو مجرد دورة الكرة الأرضية حول الشمس، ودورانها حول نفسها 365 مرة في 365 يوماً!. وهذه الظاهرة الطبيعية المدهشة لا تثير كل هذه الاحتفالات المفتعلة، والكلف الاستهلاكية، والتبذير الأخرق!!. ووداع سنة انتهت واستقبال سنة جديدة لا يبرر المناسبة، فالمكتشف كوبورنيكوس ذهب إلى الموت ثمن عبقريته، وكان وهو يساق بيد السلطة يردد: إنها تدور رغم انف البابا!!.

وقبل احتفالات رأس السنة الجديدة، نتداول احتفالات أعياد ميلادنا رجالاً شابوا وأطفالاً تبهجهم الشموع، والبلالين الحمراء، وقطع الحلوى وهدايا الأهل والأصدقاء.
يقول د. عبدالسلام المجالي إنه لا يعرف متى ولد، وهذا كان حال أكثر الفلاحين والبدو في الأردن، وأنا لم أكن أعرف متى ولدت، حتى تزوجت بعد أن قطعت الستين، وقد فاجأني الأب الدكتور الكلداني بشهادة ميلاد أحضرها من كنيسة مادبا، فقد كان التقليد تعميد الطفل وتسجيله في الكنيسة ولأول مرّة أعرف أنني ولدت في 26-12-1936 والغريب أن حفيدي طارق ولد في اليوم ذاته.. وأن المسيح ولد قبلنا بيوم واحد!!
لا يمكن التدخل الفج في مسيرة الحياة, وتقسيم سنيّها بين غابر وقادم.. في يوم معين نودع فيه غير أسفين على سنة مضت, ونستقبل باستبشار السنة الجديدة. فهذا كله استغفال لاستمرارية الحياة, وخداع للتغيير الحقيقي في مسيرتها. وقد سمعنا أن هناك من افتى بتحريم الاحتفال بالسنة الجديدة.. لا على الاساس الذي ذهبنا اليه, وانما لأنه مناسبة «مسيحية» لا يجوز التشبه بالمسيحيين في الاحتفال بها.. مع أن المناسبة جاءت بعد موت المسيح بمائتين واربعين عاماً. وهي في هذا كشجرة عيد الميلاد التي ورثتها الكنائس الغربية من تقليد وثني.. لا علاقة له بأي دين سماوي أو ارضي!! ونستطيع نحن هنا في الاردن ان ننقل احتفالنا «بشجرة الميلاد» الى الاحتفال بيوم الشجرة في البلد الجاف القليل الشجر فنزرع الأشجار بدل قطعها، ونحول جبالنا الجرداء إلى قمم خضراء كالجبال التي نسبح الله لرؤيتها في صخرة.. جبال عجلون الخضراء التي تستحي الغابة السوداء من جمالها وكثافة خضرتها!!.
لا نحتفل بعيد رأس السنة في بيتنا، ولا بعيد ميلاد أحدنا. ذلك أننا نضع كل أشواقنا، ومستقبلنا، وطوالع سنوات عمرنا في تيار الحياة الأردني!. نقلع من مرافئه، ونعود إليها!!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة