السبت 2024-09-21 20:24 م

الانتخابات الأميركية على طريقة العالم الثالث

08:31 ص

لم يسبق للحملات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية أن بلغت هذا المستوى من الانحطاط. لقد تابعنا جولات تنافس حامية بين مرشحي الحزبين، لكن وباستثناءات محدودة، حافظت الحملات الانتخابية على قدر معقول من المنافسة الشريفة، والاهتمام بالقضايا السياسية.

وكان النقاش يدور دائما حول أولويات المرشحين للرئاسة؛ داخلية أم خارجية. وبالنسبة لنا في الشرق الأوسط، كان السؤال على الدوام عن مكانة قضايا المنطقة على أجندة المرشحين.
في الجولة الحالية لا تبدو مثل هذه الأمور محل اهتمام لوسائل الإعلام؛ فقد طغت فضائح المرشح الجمهوري دونالد ترامب المقززة، وشخصيته المختلة، على كل ما عداها من مواضيع.
وفي الأسبوعين الأخيرين على الأقل، كان العالم كله على موعد يومي مع فصول جديدة من مغامرات ترامب النسائية، والذي بدوره يرد بفتح الدفاتر القديمة لزوج المرشحة الديمقراطية بيل كلينتون، ومغامراته النسائية.
ومهما حاولت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، دفع المنافسة إلى ميدان السياسة والاقتصاد، كان المرشح الجمهوري يعيدها إلى مستوى شخصي وضيع.
لكن هذه الممارسات على ما فيها من انحدار أخلاقي تهون مع ما أوردته وسائل الإعلام منذ يومين، من اتهامات من قبل معسكر الجمهوريين للديمقراطيين بتزوير الانتخابات!
لأول مرة أشعر أن الانتخابات الأميركية تشبه الانتخابات في بلدان العالم الثالث. يقول رئيس بلدية نيويورك الأسبق ومستشار ترامب، رودي جولياني، إنه سيكون غبيا لو اعتقد أن الانتخابات في مدن مثل فيلادلفيا وشيكاغو ستتم بنزاهة. ويضيف أن الديمقراطيين يسيطرون على الأحياء الداخلية لهذه المدن ويتلاعبون بالتصويت. ناهيك عن الاتهامات لوسائل الإعلام بتزوير إرادة الناخبين لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي.
جولياني الذي كان يتحدث لشبكة 'سي. إن. إن' صدمني بقوله إن الأموات يصوتون في الانتخابات الأميركية أحيانا. لطالما ارتبطت هذه التجاوزات بالانتخابات في بلداننا. وقد تمكن بلد مثل الأردن من احتواء هذه المشكلة التي شوهت صورة الانتخابات في السابق، فكيف لبلد ديمقراطي عريق وملهم مثل أميركا أن يقبل بذلك؟!
ربما تنطوي مثل هذه الادعاءات على قدر من المبالغة، كونها تصدر عن معسكر مرشح يكاد يخسر الانتخابات قبل أن تبدأ. لكن مجرد الاستناد إليها لتقويض مصداقية النتائج، يعد أمرا خطيرا في معايير الديمقراطية الأميركية.
ولن يتعجب المرء منا إذا ما سمع خبر حرق مقر انتخابي في الأردن، وقد حدث مثل هذا الأمر في الانتخابات النيابية الأخيرة. لكن أن يحدث مثله في أميركا، فهذه واحدة من العجائب حقا، وقد حدث؛ إذ أقدم أشخاص غير معروفين على حرق مقر انتخابي للحزب الجمهوري في إحدى الولايات منذ يومين، مخلفا خسائر مادية من دون تسجيل إصابات.
كان فوز شخص مثل ترامب بترشيح الحزب الجمهوري، كافيا لتوقع مسار متدهور للانتخابات الأميركية، لكن ليس إلى الحد الذي تصبح فيه الانتخابات مهددة بشبهة التزوير. ماذا تركتم للعالم الثالث؟


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة