الأحد 2024-12-15 05:57 ص

التحقيق بملف 'مراكز التأهيل' أصبح نموذجا يكشف الأهوال البيروقراطية

10:53 ص

الوكيل - عندما قرر الوزير الأردني الأسبق محي الدين توق وضع إسم المركز الوطني لحقوق الإنسان ضمن أربع مؤسسات إعتبرها مسؤولة مباشرة عن قضية 'ذوي الإعاقة' قرأ بعض الخبراء هذا السلوك على أنه محاولة تنطوي على 'مناكفة' ملموسة من رئيس لجنة التحقيق الخاصة بالملف الوزير توق لبعض الجهات ذات الصلة بإبعاده سابقا عن سدة الرئاسة في المركز المشار إليه.


عمليا لا توجد أدلة على هذه المناكفة وإن كانت المناكفات السياسية مألوفة وأحيانا شرعية في العمل السياسي الأردني حيث يعلم الأردنيون بأن الوزير توق كان مسؤولا مهما في المركز الوطني لحقوق الإنسان يصر على التشدد في الرد على أي إنتقادات للمركز في عهده قبل ان يخضع للإقصاء لأسباب غير مفهومة بسبب جديته وملاحظاته النقدية للحكومة والسلطات آنذاك ثم يعود من النافذة ليرأس تحقيقا في مسألة 'إنتهاكات الأطفال ذوي الأعاقات' ويصدر تقريرا لا يكتفي بإدانة وزارتي الصحة والتنمية الإجتماعية بل أيضا المركز الذي تركه قبل عدة أشهر فقط.

فكرة توق الذكية سياسيا أن الوطني لحقوق الإنسان يملك بموجب القانون صلاحيات الرقابة والمتابعة على كل ما يجري في المؤسسات الحكومية وأنه إمتنع عن إستخدام صلاحياته وبالتالي قصر في واجباته عندما تعلق الأمر بالرقابة على مراكز التأهيل التي تفجرت قضيتها بعد البرنامج الشهير لبي بي سي.

ويفسر سلوك توق ما إستغربه كثيرون من الزج بإسم المركز الوطني لحقوق الإنسان وهو الذراع الرسمية الأكثر أهمية في مجال حقوق الإنسان ضمن التحقيق في ملف مراكز التأهيل وهو ملف أثار عاصفة من الجدل إنتهت بالتشكيك بمجمل المعطيات الإدارية في غالبية مؤسسات الدولة وبدخول القصر الملكي مباشرة على الخط.

ضمنيا يحاول توق 'تحفيز' المؤسسات والأفراد على دعم صلاحيات الوطني لحقوق الإنسان الذي قدم بعهد توق تحديدا شهادة مثيرة عن تزوير الإنتخابات في الماضي. وضمنيا يضرب الرجل عصفورين بحجر واحد فهو يناكف من أقصوه سابقا عن موقعه في الوطني لحقوق الإنسان ويحاول في الوقت نفسه التذكير بأن تفعيل دور هذه الذراع الحقوقية التي كانت مدعومة ملكيا يضمن للدولة رقابة أفضل على مؤسساتها.

وفي الواقع تهمش دور المركز بعدما غادره رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات الذي كان أول من أداره فيما توارى المركز خلف الأضواء بعدما كلف به الرئيس الأسبق عدنان بدران الذي منع حسب مصادر عاملة معه عدة مرات ذراع الدولة الحقوقية من الإهتمام بملف سحب الجنسيات بسبب الحرص على حسابات بيروقراطية وأمنية فيما لم تصدر بعد عبيدات ولاحقا بعد توق حيثيات يعتد بها حول دور رقابي أساسي للمركز في الحياة العامة.

لكن تأثيرات تقرير التحقيق الذي عرف محليا بإسم 'تقرير توق'طرح على مستوى الإدارة العليا للدولة تحديات أكثر شمولية من مسألة المعاقين والإنتهاكات بحقهم فقد تسبب التقرير بصدمة للجميع بعد إعترافه بفظائع وجرائم لم تكن متوقعة تحصل في بعض المؤسسات التابعة لوزارة التنمية الإجتماعية حتى أن الكاتب الصحفي فهد الخيطان إقترح تمرير توق على بقية الوزارات والمؤسسات لإستكشاف المزيد من الجرائم التي ترتكب وإرتكبت بحق المواطن والوطن.

الخيطان طرح سؤالا معقدا: ترى ما الذي كان يفعله وزراء التنمية الإجتماعية السابقون ما دامت أحوال مراكز التأهيل كما يصورها تقرير توق ؟... يبدو أن الطريقة التي تعامل بها وزير التنمية الإجتماعية الحالي وجيه العزايزه ساهمت بدورها في إضفاء مصداقية على التحقيق فالأخير تجاوز الأجوبة الكلاسيكية التي تحاول نفي وجود مشكلة أو تخفف منها .

ويمكن طرح السؤال بصورة موازية :لو قيض لصحفيين شباب من طراز حنان خندقجي تصوير مؤسسات ووزارات أخرى بصورة سرية.. ماذا سيتكشف للأردنيين وللعالم عن أهوال الجهاز البيروقراطي والحكومات المتعاقبة؟... بالنسبة لخيطان الجواب واضح فما كشفه تقرير توق وقبلا تقرير بي بي سي في بعض المراكز التابعة للتنمية الإجتماعية سيكتشف مثله أو أسوأ منه في بقية المؤسسات.

القدس العربي


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة