الإثنين 2024-11-11 13:30 م

التواصل جید.. أما الشفافیة فلا

07:46 ص


الحكومة بالكاد تملك المال لتسدید فوائد القروض أما أصل القروض فھي تقترض لتسدیدھا والدین الداخلي یعاد تدویره سنویا فالسندات المستحقة تسدد بإصدار سندات جدیدة وھي تقترب ھذا العام من 5 ملیار دینار، فیما أثار مشروع قرض من البنك الدولي (840 ملیون دینار أو 2,1 ملیار دولار ) ضجة كبیرة وانشغل بھ الرأي العام لأن الحكومة أعلنتھ بطریقة احتفالیة كإنجاز كبیر مع ان عادة الحكومات ھي تمریر القروض بأقل قدر من لفت الانتباه، فاقتراض الحكومات أمر سیئ تضطر لھ عندما تعجز عن تمویل نفقاتھا وبما یعني تحمیل البلد دیونا اضافیة یدفع الاقتصاد ویدفع الشعب لاحقا كلفتھا الباھظة.  



لكن الاقتراض لیس سیئا دائما ویلجأ لھ الجمیع؛ أفرادا وشركات، وھو الوسیلة الرئیسیة لتمویل الاستثمار والمشاریع ویقوم علیھ الاقتصاد المعاصر، ویعتبر الاقتراض السھل والفوائد المتدنیة مؤشرا ایجابیا للاستثمار وازدھار الاقتصاد.
لكن اقتراض الحكومات لتسدید العجز والنفقات الجاریة – وأسوأ من ذلك لتمویل الھدر والفساد – ھو آفة دول العالم الثالث وكارثة على الاقتصاد وعلى مستوى معیشة الشعب.  


القرض الجدید من البنك الدولي وھو یھدف لتسدید دیون مستحقة یعتبر انجازا ایجابیا حسب تصریحات الرئیس الرزاز بسبب شروطھ المیسرة في الفوائد وآجال الدفع فیكون بمثابة اعادة جدولة للدیون دون رفع الكلفة.


لكن تصریحات حكومیة أخرى أوضحت ان ما حصل ھو اتفاق من حیث المبدأ ولم یتم بعد الاتفاق على نسب الفائدة وآجال التسدید! ونفى كناكریة وجود تناقض في التصریحات الحكومیة لأن المعروف ضمنا ان شروط البنك الدولي میسرة بالعادة، وسیتابع وفد حكومي التفاصیل والشروط لاحقا لاتمام الصفقة! شخصیا لم یكن لي رأي سلبي من المشروع فھو یدخل في اطار جھود الحكومة وفق ما تستطیع لمعالجة الموقف المالي ونحن لم نتوقف في اي وقت عن البحث عن قروض جدیدة والحصول على قرض كبیر الى ھذا الحد من البنك الدولي ھو موقف ایجابي من البنك تجاه الأردن أمام  المجتمع الدولي ویحل بعض الالتزامات المالیة لھذا العام، لكن ما اتوقف عنده ھو تسویق الحكومة للأمر وحتى زیارة الرئیس والوفد الوزاري للولایات المتحدة بأكبر من حجمھا وانجازاتھا.


وقد لفت نظري المعلومات المبھمة عن نوعیة اللقاءات ھناك وأن الخبر عن لقاءات وزیري المالیة والتخطیط لم یكن مع نظرائھما بل مع مستویات أدنى كثیرا مثلا ”نائب مساعد وزیر المالیة“، ولا اعرف ماذا یعني ذلك إلا اذا كان على الطریقة الأردنیة في الواسطة والتي تقول ان المراسل أو الموظف الصغیر یمكن ان یمشي أمورك أكثر من الوزیر.


نأمل على كل حال أن تكون شروط القرض میسرة بالطریقة التي تبرر التھلیل المسبق للانجاز لكن بصراحة أنا لا اثق ان ذلك سیحصل وبعد ھذه الاطلالة الواسعة على الاعلام والرأي العام لتسویق الانجاز ستذھب المفاوضات التفصیلیة الى الغرف المغلقة بعیدا عن الاعلام وقد لا نسمع شیئا عنھا.  


واقع الحال ان الحكومة أظھرت وتظھر حرصا وتمیزا في الاتصال الاعلامي وھي أنشأت منصات للتواصل مع الرأي العام ومنھا منصة حقك تعرف لدحض الشائعات وتقدیم الروایة الأخرى (الحقیقیة) لكنھا عجزت وتعجز عن الوضوح بشأن المساحات المعتمة التي طالما تشوق الرأي العام لوضعھا تحت الضوء. في شؤون السلطة والمال لم تختلف ھذه الحكومة عن أي من سابقاتھا.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة