الأحد 2024-11-24 11:30 ص

الحدود الآمنة والفراغ الخطر

09:49 ص

لا مبرر للاعتقاد بأن انهيار نظام الأسد بطريقة غير محسوبة، ودون احتواء نتائجه، سيؤدي الى الفوضى المطلقة.. وبأحسن الأحوال إلى الحالة الليبية. فالحالة القائمة في سوريا لا تختلف أبداً عن الحالة الليبية فهناك حكومة في دمشق وحكومة في بنغازي، وهناك جيش يقوده حفتر أو عنتر، وهناك مجلس نيابي.. لكن ليبيا لا سيادة لها على أي جزء من أرضها، وكذلك دمشق وسوريا.

إن حلَّ الدولة على طريقة السفير بريمر في العراق، وانحلال الدولة على طريقة بشار الأسد، هما حالتان متماثلتان. وإذا كان العراق وقع تحت احتلال عسكري أميركي عشر سنوات بالتمام والكمال، فإن نظام الميليشيات الطائفية التي ترعرعت في ظلاله، لم يغيّر شيئاً من حيث ارساء قواعد حكم وطني يجمع كل مكونات العراق، ويحشدها في مواجهة التطرف والحقد التاريخي القديم.. حتى حين حلِّ الجنرال سليمان محل بريمر.. ذلك أن الاحتلال الأميركي والسطوة الإيرانية لهما مصلحة واحدة هي: التعامل مع عراق فاقد للإرادة الوطنية والولاء القومي.
نظام بشار الأسد لم يخلق منذ أربعة عقود حكماً وطنياً متماسكاً رغم الشعارات الكبيرة:
-هو بقي معزلاً رغم تمدده في لبنان، ومحاولته الهمينة على الأردن.
-وهو لم يبنِ جيشاً قادراً على حماية سوريا، لأنه كان يريد جيشاً لحماية النظام.
-وهو لم ينشط في خلق تحالفات قومية مع الجوار لا مع عراق صدام ولا مع عراق ما بعد صدام. والإيرانيون أو العراقيون أو اللبنانيون الذين يقاتلون معه، إنما يقاتلون بأوامر إيرانية.
لا يريد أحد حلَّ نظام بشار الأسد، لا أميركا ولا إيران، لأن القوتين لهما مصلحة من بقاء سوريا قاعدة لحرب بالواسطة. ولهما مصلحة في انهاك قواها. أما المتحالفون حول الطرفين: تركيا أو العرب. فهم ليسوا إلا ممولين أو مسلحين أو خطوط إمداد ولوجستيات حين كان الأردنيون ينادون بحل سياسي في سوريا، فالحل في تصورهم لم يكن يشمل الأسد أو يشمل داعش والنصرة.
وحين كان نظام الأسد يتهم الأردن بأنه يموّل ويسلّح، ليقوم بدور المجنى عليه، فالأردن كان يعتني ويؤوي مليون وأربعمائة ألف سوري، يجتازون حدوده دون هويات، ودون المرور على قوائم المنع والاعتقال. فقد كنا نعرف أنه لا سوري يمكن أن تمتد يده إلى اليد التي تحنو، والقوة التي تحمل الأطفال وتوزع الماء، والطعام.. وتضمّد الجِراح.
والحل السياسي الذي نريده لسوريا كالحل الذي نريده للعراق ولليبيا ولليمن. يبدأ من القوى الحيّة في هذه الكيانات بالوقوف معاً. ويبدأ في رفض الهيمنة الإقليمية والدولية، ويرفع المذهب والعنصر عن الاستغلال والمتاجرة الرخيصة.
قلنا سنساعد القبائل الحدودية شمالاً وشرقاً وفهمها الذين فقدوا عقولهم أننا: نتوسع. وأننا نخطط لمشاريع سياسية. ولم يدركوا معنى الحدود الآردنية الآمنة بإطارها الاستراتيجي.. وبكلام آخر بفراغ بين حدود دولة تخلت عن السيادة وحدودنا.. فالفراغ هو الخطر.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة