الأحد 2024-09-22 14:19 م

الدين العام 27 مليارا!

07:26 ص

حسب بيانات وزارة المالية، التي أصدرتها الأحد الماضي، فقد بلغ إجمالي الدين العام للفترة من كانون الثاني وحتى آب (أغسطس) من العام الحالي ما يقرب من 27 مليار دينار، ما نسبته 95 % من الناتج المحلي الإجمالي، المقدر لنهاية آب.



وارتفع الدين العام خلال 10 سنوات ما يقرب من 19 مليار دينار، حيث بلغ نهاية العام 2008 ما يقرب من 8 مليارات دينار، أي ما يعادل 60,8 % من الناتج المحلي الاجمالي المقدر وقت ذاك، وهذا يعني أن الدين ارتفع كل عام ما يقرب من ملياري دينار.


رقم الدين الذي نطالعه عبر نشرة الدين العام لوزارة المالية يجعلنا نسأل عن الوسائل التي تملكها الحكومة لخفض هذا الرقم، وعدم رفعه مستقبلا، مع التأشير الى أن ارتفاع الدين يذهب بنا لمساحات صعبة وقاسية تؤثر على الاقتصاد بشكل عام.


ما نلمسه حاليا يؤكد اتساع الفتق على الراقع، فالمعالجات التي نسمعها من الحكومة قاصرة، وآنية ومرحلية لا تؤسس لمعالجة متكاملة لمشكلتنا الاقتصادية الضاغطة، ولا تعطي حلولا دائمة للمشكلة، ولا تؤمن مداخيل مرتقبة للحيلولة دون ارتفاع الدين مستقبلا أو حتى التفكير بخفضه.


صحيح أن التهرب الضريبي يؤثر على مداخيل الدولة، وأن ذهاب الدعم لغير مستحقيه يراكم مشاكل اقتصادية، بيد أن التسليم بأن هذا وحده كفيل باخراجنا من عنق الزجاجة سيبقينا في نهاية كل عام في مواجهة افكار حكومية تعتمد في جلّها على جيب المواطن، وهذا حلّ قاس بكل المقاييس والمبررات، فالمواطن لم يعد يحتمل أكثر، وهذا بحد ذاته يجعل الحكومة تفكر بأشكال أخرى للمعالجة دون الذهاب للمواطن كوسيلة للعلاج.


مؤكد أن الحكومة تعي أن ذوبان الطبقة الوسطى يؤثر على الأمن الاجتماعي بشكل عام، وتعرف عبر مجساتها أن تلك الطبقة التي نتحدث عنها في طريقها للذوبان الكلي إن لم تكن قد ذابت فعلا، وبالتالي فإن جر تلك الطبقة الى دهاليز طبقة محدودي الدخل سيفقدنا أداة أساسية في البناء ومحركا رئيسا للإنتاج والاستهلاك والتنمية المستدامة.
دعونا من تشكيك البعض بحقيقة ذوبان الطبقة الوسطى، وعلينا التذكر أن نسبة الفقر والتضخم في ارتفاع، فضلا عن أن عناصر الحماية لتلك الطبقة غير متوفرة، فارتفاع الضرائب سيطول تلك الطبقة.


أعتقد ان على الحكومة الخروج من مربع التفكير الاقتصادي الذي تحشرنا فيه آنيا والذهاب لمطارح أوسع من التعاطي مع مشاكلنا الاقتصادية، والانفتاح على تجارب اقتصادية عالمية مختلفة، والتفكير بترك المدرسة الحالية والانتقال لمدرسة اخرى سيما وأن مدرستنا الاقتصادية الحالية اثبتت فشلها مرة تلو الاخرى، فالرؤية الاقتصادية التي يشرف عليها ويعطي النصائح حولها صندوق النقد والبنك الدوليين بات ظاهرا عجزها عن تقديم حلول ناجعة، وأصبحت كل الحلول المقدمة تعتمد على رفع الضرائب فقط، حلول آنية ليست مستقبلية، ولا تأخذ بالحسبان الدور المجتمعي للدولة باعتبارها ما تزال راعية، وهو الدور الذي تمارسه الدولة في منعطفات معينة وتتنصل منه في اوقات اخرى.


صحيح ان الخيارات ضيقة باعتبار ان المشكلة توسعت وتعاظمت وهذا يتطلب منا الخروج من الدائرة التي رسمناها لانفسنا، وما نزال نجلس فيها منذ سنوات، والتفكير بانماط اقتصادية اخرى، والذهاب باتجاه اقتصاد يعتمد على تكريس مفهوم الزراعة والصناعة ورفع الانتاج والتصدير وبناء المصانع واستغلال موارد المملكة بشكل شفاف، ومحاربة الفساد والإفساد وتشجيع الاستثمار وفتح الابواب له ومحاسبة كل من يعيقه، والخروج من مربع الأعطيات والمكاسب.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة