الأحد 2024-12-15 05:57 ص

الرسالة الأردنية

09:31 ص

بانتظار ما قد يعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص موضوع الاعتراف بالقدس، يوم غد الأربعاء، وسيكون - على الأرجح- اعترافا أميركيا بالقدس عاصمة لإسرائيل، في حين قد يؤجّل ترامب موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس إلى مرحلة لاحقة.

عمل الملك جاهداً مع المسؤولين الأردنيين، في لقاءاتهم مع المسؤولين الأميركيين وأعضاء الكونغرس، إلى التحذير من خطورة هذه الخطوة على الأمن الإقليمي بأسره، وعلى ما يمكن أن ينجم عنها من ردّات فعل وموجات من الراديكالية والتطرف، إن لم يكن على المدى القريب، فعلى المدى البعيد، ما يجعل صوت الاعتدال والعقلانية في العالم العربي ضعيفاً محدوداً.
لم يترك المسؤولون الأردنيون – على أكثر من صعيد- طريقة إلاّ استخدموها في محاولة إقناع الإدارة الأميركية بالعدول عن هذه الخطوة، لكن لا توجد مؤشرات مطمئنة أو مشجّعة بتغيير موقف الرئيس الأميركي، وهو الأمر الذي دفع بوزير الخارجية أيمن الصفدي، إلى التغريد (عبر حسابه على التويتر) بأنّه أجرى مكالمة مع وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، مؤكّداً على الرسالة الأردنية، التي صاغها الملك بقوة في زيارته الأخيرة لواشنطن، بأنّ ' تبعات مثل هذا القرار ستتبدى غضبا عارما على امتداد العالمين العربي والإسلامي ومزيدا من التوتر وتقويضا لجهود تحقيق السلام'.
ليس صحيحاً بأنّ الموقف الأردني – كما يرى مسؤولون غربيون وللأسف عرب- أصبح سيمفونية مشروخة بربط مشكلات التطرف والإرهاب والأمن الإقليمي بالقضية الفلسطينية، إذ يمكن إثبات ذلك بأدلة تاريخية صارمة، من خلال مسارات الجماعات المتشددة، فأغلبها ارتبط بديناميكيات القضية الفلسطينية، هذا من زاوية.
من زاوية أخرى، لا يمكن القول بأنّ ما يسمى 'مواجهة الخطر الفارسي' في قاموس السياسات العربية، يمكن أن يشكّل 'أرضية مشتركة' مع السياسات الدولية أو حتى مع إسرائيل، عبر القفز عن القضية الفلسطينية وأهميتها أو التقليل من شأنها وأولويتها في المنطقة، ذلك أنّه لا يمكن القفز عن الشارع العربي بأسره، عن مواقفه واتجاهاته وشعوره العارم تجاه القضية الفلسطينية، فكيف إذا تحدّثنا عن القدس نفسها، فمثل هذه 'التوجهات' هي أشبه بعملية انتحار شبه رسمية للنظام الرسمي العربي، وتعطيل ما تبقى من نزر قليل من إمكانية مشاركته في سدّ الفراغ الحاصل في المنطقة!
حتى على صعيد الإدارة الأميركية، فإذا تمّ الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل اليوم، فماذا تبقى لديها لتقدمه في مشروع التسوية المرتقب، ومن سيجرؤ من الفلسطينيين أو حتى الأنظمة العربية على القبول علناً بأي مشروع تكون القدس خارجه. أمّا إذا كان فريق ترامب يرى قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للسفارة كجزء من المشروع القادم، عبر سياسة الأمر الواقع، فهم لا يقرؤون ولا يفهمون تاريخ المنطقة وتحولاتها وتطوراتها!
إذاً ضمن هذا الإطار من الإدراك للموقف الأردني ولحالة النظام الإقليمي العربي، والتوجهات السياسية الدولية والإقليمية المتضاربة، فإنّ الأردن بوصفه راعي المقدسات في القدس، ورئيس القمّة العربية، قد طلب من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن يتهيأوا لعقد اجتماعات طارئة في حال تمّ إعلان القرار الأميركي، ليتحمل المسلمون والعرب مسؤولياتهم.
هل الموقف الأردني في موضوع القدس متهور؟! – كما يخشى سياسيون أردنيون- بالتأكيد لا، بل التهوّر بعينه هو عدم المضي إلى أبعد مدى في مواجهة القرار الأميركي عبر العمل الديبلوماسي، لأنّ الأردن هو أول من يكتوي بنيران مثل هذا القرار، بعد الفلسطينيين، على صعيد أمني وسياسي ورمزي.
مرّة أخرى، لا بأس أن نكون 'رأس الحربة' في حماية القدس ديبلوماسياً، لأنّها قضية رمزية واستراتيجية وأخلاقية، وقومية ودينية ووطنية عادلة ومرتبطة أيضاً بمصالحنا الوطنية.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة