الأحد 2024-12-15 06:47 ص

"السخرية" سلاح احتجاج جديد للأردنيين

01:22 م

الوكيل - على خلاف الصورة النمطية الشائعة عن الأردنيين باعتبارهم شعبا 'متجهما'، كشفت الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد ضد قرار رفع الأسعار عن وجه آخر للأردنيين فظهروا كشعب 'ساخر' لا تقل رسائله الساخرة في قوة احتجاجها عن المواجهات في الشارع.


وتنوع أبطال السخرية لدى الأردنيين -بحسب مواقع التواصل الاجتماعي- بين رئيس الوزراء عبد الله النسور ووزراء حكومته، وصولا لاسطوانة الغاز والمشتقات النفطية، وخاصة الكاز الذي يستعمله الفقراء في التدفئة.

وركز النشطاء في نكاتهم على الدعم الذي قدم للمواطن بقيمة 19 قرشا يوميا بدلا من رفع الأسعار، كما أطلقوا سخريتهم على الظهور المتكرر لرئيس الوزراء عبر وسائل الإعلام للدفاع عن قرار رفع الأسعار، فتحدثوا عن ظهور قريب له في قناة تعنى بأمور الطبخ لتقديم سلسلة حلقات للأردنيات عن كيفية الطبخ دون استعمال الغاز.

وتهتم معظم النكات بأسطوانة الغاز التي ارتفع سعرها بنسبة 54%، حيث حاز مقطع فيديو يظهر شبانا يقومون بـ'زفها' على هيئة عروس لأحد المنازل على متابعة كبيرة، كما تبادله الشباب على موقعي فيسبوك وتويتر.

كما ظهرت الأسطوانة في تسجيل آخر وهي تحمل رقما سريا لتشغيلها، وتحمل عبارة 'الأسطوانة مراقبة إلكترونيا'. وهناك عشرات الصور التي تظهر تهنئة أشخاص بشرائهم أسطوانات الغاز بعد ارتفاع أسعارها، وأخرى تتحدث عن حالات إغماء نتيجة نفاد الغاز في أسطواناتهم.

وكان لافتا استعادة الأردنيين كاريكاتيرات سابقة لرسامين عن 'الكاز' الذي يعتبر وقود التدفئة الرئيس للفقراء، وأبرزها كاريكاتير للرسام عماد حجاج يظهر فيه شابا يريد الانتحار بسكب مادة الكاز على جسده لإشعال النار، فيما يحاول والده إقناعه بعدم هدر الكاز وأن يفعل بنفسه ما يشاء.

إزعاج السلطات
ويرى البعض أن السخرية أزعجت الجهات الرسمية، فقد تحدث الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي 'للجزيرة نت' عن منع صحيفة 'الرأي' شبه الرسمية ستا من عشر مقالات كتبها خلال 11 يوما من الاحتجاجات.

وقال الزعبي إن المقالات الممنوعة انتشرت عبر الإنترنت بشكل أكبر من التي سمح بنشرها بين الناس، مشيرا إلى أن أجنحة الدولة استخدمت مقالاته الساخرة في المناكفة بينها.

وأضاف أنه كتب مقالا كان يحوي من النقد ما جعله متأكدا أنه لن ينشر، ولكن بعد ثلاثة أيام من تأخير نشره وإثر تصريح رئيس الوزراء عن أنه أقوى من جهاز المخابرات أبلغ بأن المقال سينشر.

وعلق الزعبي 'يبدو أن المقال استخدم في إرسال رسالة للحكومة من الجهات الأمنية بأنها من الممكن أن تستخدم سلاح الإعلام ضده'.

ورأى الكاتب الساخر أن الأردنيين أثبتوا أنهم 'شعب ساخر بامتياز'، وشبه مقدار السخرية الذي ينتشر في الأردن منذ بداية الربيع العربي بما شهدته دول عربية أخرى انتهت بتغيير كبير نال الأنظمة.

فعل تسكيني
من جهة أخرى، تحدث المستشار في الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة عن أن السخرية هي إحدى حالات الدفاع النفسي الصحي، لكونها تخرج مكنونات الغضب الذاتية بعيدا عن العنف اللفظي والجسدي.

وقال 'للجزيرة نت' 'لكن السخرية تعتبر عنوانا لعدم القدرة على الفعل والتغيير'، مضيفا أن السخرية التي تظهر في الأردن اليوم مبررة باعتبار أن ما يجري من قرارات حكومية وتعامل رسمي لا يحتمل التفكير المنطقي وخاصة ما يرد في أحاديث رئيس الوزراء في تسويقه لقرارات حكومته، حسب قوله.

وتابع الحباشنة أن السخرية تولد الضحك الذي يأتي عندما يحدث شيء غريب خارج السياق، 'وهذا ينطبق على أحاديث المسؤولين وتبريراتهم ومنها ما ورد على لسان رئيس الوزراء ومدير الأمن العام'.

لكن مستشار الطب النفسي حذر من الانقياد وراء السخرية في العالم الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن السخرية التي لا تنتقل لعمل جماهيري تتحول لفعل تسكيني وتفريغ للغضب بشكل سلبي.

وخلص إلى القول إن السخرية الإيجابية هي التي تنتقل إلى الأرض أو تتحول لفعل جماهيري، وهذه قد تكون مؤثرة في الواقع أكثر بكثير من الخطاب السياسي المعتاد.-( الجزيرة.نت- محمد النجار)


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة