الأحد 2025-01-19 14:26 م

الشعر والثورة .. دعوة لملامسة الواقع والخروج من قوقعة الذات

01:38 م

الوكيل - مثلما يختلف المثقفون على توصيف ما يجري في الشوارع العربية الى درجة الاصطفاف في خنادق متقابلة متصارعة، فقد يختلف الشعراء أيضا على توصيف دور الشعر في متابعة هذه الحراكات والتاثير فيها، باعتبار الشعر الاكثر استجابة للاحداث بخلاف غيره من صنوف الابداع الاخرى، وهنا آراء عدد من الشعراء وقراءتهم لما يجري في الشوارع العربية.

مرحلة فنية مختلفة

وحول هذا الموضوع يقول الشاعر عاطف الفراية وهو يتحدث عن دور الشعر في متابعة الحراك الشعبي، إن ربيع الثورات العربية فاجأ المشهد الثقافي العربي، ربما أكثر مما فاجأ الوسط السياسي، وبالتالي فإن أي منتج ثقافي، من شعر أو أي إبداعٍ متعلقٍ بهذا الربيع، لن يكون بمستوى تعبيري عميق مواز لحقيقة هذا الحراك إلا بعد مرحلة زمنية تسمح باستيعاب هذه الحالة الجديدة، ومحاكاتها بشكل ناضج، ما يعني حتمية ظهور مرحلة فنية مختلفة تحدد ملامحها طبيعة الحياة الجديدة والحرية المتوقعة، وكل هذا يتوقف على المحصلة النهائية لهذا الحراك الذي لم يفرز بعد شكله النهائي، ولم تعد الأنماط التعبيرية السائدة في حقبة الكبت مناسبة أو كافية للتعبير عن الواقع الذي سيأتي. والشاعر العربي في نصف القرن الذي سبق هذه الثورات ذهب في اتجاهات فنية أخذت بالتدريج تلتصق بالذات وتبتعد عن الواقع. ويرى الشاعر الفراية أن أهم أسباب هذه العزلة كان دائما غياب الحرية، ومحاصرة الإنتاج الفكري المختلف مع السائد ومحاصرة أدوات تلقيه، وبالتالي فإن دور الشعر في الحراكات الأخيرة يعتمد على خلق جو جديد من الحرية الإبداعية يأخذ وقته ويعيد الوجدان الشعري إلى ملامسة الواقع والخروج من قوقعة الذات الشاعرة، وهو ما لا نستطيع الحكم أو التنبؤ به الآن.


المزيد من الشعر

الواعي والحماسي في آن


من جهته يقول الشاعر العراقي مكي النزال طالما كان الشعراء في طليعة الثورات على مرّ الأزمنة والعصور، والشعر عند العرب خصوصًا من أقوى عوامل الحراك للتغيير والثورة على الظلم والجبروت، فله عند العرب هيبة واهتمام، وهم يتفاعلون معه بقوة، والشأن العراقي خير دليل على ذلك حين صدحت حناجر الشعراء العراقيين والعرب مساندةً للجهد العسكري والسياسي العراقي قبل وبعد الاحتلال الأميركي للعراق، حين تفجرت المقاومة الشعبية العراقية.

ويضيف الشاعر النزال أنه منذ اندلاع حركة التغيير في تونس وما تلاها، تفتقت قرائح الشعراء العرب عن آلاف القصائد المساندة والمعبرة عن رغبات الجماهير والمساندة للحراك الشعبي العارم.

غير أن النزال يدعو إلى ضرورة ملاحظة الانقسام الواضح في صفوف الشعراء والمثقفين، الذي نتج عن انقسام الشارع العربي بين مؤيد ومعارض لما يحصل في بعض الأقطار، وهنا يتضح جليًا تأثر الشعراء بالتوجهات السياسية والإعلامية السائدة على الساحة.

ويبقى الشعراء مطالبين، حسب النزال أيضا، بالمزيد من الشعر الواعي والحماسي في آن، فللشعراء حظوة أكبر من حظوة السياسيين لدى المواطن العربي، وهنا تكمن المسؤولية الأخلاقية والتاريخية بعيدًا عن الأهواء والتوجهات الحزبية والشخصية، وهو الأمل بشعراء الأمة الذين عودوا شعوبهم على أن يكونوا حداة القافلة.



مضمون دعويّ على

حساب الجانب الفني



ويرى الشاعر عبد الكريم أبو الشيح أن الشعر العربي لا يواكب الأحداث في الشارع العربي، منذ ثورة تونس للآن، وإن كان تأثرَ بما يجري فهو تأثرٌ لا يمكّننا من الإدعاء بأنه ظاهرة نستطيع أن نقنن لها أو نرسم لها ملامح واضحة، وأرى أن أسباب ذلك تعود للإيقاع السريع لتواتر الأحداث وانتقالها من بلد إلى بلد من ناحية، ومن ناحية أخرى فالشعراء كغيرهم تجدهم بين مترقب متوجسٍ خيفةً مما يجري، وبين من يساند الثورات، وبعض هؤلاء كتبوا لها، ولكن كتاباتهم لم تعْدُ أن تكون خطابية مباشرة أو قريبة من ذلك، إذ إنها ارتكزت على مضمون دعويّ على حساب الجانب الفني. ويؤكد الشاعر أبو الشيح أن العلاقة بين الفن عموماً والشعر خصوصاً والواقع، هي علاقة جدلية، بالإضافة إلى كونه إحدى الروافع الرئيسة التي يرتكز عليها تكريس الوعي والحرية في المجتمعات الإنسانية، وإنما ذلك يكون بعد أن تختمر التجربة وتبدأ نتائج الثورات بالظهور، ولا بُدّ هنا من الإشارة إلى أنني أعني بالشعر، الشعر الذي يُعلي القيمة الفنية والجمالية لتجلية الرسالة، وليس الشعر الذي يتجاوز المستوى الجمالي لحساب الرسالة الدعوية الموجهة.


هشام عودة


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة