الثلاثاء 2025-03-04 10:12 ص

الشهرة ما بين "الهوس " و " الاستحقاق "

05:33 م

الوكيل - عزالدين الناطور - البحث عن الشهرة ليس نتاجاً لثورة المعلومات التي اجتاحت العالم ، فحتى قبل أن يعرف الإنسان الإنترنت والهاتف كان هناك من يحاول أن يصبح محط أنظار الجميع بقدرته على إلقاء الشعر أو بصوته الجميل ، ليجد في المقابل مكانة اجتماعية توفر له الاحترام والتقدير ، إلا أن ثورة المعلومات التي مكنت الإنسان من نقل ملايين المعلومات في ثوان معدودة زادت من هوس الإنسان تجاه الشهرة ، وبخاصة بعد أن تزايد البرامج التلفزيونية الباحثة عن هؤلاء ' المهوسين ' والباحثين عن الاضواء ، في حالة ترتقي لأن تصبح ظاهرة اجتماعية .




فبحسب استاذ علم الإجتماع الدكتور حسين خزاعي فإن ثورة المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي زادت من هوس الشباب تجاه الشهرة وبخاصة في المجالات الفنية والعلمية ، التي اصبح لها برامج متخصصة على القنوات الفضائية تستغل أحياناً حب الظهور الذي يرافق الإنسان في مرحلة الشباب لزيادة حضورها وتحقيق مزيدٍ من الارباح .



ومع أن خزاعي يرى أن من حق أي إنسان أن يبحث عن الشهرة إلا أنه يعتقد أن التقليد الأعمى للشخصيات الإعلامية والفنية التي زاد حضورها وتناقل اخبارها بين الناس بفضل وسائل الإتصال الحديثة زادت من انتشار هذه الظاهرة ، مؤكداً أنه من اسباب زيادة هذه الظاهرة أيضاً هو عدم التوعية بمفهوم الشهرة أو كيفية التعامل معها لذا نجد أحياناً أن بعض المشاهير يرون أن من حقهم ممارسات سلوكيات سلبية ومرفوضة من المجتمع لأنهم يعتقدون أن الشهرة تتيح لهم ذلك .



لكن للشهرة سحراً لا يستطيع سوى القليل من الناس مقاومته ، وأحياناً يعتبره البعض استحقاقاً مشروعاً خاصة إن سبق بمجهودات لنيلها ، يزن حامد المذيع المبتدئ في احدى القنوات الفضائية الأردنية يرى أن الهوس بالشهرة ينطلق من اعتقاد الكثيرين بأنها الطريق الأسهل للثراء والراحة , فبعضهم بحسب يزن يعاني من نقص تقدير الآخرين له فيبحث عن الشهرة في أي مجال بهدف لفت انتباه الآخرين اليه ، والبعض يبحث عن الشهرة لأنه رأى أشخاصا يعرفهم قد وصلوا إليها بطرق سهلة وميسرة .


ويرى حامد أن الشهرة الحقيقية هي الشهرة الدائمة وليست اللحظية, لأن الشهرة الدائمة يلزمها ' أساس قوي ' , كأن يمتلك الشخص علماً مميزاً وفريداً أو موهبة مميزة يظهر بواسطتها ويفيد بها العالم .



اما إن كانت الشهرة قدراً أو استحقاقاً ،بحسب القاص الأردني عمار الشقيري فإنها مسألة شائكة يصعب حسمها وربما يتضافر العاملان في صياغتها ، ويستدل في حديثه إلى تجربة الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي قال في اخر قصائده ' كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً لا تطلُّ على البحرِ'



ويضيف الشقيري ' هذا اقتباس من شاعر حقق الشهرة لكنهُ اعترف في آخر قصائده بدور المصادفة في تحقيقها والمصادفة في حالة الشاعر محمود درويش أنها أتت من التنشئة الأولى التي أمالت قلبهُ للشعر وحب الشيء مع وجود البديهة يجعلك تتقنهُ , أما الباقي فهو من نصيب المصادفات و من نصيب قنص الظروف والارتكاز عليها ' .



ويؤكد الشقيري أن مواقع التواصل الاجتماعي زادت من أمكانية وسهولة تحقيق الشهرة فبحسبه ' المشتغل بالكتابة يقنص شهرته من خلال العلاقات الإجتماعية والأصدقاء ومدحهم له على الملأ وبسرعة وهو الذي كان يتطلب من الكاتب في السابق اقامة أمسية شعرية أو حفل اشهار كتاب يكلف وقتاً ومجهوداً .



كثيرون يطمحون الى الشهرة, وكثيرون قد عرفوا سرها وجزموا بأنها المستحيل فحادوا عن طريقها ورضوا بالأمر الواقع, إلا أنها ستبقى الماء الأجاج وعطش الشباب بلا منازع, كلما استسقوا ماءها ازدادوا عطشا .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة