السبت 2024-12-14 10:49 ص

العاصمة الجديدة

07:44 ص

هناك أخبار محلية عن نيّة الحكومة لانشاء عاصمة جديدة، لم يتم الإعلان عن مكانها، ولكن سوف يكون لهذا الخبر مزيد من التحليلات والتكهنات العديدة حول النية الحقيقية لأصحاب القرار عن المكان والزمان والأوصاف والمحددات الأخرى، وعن المقاصد الحقيقية المتعلقة بهذا الحدث.



إنشاء عاصمة جديدة خبر مثير، ويحوز على قدر كبير من الأهمية التي تتعلق بكل المواطنين، لما يترتب على ذلك من جملة واسعة من الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى المخزون الكبير من عدم الثقة أحياناً الذي يميل بالمحللين نحو التشاؤم، خاصة فيما يخص قدرة بعض المتنفذين على استغلال الحدث والاستثمار فيه من أجل تحصيل مزيد من المكتسبات.


«عمان» أصبحت مكتظة ومزدحمة، وتضاعف عدد سكانها أضعافاً مضاعفة منذ نشأتها حتى الآن، ويُقدر عدد سكانها في الوقت الحاضر بأربعة ملايين نسمة أو يزيد، بمعنى أنها تحوي ثلثي سكان المملكة، وليس هذا فحسب بل ما زالت تستحوذ على 90% من الثقل الاقتصادي والتجاري، وتحوي كل مراكز الفاعلية والتأثير، وبقية المدن الأردنية لا تعدو كونها قرى كبيرة.


من الجيد التفكير بتخطيط عمراني جديد من أجل معالجة الاكتظاظ والازدحام الشديدين، ولا بأس من التفكير بانشاء مدن جديدة حديثة، وقد سمعت بعض الاقتراحات بهذا الشأن مثل انشاء مدينة جديدة في منطقة الجنوب عبر المناطق الفسيحة الممتدة والخالية وتكون قائمة على أسس حديثة وشوارع واسعة وتنظيم جميل، وهناك اقتراح بانشاء مدينة أخرى على خط عمان المفرق ما بعد الزرقاء عبر السهول الفسيحة والممتدة نحو الشرق كذلك بالمواصفات نفسها، مما سوف يؤدي إلى مزيد من الحركة والنشاط التجاري والاقتصادي أولاً، وتخفيف العبء على العاصمة المكتظة ثانياً، وهناك اقتراح بانشاء مطار مدني كبير في محافظة إربد من أجل إيجاد مركز حضاري آخر في الشمال، فهذا تفكير في الاتجاه الصحيح في مواجهة الزيادة السكانية واستيعاب الهجرة الواسعة التي تعرضت لها الأردن طوال مراحل تاريخها، مما يؤدي إلى خلق آفاق جديدة ويحول التحديات إلى فرص أمام الأردنيين.


لكن في مقابل هذا التفكير الايجابي المتفائل، هناك بعض التحديات التي تحتاج إلى دراسة ومعالجة سابقة ولاحقة، فمن هذه التخوفات أن يتم استئثار فئة القطط السمان بتحقيق فوائد خيالية من الاستملاك المسبق للأرض المخصصة لهذه المدينة الجديدة، ويكون ذلك مقتصراً على فئة قليلة من الأردنيين الذين يملكون الأسرار ويطلعون على الحقائق المخفية.


الخوف الثاني من حدوث نقلة كبيرة تؤثر على بعض أصحاب المصالح الاستثمارية والتجارية في العاصمة، مما قد يؤدي إلى حدوث كساد في بعض المناطق نتيجة تحول الأنظار نحو أماكن أخرى، كما حدث مع تجار سقف السيل سابقاً ومركز البلد الذين كانوا يتمتعون بثقل تجاري مميز.


الخوف الثالث يتمثل ببعض التوقعات المتشائمة من إنشاء (منطقة خضراء) على غرار هذه المسميات في بعض العواصم العربية التي تخص بعض الكبراء وطبقة المسؤولين والمتنفذين وتحظى بالأمن والرعاية والاهتمام وقسط كبير من المخصصات على حساب المناطق الأخرى المهمشة.


هذه تخوفات مشروعة في ظل عدم اكتمال المعلومات وغياب الحوار بين الحكومة والفعاليات الشعبية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفي ظل الخبرة السابقة التي تعشعش في أذهان الأردنيين من خلال ظهور علامات الثراء المفاجئ على بعض المسؤولين الذين كانوا يعلمون علماً مسبقاً بتخطيطات التوسع العمراني وفتح الشوارع المهمة في محيط العاصمة وامتداداتها.


في الختام ينبغي أن تعرف الحكومة أن هذا الحدث يمثل شأناً يخص الأردنيين جميعاً، ويحتاج إلى خطة شاملة في كيفية تنفيذه وفي كيفية تسويقه عند المواطنين بقدر كبير من النزاهة والشفافية غير المعهودة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة