ينهمك كثير من المحللين والمتابعين ودوائر الاستخبارات والشؤون الاستراتيجية في معظم العواصم العالمية، بدراسة ما انطوى عليه التقرير الدوري الذي صدر للتو عن «مجلس الاستخبارات الوطنية» الاميركي حول شكل العالم في العام 2030..
وبعيداً عن لغة التنجيم والتخمين وغيرها من المفردات والمصطلحات وربما القراءات الرغائبية التي قد تحفل بها تقارير كهذه، الا ان ذلك قد ينعكس سلبياً على معدّي التقارير واسم «المجلس» الذي وضع توقيعه عليه ما يعني ان ثمة حرصاً على التحلي بحد ادنى من الجديّة والقراءة النقدية والتوقعات المبنية على ارقام ووقائع ومعطيات، يجب ان يتحلى بها الباحث او فريق العمل، ما بالك اننا في صدد الحديث عن مجلس اميركي يتولى مهمة اعداد تصور «مستقبلي» يُمكّن أصحاب القرار في دولة «كأميركا» من بناء استراتيجيتهم الوطنية على بعض او كل ما جاء فيه، رغم ان السياسة في معظم دول العالم (باستثناء العرب) تتوخى المرونة والبراغماتية والقدرة على التكيف وتقدير الامور والأكلاف ببرود، وليس على حسابات الثأر وتصفية الحسابات والانتقام، ما بالك بادارة الظهر حدود الازدراء، لكل ما هو أمن قومي ومصالح مشتركة وطمس على حقائق العصر التي تقول ان لا وزن كبيراً او اهمية للدولة القُطْرية مهما بلغ تعدادها السكاني وثرواتها لأن المستقبل للكتل الاقتصادية والتجمعات الاقليمية الراغبة بتعظيم مشتركاتها والتقليل من خلافاتها، ودائماً في تقديم مصالح شعوبها على المصالح الضيقة للحكام او الاشخاص او الاحزاب بل والايديولوجيا.
ماذا يقول التقرير:
اولا يتحدث عن زوال الهيمنة الاميركية وصعود العملاقين الصيني والهندي، وهو ايضا يتوقع اندلاع نزاعات دولية حول المياه لكنه يشير الى غموض يسربل الاسلام السياسي في ذلك العام الذي لا يفصلنا عنه سوى سبعة عشر عاما.
واذا كان التقرير قد عرض لائحة باسماء الدول التي ستبرز كقوى اقتصادية وازنة بنفس اهمية الغرب (..) مثل كولومبيا، مصر، اندونيسيا، ايران، تركيا المكسيك وجنوب افريقيا، فانه يلفت الى مسألتين يجدر التأمل في معانيهما، الاولى: ان الهند سيكون نموّها الاقتصادي كبيرا لكن بطيئا كالصين وفي عام 2030، ستكون الهند بمكانة الصين في زمننا الحالي أي ان «الفجوة» بينهما تمتد لسبعة عشر عاما.. (اللافت في قائمة الدول المرشحة للبروز اقتصاديا لا يأتي التقرير على ذكر اسرائيل).
اما الثانية، فهي اكثر اثارة حيث يتنبأ التقرير بالدول الاكثر عرضة للانهيار في 2030 حيث تبدأ بالصومال ثم بورندي واليمن، اوغندا، افغانستان، مالاوي، الكونغو، كينيا، نيجيريا، النيجر، باكستان، تشاد، هاييتي، اثيوبيا الى ان ينتهي ببنغلادش. ما يعني ان دولا «كبرى» في اطار ما يوصف الان بدول «الجنوب» مرشحة للتفكك والانهيار، الامر الذي يمكن ملاحظته ايضاً، ان اغلبها عربية واسلامية، فهل هي مجرد «أقدار» ام ان خططا تعد للتنفيذ ام - وهذا هو الاهم - ان الاستبداد والتطرف والتبعية وانعدام الامن وغياب العدالة والتطرف الديني او العرقي او الطائفي، هي الطرق الاسرع للانتقال الى صفوف الدول المنهارة او في «افضل» الاحوال الدول الفاشلة؟
ثمة اخيرا.. اهمية الاشارة الى الشأن الفلسطيني في التقرير الذي يقول ان قضايا مثل حق العودة والقدس «لن» تحلّ بشكل كامل بحلول عام 2030، وإن كان تحدّث عن ان «فلسطين ستنشأ بعد انهاك العرب والاسرائيليين، وعدم رغبتهم باستكمال الصراع اللامتناهي؟
اين من هنا؟
يستنتج التقرير ان معظم البلدان العربية ستعيش ازمات متتالية واوضاعاً اقتصادية متردية، ما سيترك المجال للدول غير العربية مثل تركيا وايران واسرائيل لتكون اللاعبة الابرز في المنطقة..
.. انتظروا الاسوأ اذاً، هذا ما يقول لنا التقرير الاميركي، لكن.. ماذا يقول عرب اليوم...لعرب 2030؟
kharroub@jpf.com.jo
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو