الأحد 2024-12-15 19:18 م

العبور بين الأردن وفلسطين .. معاناة يومية يتقن صناعتها الاحتلال

01:00 ص

الوكيل – مسافرون، ليسوا كغيرهم من المسافرين، يعبرون معبر الكرامة الفلسطيني إلى جسر الملك حسين يوميا، في رحلة معاناة لا يواجهها مسافرون عبر مطارات ومراكز حدود العالم المختلفة، فبين المعبرين ثمة احتلال اسرائيلي يسيطر على الارض والهواء، ويذكر الجميع أنه هنا، محتل يقطع أوصال الارض والوطن، ويخلق المعاناة للبشر.


11 ألف مسافر، مغادرين للأردن او قادمين، يتنقلون يوميا بين ثلاثة معابر تفصل المملكة عن الضفة الغربية المحتلة، اي نحو مليون و400 الف مسافر يتنقلون عبر البلدين سنويا، بحسب تقرير صادر عن إدارة المعابر والحدود الفلسطينية.

لهفة اللقاء المنتظرة بالاحباب والاقارب عبر الحدود الفلسطينية الاردنية لا تقطعها وتكدرها سوى سياسات الاحتلال الاسرائيلي، الذي ما يزال يسيطر على الحدود، رغم اتفاقيتي السلام الاردنية الاسرائيلية والفلسطينية الاسرائيلية (اوسلو)، فيما فاقمت درجات الحرارة غير المسبوقة في أخفض بقاع الارض، على مدى اسبوع مضى معاناة المسافرين، ولم تشفع الاجواء الملتهبة لهم، لدى الاحتلال وجنوده، في تسهيل سفر الشيوخ والاطفال والنساء.

أم سليم، تحمل ابنها بين ذراعيها، يكاد ينفجر من شدة البكاء، قالت بنبرة حزينة: 'خرجت من منزلنا بنابلس الساعة الثالثة فجراً، وها هي الساعة الآن قرابة الثانية عشرة ظهراً، ولا زلت أنتظر أن يصل دوري في هذه الموجة الحارة، وهنا بأريحا لامست درجة الحرارة قرابة الخمسين'.

تبدأ رحلة المسافر من فلسطين نحو الأردن بالتوجه بداية إلى أريحا، وبعد الانتهاء من الإجراءت، يستقل المسافرون الحافلة إلى 'معبر اللنبي'، الذي يسيطر عليه الاحتلال الاسرائيلي، لتبدأ مرحلة تفتيش جديدة طويلة، ومعاناة لا تنتهي.

متكئا على عصاه، يجلس واضعاً يده على وجهه، متمتماً، يقول أحد المسافرين: 'سافرت لأرى ابنتي في الأردن، ويا ليتني لم أسافر، وصدق رسولنا الكريم عندما قال ان السفر قطعة من العذاب، وهنا كل العذاب من اجراءات مشددة لا داعي لها'.

وفي الجانب الاسرائيلي، ترى الموظفين يتلاعبون بمشاعر المسافر، الذي أنهك قواه الانتظار الطويل، يتحدثون بلغتهم بين بعضهم مستهزئين غير مبالين بالطوابير المنتظرة.

من بين 10 نوافذ، لم يفتح منها سوى اثنتين، في حين تنتظر عشرات الحافلات بالخارج لتأخذ الإذن لدخول المعبر 'الاسرائيلي'، وقد يستغرق ذلك ساعات طويلة، حيث يتجاهل الاحتلال وجود أطفال ومرضى وكبار سن لا يتحملون الجلوس طويلاً.

لا يتردد جنود الاحتلال في الاساءة اللفظية والجسدية للمسافرين، او معاقبة الحافلة كاملة، دون مراعاة لاحد، كما يشكو مسافرون.

'استراحة عبدة' بين فلسطين والأردن، او كما يسميها المسافرون 'استراحة الذل'، فما أن تنتهي من معبر اللنبي، حتى تعاود الركوب بحافلة أخرى، تقلك إلى هناك، حيث 'مكب الحقائب'، بعد أن تم فحصها من قبل الجانب الاسرائيلي، لتبدأ معاناة جديدة، فمن بين آلاف الحقائب التي تم القاؤها، بعنف ودون اكتراث لما تحتويه من زجاج وعبوات زيت زيتون وغيرها، يبدأ كل مسافر بالبحث عن حقيبته، تحت أشعة الشمس الحارقة، وقد ينتهي أحدهم بعد طول عناء بأن حقيبته لم تصل بعد!

لا تتوقف استفزازات الاحتلال بتأخير الحافلات أو إرجاع البعض أو اعتقالهم، بل تعدت ذلك لتصل إلى اطلاق الرصاص بدم بارد تجاه المسافرين، وقصة استشهاد القاضي رائد زعيتر العام الماضي على ايدي جنود الاحتلال، بخمس رصاصات غادرة ما تزال حية في الذاكرة.

المحطة الاخيرة امام القادم للمملكة تكون في جسر الملك حسين، الذي يضج يوميا تحت ضغط آلاف المسافرين، قدوما ومغادرة، فيما ينتقد مسافرون غياب بعض الخدمات وطول الاجراءات الرسمية في المعبر ايضا.

وبحسب الإعلان العالمي لحقوق الانسان، من حق المواطن أن يغادر دولته وأن يعود إليها في أي وقت حيث تنص المادة 13 منه على 'لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة'.

لكن هنا لا تستطيع السفر بأي وقت تريده، والسبب أنه مفتوح فقط من الساعة 7:30 صباحاً وحتى 10:30 مساءً، فيما يمكن اغلاق الجسر باي لحظة دون ابداء الاسباب.


الغد


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة