كانت المؤشرات كلها تفيد بأن الحكومة ستعبر محطة قانون الموازنة بمجلس النواب بدون إشكاليات تذكر.”مالية النواب” عملت بذكاء وحكمة وأدارت نقاشات عميقة مع كل الوزارات والقطاعات لترجمة الأولويات الوطنية في بنود الموازنة.
لكن جاء مشروع قانون العفو العام ليعكر الأجواء من جديد، خاصة وأن عرضه للنقاش يتزامن مع بدء المداولات النيابية حول قانون الموازنة العامة، وهو ما يضع الحكومة تحت ضغط المساومات من جديد بعد أن عانت من حالة مشابهة مع قانون ضريبة الدخل.
بمجرد أن عرضت الحكومة تفاصيل مشروعها للعفو العام حتى انهالت عليه الانتقادات النيابية من كل الاتجاهات، فحتى يوم أمس لم اصدف موقفا لنائب واحد عبر عن رضاه و اكتفى بماجاء في القانون.
ربما تكون الحكومة تركت هامشا لإضافات النواب على قائمة الجرائم والمخالفات المشمولة بالعفو، لكن طموحات النواب من العفو تبدو أكبر بكثير من الهامش المتاح.
هناك بلا شك حسابات نيابية خاصة يسعى أصحابها من النواب لإرضاء أوسع قاعدة ممكنة من ناخبيهم وشمولهم بالعفو، وقد يصل الأمر حد المطالبة بشمول جرائم كانت على الدوام خطا أحمر في قوانين العفو التي صدرت من قبل.
وبما أن القانون سيعرض بصفة الاستعجال، فالمرجح أن يكون النقاش حوله على حساب مشروع قانون الموازنة، إذ يدرك النواب أنهم تحت ضغط الشارع لإنجاز القانون وإنفاذه في أقرب وقت ممكن.
لكن الجدل النيابي حول القانون والانتقادات الواسعة في أوساط الناس العاديين لحجم الاستثناءات فيه، يعطينا فرصة لتأمل الموقف الحقيقي حيال مبدأ سيادة القانون.
هذا القدر من الحماس الذي نظهره لتوسيع دائرة المعفيين من العقوبات والمشمولين بالعفو، لا نلحظ مثله أبدا عندما يتعلق الأمر بفرض سلطة القانون على الجميع،لا بل إننا في محطات عديدة ومواقف كثيرة نعاند وبقوة تطبيق القانون، ونسعى بكل ماهو متاح من وسائل للتحايل على تطبيق القانون. وعندما يحين السؤال عن أوضاعنا الداخلية وأولوياتنا الوطنية، نصرخ بصوت واحد، نريد سيادة القانون على الجميع، وفرضه بقوة ودون تردد.
لا أحد يجادل بالدعوة إلى إعطاء المخطئين فرصة للتوبة وتصويب مسار حياتهم، مع أن تجاربنا مع العفو العام تفيد بأن نسبة كبيرة من مرتكبي الجرائم يعودون إليها مرة ثانية وثالثة. لكن علينا أن لا نكرس العفو في الوعي العام كمبدأ يعادل في قيمته القانون، بل النظر إليه كاستثناء، نعمل جميعا بأن لا يتحول إلى قاعدة في حياتنا.
في الجوهر، العفو العام يتعارض كليا مع مبدأ سيادة القانون، ودعونا نعترف أننا في قرارة أنفسنا لم نتشبع بعد بالقدر الكافي من الإيمان والتسليم بهذا المبدأ الذي لا يمكن للدول أن تنهض وتتقدم دون الامتثال العام له.
لا نلوم الناس على ذلك، ففي ذاكرتنا التاريخية ولعقود طويلة، كان مبدأ سيادة القانون هو الأقل حضورا في ثقافتنا وسلوكنا شعبا ومؤسسات، والسبب أننا لغاية الآن لم نفلح في خلق الرابط بين المصلحة والقانون.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو