السبت 2024-12-14 08:58 ص

الفسحة الزمنية المطلوبة!

12:31 م

هذا الهراش الكلامي بين واشنطن وطهران حول «تفاهم» المشكل النووي الإيراني، لا يمس جديته ولا يسير إلى خلاف حقيقي، وإنما هو موجه للداخل الإيراني، والأميركي!!. وحين يقول خامينئي انه: ليس مع الاتفاق وليس ضده. فهو يخفف من غلواء الذين خرجوا بالآلاف لاستقبال وزير الخارجية «البطل»، وهو كذلك يخفف من حنق المتطرفين في الحرس الثوري ورجال الدين!!. وحين يشدد موظفو الأمن القومي ووزير الدفاع على ضرورة التفتيش الصارم على الأسلحة الصاروخية، وإبقاء العقوبات الأميركية والغربية ريثما تثبت طهران النوايا الحسنة، والالتزام بكل بند من بنود التفاهم إنما يطمئن الأكثرية خارج الكونغرس إلى أن السياسة الأميركية لا تتراجع!!.

والحقيقة، أن أحداً لا يقول ان الأمور بين واشنطن وطهران سمن على عسل، ففي تكريت وقف الجيش والحشد الشعبي – شيعي – شهراً ونصف الشهر أمام أبواب «مدينة صدام»، وبقي التحالف خارج سماء تكريت حتى طلبت حكومة العبادي المساندة علناً وخطياً. وحتى انسحب الحشد الشعبي!!. وفي اليمن لم تتعامل واشنطن مع حلفائها على طريقة «النأي بالنفس» اللبنانية فقد اعلنت الاسراع في تزويد قوات عاصفة الحزم بالذخائر، وقطع الغيار، ووقود الطائرات في الجو – وطبعاً ليس فوق اليمن - ، وأدانت تدخل إيران في صراع داخلي بحت!!.
طريقة واشنطن وطهران في مرحلة ما قبل التوقيع على تفاهم لوزان رسمياً، هي طريقة: هبّة باردة وهبّة ساخنة المعروفة، في جعل الأشياء المرفوضة تتغير إلى شبه مقبولة، ثم إلى مقبولة تقريباً!!.
وهي الطريقة التي لم ينجح المصريون ولا الأردنيون في تعاملهم مع معاهدات السلام والتطبيع. وفشل الفلسطينيون والإسرائيليون في تبليع الناس حلّ الدولتين. فاتفاقات أوسلو وقفت عند الحكم الذاتي.. الأمر الذي أتاح لإسرائيل ابقاءها عشرين عاماً معلّقة بين الحكم الذاتي والاحتلال!!.
إن الأميركيين يراهنون الآن على أنماط من التغيير الداخلي الإيراني. فشعار الموت لأميركا يشبه المزحة الآن. وحتى شعار الموت لإسرائيل تحوّل إلى مناطق مُحرّمة على المقاومة أو الممانعة في جنوب لبنان وفي الجولان. وصار: الموت للإرهاب.. السُنيّ طبعاً!!.
فالإيرانيون أُتخموا بالبقاء في الشارع، أو في الخنادق أكثر من أربعة عقود، وحقَّ لهم أن يعيشوا كما تعيش شعوب الدنيا دون حرب، ودون عقوبات وحصار، وصاروا يتوقون إلى علاقات عادية مع دول العالم وشعوبه!!.
إن الرئيس أوباما بتصالحه مع كوبا، وبإعلانه أن الولايات المتحدة ليست معنية بالهيمنة على القارة، إنما يوجه رسالة تغيير.. وان غير واضحة. فالعالم تعوّد على القوة العسكرية. وها أنه غير مُصدّق رئيساً أميركياً جاء والده من إفريقيا، ويعلن انسحابه من أفغانستان والعراق، ويتراجع عن الهيمنة على وسط وجنوب أميركا. ويحاول أن يجد صيغة تعايش مع الدول الدينية في الشرق الأوسط. فلا يجد من العالم ومن بلده سوى تهمة: الرئيس الضعيف!!. فالعالم اعتاد على الرئيس المحارب!!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة