هناك مساحة للحرية في اي بلد ترتفع وتنخفض حسب الاجواء السياسية , وابرز تعابير الحرية تتجلى في الكتابة , فالكلمة تعبير عن حالة نفسية تتأثر بمحيطها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وتكون شاهدا على الشخص والمرحلة في آن واحد وكثير من التحاليل والدراسات عن السابقين عرفناها من خلال ما كتبوه , وانغمس التحليل اكثر للوصول الى حقيقة واقع ذلك الشعب او البلد من خلال تفكيك النصوص واعادة مطابقتها مع الواقع .
هذه الميزة ستفتقدها الاجيال القادمة اذا ما اعادت قراءة النصوص الحالية التي تتبدل بتبدل المكان , فالكاتب الذي يسطر قلمه كلمات في بلده تتناقض تماما مع ما سطره القلم خارج البلد , وتحديدا اذا ماكان الاغتراب خارج الجغرافيا العربية , فهو اكثر جراءة وليس جرأة , وفيه من العبارات المتعاكسة مع واقع الكتابة الداخلية والخارجية ما يعصف بذهن اي محلل او قارئ حالي ولاحق , طبعا لا نتحدث عن الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي وجدرانها ولا عن تعليقات القرّاء على المواقع الالكترونية , فهذه كتابة جبانة بثوب جريء لانها تغفل الاسم وتكون غالبا بأسماء مستعارة او بصفحات مسروقة.
الكاتب في الوطن العربي يكتسب جرأة من الغربة وتتضاعف الجرأة اذا ما حصل على جنسية بلد الاغتراب , وهنا لا نتحدث عن الكُتاب الذين هربوا من تعسف أي سلطة بل عن الكتاب الذين سحرتهم أضواء الغرب فرحلوا بحثا عن متعة حياتية او تنفيذا لعقد عمل , لانهم يتحولون الى اشياء لا نشبهها ولا نعرفها ولو قارنا بين ما كتبوه هنا وما كتبوه هناك لاصابتنا حالة انفصام , اما الكُتاب الذين هربوا من التعسف والتسلط فهم بالمناسبة اكثر موضوعية وصدقية من كُتاب اليمين المتجدد او الربيع الاسود , الذين يطحنوننا هنا وهناك وغضبهم فردي يرتدي رداء العموم .
الجراءة في الكتابة ليست الجرأة على اي مقياس , فالجرأة لا تتغير في الداخل او الخارج في حين ان الجراءة مُكتسبة وتتغير بتغير الجنسية الجديدة وبلد الكتابة , ورأينا معارضين عربا في مرحلة الربيع العربي انقلبوا الى ثوار منذ النشأة وكأن كتبهم ومقالاتهم غابت او انقرضت , ورأينا من غادر للمتعة او لتحسين ظروف حياته , كيف انقلب معارضا شرسا لم تنسحب القوات الرسمية من امام منزله يوما ولم يغادر الزنزانة الا للتنظيف .
يكشف الربيع العربي كل يوم عن حجم تناقضات مرعبة في النفس , تقرأ لمعارض شرس كيف يتحدث بمنتهى الكياسة عن وزير اعلام عربي وكيف يكتب اسم الوزير العربي مسبوقا بكل الالقاب والنياشين فيما يُلحق كل القذائع بوزير بلده , علما بأن الوزير الاردني المشابه في المنصب للوزير العربي اكثر فهما وارقى اكاديمية ولم تتلوث يداه بالدم كما الوزير العربي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو