عندما صمت، وابتسم، ووافق رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أثناء المشاورات النيابية على المذكرة التي قدمها النائب مفلح الرحيمي باسم 12 نائبا ينتمون إلى عشائر بني حسن، من اجل عقد اجتماع معهم، أسوة بالكتل البرلمانية، فهذا نتيجته الأحداث المؤسفة التي تشهدها جامعة مؤتة وضواحيها منذ أيام.
وعندما تُعالج القضايا الكبرى بأسلوب الطبطبة وبوس اللحى، ويتم التباهي بتجاوز دولة القانون، ويتم الحديث عن المحاصصة والجهوية والمناطقية، و'أنا وابن عمي على الغريب..'، وانصر أخاك ظالما أو ظالما...، وأسيادكم في الجاهلية أسيادكم في الإسلام، وتتوسع لغة الكراهية والحقد والسموم بين نسيج المجتمع، فإن النتيجة المتوقعة، مشاجرات ومسيّل للدموع، في عموم جامعتنا، حتى تصل إلى طالب قانون يطعن زميله بسكين، والرحمة على روح طالب مؤتة الذي سقط صريع الغاز والفوضى.
ما يحدث يفتح على ما جرى الأسبوع الماضي في مجلس النواب عندما ناقش وضع اللاجئين السوريين في الأردن، حيث كان من الطبيعي أن يتم إدراج القضية على جدول أعمال مجلس النواب، وذلك في ضوء الصراع الدموي المرير القائم على أرض سورية بحمولته العربية والدولية الثقيلة، خصوصا وأن قرارات القمة العربية الأخيرة بخصوص مقعد سورية، من شأنها أن تطيل عمر الصراع الدموي، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الهجرات للدول المحيطة خصوصا الأردن.
الالتزامات السياسية والأخلاقية المفروضة على الأردن نتيجة هذه الأوضاع تستلزم التعامل معها من قبل السلطة التشريعية بكثير من الحكمة والاتزان والمساهمة في إيجاد حلول تخفّف من وطأة هذه الأعباء والتكاليف الباهظة، في ظل شحّ المساعدات وتفاقم الأوضاع المعيشية والسياسية الداخلية أصلا.
هذا ما كان الجميع يتوقعه عندما فُتح باب النقاش في مجلس النواب، ولكن المفاجأة الصادمة، كانت عندما انحرف النقاش بصورة متعمدة من قبل بعض النواب الذين أثاروا قضية اللاجئين الفلسطينيين، والمطالبة بحق تجنيس أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين!.
إن زجّ قضية اللاجئين الفلسطينيين في هذا السياق ليس من شأنه سوى إثارة الفتن الداخلية، والتحريف المغرض وعدم الانضباط للحقائق التاريخية التي تربط الشعبين الأردني والفلسطيني بعلاقات متميزة نتيجة عوامل وظروف موضوعية عديدة.
إن إثارة قضية اللاجئين الفلسطينيين يجب أن توجّه فقط ضد الاحتلال الصهيوني العنصري الذي تسبّب في طردهم من وطنهم وينكر عليهم حق العودة إلى الأرض والديار التي أُخرجوا منها بالقوة.
هذا هو المطلب الرئيسي الذي تتبناه الحركتان الوطنيتان الأردنية والفلسطينية، فاللاجئون الفلسطينيون في الأردن بحكم التداخل السياسي والروابط التاريخية هم مواطنون أردنيون يشكلون جزءا من النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد ولهم كامل الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور الأردني. في الوقت ذاته فحقهم التاريخي في العودة إلى وطنهم مكفول في قرارات الشرعية الدولية رغما عن السياسات العدوانية الصهيونية التي تعتبر إنكار هذا الحق واحدا من ثوابتها السياسية.
لندقق في ظاهرة الاستخدام السياسي للقضية الوطنية الفلسطينية من قبل بعض الاتجاهات، تحديدا عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية الأردنية المطالبة بالإصلاحات السياسية، إذ لجأت قوى الشد العكسي إلى محاولات إثارة الفتن الداخلية على أساس إقليمي دون ان تعبأ هذه الاتجاهات بالآثار الانقسامية والداخلية في مواجهة مشروع الإصلاح الديمقراطي الذي من شأنه صهر الجميع في بوتقة المصالح الوطنية العليا.
فمن هم هؤلاء الذين يستقوون على وحدة الوطن والشعب ويتجاوزون ويغضون النظر عن أماني الشعب الأردني والفلسطيني في الإصلاح والتطور والحرص كل الحرص على الدفاع عن حق العودة إلى الوطن والديار ومحاربة ما يسمى بالوطن البديل والتوطين؟!
اللاجئون السوريون ـ مهما كان عددهم في الأردن ـ فوجودهم طارئ ومرتبط بحسم الصراع الداخلي مهما طال أمده، لكن اهمس في أذن بعض النواب: لا تزجّوا بالقضية الوطنية الفلسطينية في زواياكم الضيّقة، لأن العدو واحد، وشهيته التوسعية تتعدى حدود فلسطين إلى الأردن وكل المنطقة العربية.
لا تلعبوا بالنار، فالأعصاب مشدودة على وتر التطرف نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية أولا، وفقدان البوصلة ثانيا، وغياب الحكمة ثالثا، والفوضى لا تحتاج اكثر من حجر من مجنون، والمجانين كثر.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو